انسحبت كل الجمعيات الأهلية "70 جمعية مسجلة في كشف الحضور" التي حضرت ورشة عمل أعدتها وزارة الشئون الاجتماعية التي افتتحتها الوزيرة فاطمة البلوشي لمناقشة وتفسير بنود المرسوم بقانون رقم "21" للعام 1989 "قانون الجمعيات الأهلية"، محتجين على آلية عقد الورشة ومناقشة قانون وصفوه بأنه "مرحوم بقانون وليس مرسوما بقانون" مطالبين الوزارة بتبني قانون لجنة تفعيل الميثاق الذي أعدته الجمعيات ونخب من مؤسسات المجتمع المدني برعاية ولي العهد، بدلا من تعديل القانون الحالي "السيئ الصيت" على حد وصفهم. من جانبها، أكدت البلوشي في افتتاح الورشة أن القانون الحالي "رصين وجيد"، كما أنه يوجد في مجلس النواب قانون آخر بديل للقانون الحالي إلا أن الوزارة رأت ضرورة أن يتم إدخال تعديلات على القانون بدلا من استبداله، وذلك عن طريق رفع مرئيات الوزارة والجمعيات الأهلية في القانون الحالي للسلطة التشريعية للمفاضلة بين القانونين. وتشنجت الورشة بعد أن غادرت الوزيرة وترأس الجلسة المستشار القانوني للوزارة الذي دعا الحضور إلى كتابة مرئياتهم على القانون وتسليمه إلى رئاسة الجلسة، إلا أن الجمعيات رفضت ذلك، معتبرة أن الورشة عقدت للحوار وليس لكتابة المرئيات على القانون. وأعلنت معظم الجمعيات بعد الانسحاب أن القانون الحالي لا يصلح للنقاش، لتخلفه عن العهود الدولية التي انضمت إليها المملكة. من جهتها، "طالبت جمعية المحامين الحكومة بتعزيز ثقتها بمنظمات المجتمع المدني واعتبارها شريكا حقيقيا في القرار والتنمية بجميع أشكالها، وتلمس الابعاد الديمقراطية التنموية للقوانين ذات العلاقة". وأضاف رئيس جمعية المحامين عباس هلال "ان قانون "89" الذي ينظم أعمال الجمعيات الأهلية ألحق أضرارا فادحة بالبحرين والحراك المدني بقيوده التعسفية والذي ألقى بظلاله على تنمية المجتمع المدني وعكس نظرة الخوف والتوجس في هذه المنظمات". معتبرا "ان هذا القانون أثر من آثار قانون أمن الدولة".
الجفير-هاني الفردان
طالب ممثلو الجمعيات الأهلية "110 ممثلين عن 70 جمعية بحسب كشف الوزارة للحضور" الذين شاركوا في ورشة عمل أعدتها وزارة الشئون الاجتماعية بحضور الوزيرة فاطمة البلوشي لمناقشة وتفسير بنود المرسوم بقانون رقم "21" للعام 1989 "قانون الجمعيات الأهلية" بضرورة استبدال القانون الحالي بقانون يناقش في مجلس النواب أعدته لجنة متخصصة من مؤسسات المجتمع المدني وخبراء في لجنة تفعيل الميثاق برئاسة ولي العهد. إلا أن البلوشي أكدت في افتتاح الورشة مبدأ التعديل لا استبدال القوانين، مشيرة إلى أن القانون الحالي قانون "رصين" وجيد، وان غالبية الجمعيات الأهلية لم تقرأ القانون الموجود. وشهدت الورشة بعد خروج الوزيرة وترؤس المستشار القانوني للوزارة الجلسة مشادات وتشنجات واصطدامات في الرأي أدت في نهاية المطاف إلى انسحاب جميع الممثلين عن الجمعيات الذين حضروا الورشة، مطالبين بعقد لقاء جديد توضح الوزارة من خلاله أهداف اللقاء بشكل صريح، وان تحدد الجمعيات موعد اللقاء. وأكدت الوزيرة في بداية اللقاء الهدف من الورشة وهو خلق جو من الشراكة الاجتماعية بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المدني لسماع رأيهم بشأن قانون الجمعيات المعني بتسيير أمورهم، وخلق نقطة وسط لالتقاء الأطراف المعنية بالقانون. وأشارت البلوشي إلى أن الكثير من الجمعيات الأهلية لديها تحفظات وانتقادات وآراء على القانون الحالي، موضحة أن النقاش انطلاقة إلى بداية حوار مشترك بين جميع المعنيين. وقالت البلوشي: "أعلم بأن المجالس التشريعية تناقش قانونا بديلا للقانون الحالي، وعندما تسلمت الوزارة كان القانون قد خرج من مجلس الشورى إلى مجلس النواب"، مؤكدة أن القانون الحالي قانون "رصين وجيد". وأضافت أن ما تعرفه عن القوانين بأنها لا تستبدل، وإنما تطور وتعدل لأكثر من مرة، كما أن مرئيات الوزارة وتعديلاتها بشأن القانون سترفع مع مرئيات الجمعيات على القانون إلى المجالس التشريعية. وقالت البلوشي: "ان الهدف الرئيسي من أي قانون وضع لتطوير قطاع معين وهو القطاع الأهلي والجمعيات باعتبار أن هذا القطاع انشأ لمصلحة المواطنين، ومن الضروري وضع هذه المصلحة في الاعتبار. ومن بداية الورشة وضع المستشار القانوني أسسا للحوار مبنية على أن الحوار بين طرفين جهة إدارية ممثلة في الوزارة وجهة مؤسسات المجتمع المدني، مشيرا إلى ضرورة احترام الآراء وتفهم وجهات النظر وتغليب المصلحة وأن يكون الحوار وديا. وسرد المستشار ملاحظة قانونية تنص على أنه "من المعلوم أن السياسة التشريعية في كل دولة تتميز بالثبات والاستقرار في مجمل القوانين والتشريعات، ومن استقراء هذه السياسة التشريعية يمكن للباحث والمدقق معرفة مدة الاستقرار في أي بلد "...""، مؤكدا انه لا عيب ولا ضير في أن يعدل القانون، داعيا إلى عدم العودة إلى الماضي والنظر إلى المستقبل. ودعا المستشار الحضور إلى كتابة مرئياتهم على القانون في الوقت نفسه وتسليمه إلى رئاسة الجلسة، إلا أن الجمعيات رفضت ذلك، معتبرة أن الورشة عقدت للحوار وليس لكتابة المرئيات على القانون.
لجنة تفعيل الميثاق
بعد محاولة مستميتة من قبل ممثلي الجمعيات للحديث ونقط النظام قاطعت ممثلة الاتحاد النسائي فاطمة الرويعي وتداخلت مؤكدة أن لجنة تفعيل الميثاق شكلت لجنة لوضع قانون جديد، وتشكلت اللجنة من الوزارة المعنية وأعضاء من المجتمع المدني ولمدة ستة أشهر وضعوا خلالها قانونا عرض على الجمعيات الأهلية لمناقشته ورفع إلى لجنة تفعيل الميثاق التي يترأسها ولي العهد، وبعد ذلك رفع هذا القانون إلى السلطة التشريعية. وأضافت أن مجلس النواب طلب من الجمعيات مرئياتها على هذا القانون وسلمت له، متسائلة هل بعد كل ذلك تضيع الجهود ونعود من جديد من نقطة الصفر لنناقش القانون الحالي.
لماذا كل القوانين تستبدل إلا هذا؟
وتساءل رئيس جمعية الحكمة للمتقاعدين البحرينية سعيد السماك عن الأسباب التي تجعل وزارة الشئون الاجتماعية متمسكة بعدم استبدال هذا القانون في حين أن قوانين التجارة والاقتصاد تستبدل بما يتوافق والتطورات الإصلاحية التي تشهدها المملكة. وقال السماك: "نحن غير مقتنعين بانطلاق هذا الحوار"، داعيا إلى انطلاق الحوار من حيث انتهى في السابق في لجنة تفعيل الميثاق وليس البدء من جديد، منتقدا الطرق الفوقية في فرض القوانين والأمور. ورد السماك على دعوة المستشار التي أثارت الجدل في الورشة إلى كتابة الجمعيات مرئياتها وملاحظاتها على القانون وتسليمها إياه في الوقت نفسه، قائلا: "ليس من المعقول كتابة ملاحظات الجمعية على الوزارة في الوقت نفسه، وكان المفروض من الوزارة مخاطبة الجمعيات وطلب المرئيات بشكل مكتوب وواضح"، مؤكدا انه لا داعي إلى هذا اللقاء في ظل عدم وضوح الهدف منه. ودعم عضو جمعية مراقبة حقوق الإنسان فيصل فولاد ما قاله السماك، معبرا عن استغرابه وقلقه من اطروحات الوزارة بشأن القانون، رافضا العودة إلى أجواء العام .1989 وقال فولاد: "ان الأمم المتحدة تناقش الآن إصلاح نفسها، فما بالك بقانون الجمعيات الأهلية "الذي نحن في حل منه"، مشيرا إلى أن الشراكة والآلية التي تسير عليها الوزارة لا تعبر عن الشراكة الحقيقية، وان الوزيرة جاءت من رحم العمل المؤسساتي ولابد من أن تكون الورشة منظمة بشكل صحيح.
لابد من وجود الوزيرة
وطالبت ممثلة جمعية أوال النسائية فاطمة ربيع بوجود وزيرة الشئون الاجتماعية فاطمة البلوشي في النقاش وورشة الحوار التي ستعقد في وقت لاحق، مشددة على ضرورة وجودها باعتبارها المعنية والتي ستتحدث في مجلس النواب مدافعة عن القانون. وأكدت ربيع أن معظم الجمعيات الموجودة جمعيات قديمة لها باع في العمل المؤسساتي، مشيرة إلى أن الجمعية ناقشت القانون الحالي ورفعت مرئياتها إلى الوزارة، فأين هي هذه المرئيات؟ ومن جانبه، اقترح ممثل جمعية المنامة الثقافية صالح القطري بأن تقر الوزارة بوجود خلل في التنظيم وتفض الورشة وتدعو إليها من جديد مع توضيح أهدافها.
ما الهدف من الورشة؟
ووجه ممثل جمعية الجودة خالد بومطيع سؤالا إلى رئيس الورشة مستشار الوزارة عن هدف الورشة؟ ورد المستشار بأن الوزارة لا يمكن أن تقدم مرئياتها إلى مجلس النواب بشأن القانون الحالي بشكل منعزل من دون رأي الجمعيات. وقال بومطيع: "الوزارة تريد مرئيات الجمعيات بشكل مكتوب، ومن الممكن ان يتم تسليمها له لاحقا". بعد ذلك ارتفعت وتداخلت الاصوات واعلنت معظم الجمعيات انسحابها من الورشة احتجاجا على آليتها وطريقة ادراتها ما حدا برئيسها "المستشار" تدارك الوضع بانهاء الجلسة بشكل اضطراري لتنسحب كل الجمعيات منها مباشرة.
أكدت وزيرة الشئون الاجتماعية في حديث مع "الوسط" أنه "لا توجد أية مشكلات مع الجمعيات الأهلية، وأن الحكومة تسعى للتواصل والانفتاح على مؤسسات المجتمع المدني"، مشيرة إلى وجود خطأ في التنظيم أدى إلى حدوث سوء فهم بين الوزارة والجمعيات، ولن يتم غلق باب الحوار مع الجمعيات وأشارت إلى أن الرسالة التي بعثتها الوزارة إلى الجمعيات كانت واضحة في تحديد أهداف الورشة وهي مناقشة وتفسير بنود المرسوم بقانون رقم "21" للعام 1989 "قانون الجمعيات الأهلية". كما قالت ان الوزارة ستكون مع الجمعيات وستتواصل معهم بشأن القانون، بغض النظر عن الحساسية التي تعيشها بعض الجمعيات، مشيرة إلى أن الوزارة ستعمل على تدارك ما حصل، وأنها على استعداد لتحديد موعد آخر لمناقشة القانون والسماع لمرئيات الجمعيات.
العدد 1106 - الخميس 15 سبتمبر 2005م الموافق 11 شعبان 1426هـ