العدد 1105 - الأربعاء 14 سبتمبر 2005م الموافق 10 شعبان 1426هـ

ندوة لندن ... وماذا بعد؟

مر علينا وقت ليس بالقصير في عمر الإنسان، مر علينا قرابة الأربع سنوات من عمر المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. من حقنا أن نختلف مع الحكم بأن هناك جانبا أساسيا وحيويا مما تم الاتفاق عليه في ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه شعب البحرين حقيقة وبصدق متناه وإلى أبعد الحدود تصويتا قارب من الاجماع الوطني، هذا الجانب قد تمت مخالفته، وهو الجانب المتعلق بالتعديلات الدستورية التي تمت الإشارة إليها في ميثاق العمل الوطني، وتم تأكيد فحواها من قبل أركان الحكم قبل أن نتوجه لصناديق التصويت. والآن وبعد مرور هذه الفترة وملف التعديلات الدستورية مازال يراوح مكانه، ولم نلمس لدى الحكم ما يشير إلى وجود استعداد جدي لديه لفتح حوار وطني بشأن هذه الإشكالية التي أصبحت تؤرق الجميع، وتسيء إلى الكثير من الإنجازات والإيجابيات التي تمت في عهد جلالة الملك، هناك سؤال مطروح على الجميع: وماذا بعد؟ لاشك أن هناك إصلاحات إيجابية قد حدثت مع مجيء جلالة الملك لا يستهان بها ولا يمكن التقليل من شأنها، ولكن التركة تبقى ثقيلة ومثقلة بملفات ضخمة تتمثل في الفساد الإداري والمالي وما يرافق هذا الملف من بطالة وفقر وتمييز بأشكال متنوعة ومختلفة إضافة إلى ملف التجنيس، من دون خلط بين من تم تجنيسهم وهم يستحقون الجنسية البحرينية بجدارة واستحقاق، وبين من تم تجنيسهم من دون أسباب مقبولة ومبررة. لاشك أن هناك صراعا ضاريا بين طموحات الناس المشروعة والمشروع الإصلاحي وطموحاته من جهة وبين سارقي المال العام من جهة أخرى، ومن البديهي أن هؤلاء لن يسلموا رقابهم طواعية، لذلك نعتقد أنهم وراء كل القوانين المقيدة التي صدرت أو التي ستصدر لاحقا. قد نتفق وقد نختلف مع الذهاب إلى ندوة لندن، وقد يرى البعض أنه لا يجوز لنا الذهاب والحديث في مثل تلك القضايا التي تم طرحها في لندن وأن المجال هنا لطرحها والحديث فيها متاح وليست هناك أية قيود عليها. لنا رأي قد يكون سلبيا تجاه بعض المشاركين في تلك الندوة وخطابهم الذي نرى أنه لا يخدم قضايانا الوطنية وفيه بعض التجاوزات التي يجب الوقوف ضدها وعدم المحاباة فيها. لقد صدرت بيانات من بعض الجمعيات الدينية وتوابعها من الجمعيات السياسية والصناديق الخيرية التابعة لتلك الجمعيات الدينية التي لا يجوز لها بالأساس التعاطي مع السياسة بحسب لوائحها وأنظمتها المستقاة من قانون الجمعيات، بيانات تتهم أطرافا من حركتنا الوطنية تهما لا يمكن القبول بها. يجوز لنا أن نتفق وأن نختلف، وقد تناول بعض كتاب الأعمدة الذين لا نشك في صدقهم وإخلاصهم رؤيتهم ولهم الحق في ذلك، ولكن أن نأخذ الأمر على طريقة لا تقربوا الصلاة وننسى وأنتم سكارى، فهو الأمر الذي نختلف فيه. قرأت الأرقام المطروحة في ورقة رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي ابراهيم شريف السيد، ولا أدري هل قرأ الاخوة كتاب الأعمدة الذين كانت لهم وجهة نظر نحترمها ونقدرها بشأن مبدأ الذهاب إلى لندن، أو الذين وقعوا على بيان بعض الجمعيات والصناديق الخيرية، هل قرأوا تلك الأرقام وتمعنوا فيها. إذا كانوا قد قرأوها... لماذا لم يتوقفوا عندها ويناقشوها، لأنه لا يجوز لنا أن نتوقف وأن نتجاوز من دون مناقشتها، فإما أن يكون رئيس جمعية العمل قد تجاوز ووجه اتهامات يكون مسئولا عنها ويجب الرد عليه ومحاسبته، وإما أن يكون على حق في بعض أو في كل ما أورده من أرقام وبيانات. هنا هي المسألة، فالمال العام هو ملك لمواطني هذه المملكة، وملك للأجيال الحالية والمستقبلية، ليس لأحد الحق في التلاعب به. الأراضي العامة والسواحل التي تدفن هي ملك لنا جميعا لا يجوز السكوت على الاستيلاء عليها من دون وجه حق. ويجدر بكتابنا وقيادات الرأي العام ونوابنا الافاضل في مجلسي النواب والشورى أن يتوقفوا عند هذه الأرقام ويفتحوا هذه الملفات من دون وجل أو خوف أو تردد. هل يجوز لنا القبول القوانين تحظر علينا محاسبة أناس نهبوا المال العام أو استولوا على الأراضي العامة قبل 2002؟ هل تسقط هذه الجرائم بمثل هذه القوانين؟ لصاحب الحق فقط أن يتنازل عن حقه، ولا أعتقد أن هناك أحدا من شعب البحرين قد تنازل عن هذه الحقوق، كما أنه لا يحق لنا أن نتنازل عن حقوق هي متعلقة بأجيالنا المقبلة. فأنا وحدي صاحب الحق في التنازل عن حقي تجاه من عذبني لدرجة كان فيها الموت أرحم من التعذيب، فلا يحق أن يتنازل عن حقي هذا أي كان إلا بموافقتي بعد ان يقر الجلاد ويعتذر. عندما يقول شريف في ورقته أن هناك اختفاء أكثر من 135 مليون دولار من حساب 2003 الفعلي لتمويل مصاريف خارج الموازنة، فإنه من الواجب على نوابنا الأفاضل فتح هذا الملف، خصوصا أنه متعلق بفترتهم النيابية وليس قبل ،2002 بدل أن يشغلوا وقت المجلس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. عندما يقول شريف من واقع الأرقام التي أتى بها ان هناك دخلا مفقودا من كل برميل في العام 1998 يعادل 8 دولارات، وان هناك دخلا مفقودا من كل برميل في العام 2003 يعادل 10,3 دولارات، أليس من الواجب مناقشته حتى نصل إلى تأييد ما جاء به أو تفنيده؟ وفي الحال الأخيرة وجبت محاسبته، لأنه مثلما يجب محاسبة من يستولي على المال العام، فإنه يجب محاسبة من يأتي ببيانات غير حقيقية. عندما يتساءل شريف من واقع الأرقام التي جاء بها عن اختفاء أكثر من 90 مليون دينار من إيردات لا يتم احتسابها من الاستثمارات، ألا يتوجب الوقوف عند هذا الرقم والتحقق من أين اختفى مثل هذا المبلغ! عندما يحلل شريف قضية الأراضي، عندما تقوم الحكومة الآن بدفن البحر وإعادة شراء أراض تم توزيعها مجانا للقيام بمشروعات إسكانية جديدة، الأمر المكلف جدا ماليا وبيئيا، ألا يحق لنا ولكل المخلصين الغيورين أن نتساءل؟ إنه دعما وسندا للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك أن نقول إما أن يكون شريف محقا كليا أو جزئيا فيما جاء به من أرقام وتحليل، ونفتح هذا الملف على مصراعيه للمساءلة والمحاسبة، وإما أن يكون شريف مخطئا ومتجاوزا وتجب محاسبته. فأين هم نوابنا الأفاضل وقبل أن تنتهي فترتهم النيابية، ونتذكرهم بكل خير وعرفان لهم قبل أن يرحلوا. فهل هم قادرون؟

العدد 1105 - الأربعاء 14 سبتمبر 2005م الموافق 10 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً