العدد 1106 - الخميس 15 سبتمبر 2005م الموافق 11 شعبان 1426هـ

حكومة التعميريين

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تشكلت الحكومة الايرانية الجديدة حسبما كان متوقعا لها، توليفة "تعميرية" متجانسة ايديولوجيا استغنت عن الكثير من تيارات وسط اليمين والقوى المحافظة التقليدية فضلا عن التيارات اليسارية الدينية المعتدلة، وعلى رغم أن الرئيس أحمدي نجاد أكد قبل ذلك أن معايير اختيار وزراء الحكومة التي سيشكلها هي الالتزام والتخصص والعفة والفعالية والشجاعة والشعبية والتوافق والمرونة؛ فإن هذه المعايير أيضا يمكنها أن تنطبق على الكثير من الشخصيات الموجودة خارج ائتلاف رواد إعمار إيران الإسلامية، وإذا كان أحمدي نجاد لا يريد تشكيل حكومة تحتكم إلى توازنات الأحزاب والحصص فعليه على أقل تقدير اللجوء إلى مجلس التنسيق بين قوى الثورة الذي تمرد عليه قبيل الانتخابات. عندما شكل الرئيس محمد خاتمي حكومته الأولى كان المستوزرون فيها "في غالبيتهم" أشخاصا محسوبين على التيار الإصلاحي الذي لم يتبلور حينها بالشكل الحالي بعد، إلا أن الحكومة ضمت أشخاصا من تيارات أخرى فقد شارك فيها كوادر الإعمار كيمين صناعي من خلال عطاء الله مهاجراني ومحمد هاشمي وحسين مرعشي بل حتى رابطة علماء الدين المجاهدين "روحانيت مبارز" وهي اليمين التقليدي الداعم لمنافس خاتمي وهو علي أكبر ناطق نوري شاركت بأكثر من وزير عبر الشيخين علي يونسي وقربان دري نجف آبادي، أضف إلى ذلك فإن خاتمي وعلى رغم أنه تنظيميا ينتمي إلى مجمع علماء الدين المناضلين "روحانيون مبارز" إلا أنه لم يمكنهم غالبية تنفيذية في المجلس الوزاري، بل منحهم وزارة واحدة وهي الداخلية عبر موسوي لاري وعدد من المناصب الاستشارية والمساعدة من خلال أبطحي وموسوي خوئينيها وأكبر محتشمي، كما أبقى ثلاثة من وزراء حكومة هاشمي رفسنجاني في مناصبهم "العدل والعمل والزراعة" بينما أحمدي نجاد لم يبق إلا وزير المواصلات! الإشكال ليس في جلب وزراء جدد فهذا حق لأي حكومة جديدة إلا أن الخطأ هو الغربلة العنيفة للشخصيات ثم حصرها في أذواق معينة ومحدودة وهو باعتقادي ما دفع بالخبير الاقتصادي العتيد خوش جهرة لأن يمتنع عن الانضمام للحكومة النجادية على رغم قربه من الرئيس ومن التعميريين أيضا. إن تضييق دائرة التمثيل الإجرائي ستفضي لا محالة إلى انشقاقات وولادات جديدة في المسطرة المحافظة إذ ستزحف القوى المتنافرة نحو بعضها بعضا وتفترق أخرى مشكلة فرصة سانحة لتبدل راديكالي في التحالفات وبالتالي إيجاد خريطة جديدة للتوازنات الحزبية، وهو باعتقادي مجال خصب للشيخ هاشمي رفسنجاني لأن يعيد ترميم جبهة الاعتدال عبر سحب البساط من تحت المراهقين السياسيين في جبهة المشاركة ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية وتحكيم الوحدة، والخروج بتشكيل جديد تمتزج فيه المحافظة مع الاعتدال يكون بمثابة حكومة الظل والمعارضة المسئولة خارج البرلمان وفي التشكيلات النافذة الأخرى، وخصوصا أن الخطاب السائد صممته الجماعات السياسية الرئيسية في إيران، واستثمار مدى قدرة حكومة أحمدي نجاد على التعامل مع المشكلات التي خلفتها الحكومة السابقة من قبيل التحرير الاقتصادي والخصخصة وتقليص الجهاز الإداري للدولة وحل الشركات الحكومية وعدم الاهتمام بإحلال رأس المال الوطني مكان الاستثمارات الحكومية وإهمال نظام الضمان الاجتماعي والتزايد المطرد في حجم الواردات ونمو رأس مالية السمسرة وما أفضت إليه تلك السياسات من مشكلات اقتصادية واجتماعية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 1106 - الخميس 15 سبتمبر 2005م الموافق 11 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً