البلاد القديم، الاسم الذي يوحي بعهد قديم ضارب بجذوره في تاريخ البحرين، الأرض التي يفوح منها عبق الماضي التليد، المنطقة التي تدل على عراقتها الآثار التي تطوقها تطويقا من "مسجد الخميس" مرورا بـ "بمسجد جمالة" وانتهاء بأسماء العيون المطمورة التي أغرقت هذه المنطقة أمدا طويلا بمياه عذبة فجرت من حولها البساتين الخضراء المرصعة بالنخيل الباسقات. هذه المدينة التي لم يستطع اسم أن يعكس مدى أصالتها وقدمها وماضيها فأطلق عليها الناس "البلاد القديم". بعد مرور السنوات الكثيرة على "سوق الخميس"، الخميس التي هي ضاحية من ضواحي البلاد القديم، وبعد مرور التاريخ على "مقبرة أبوعنبرة" التي تضم مئات العلماء، والتي كان أهل البلاد القديم يدفنون موتاهم فيها، وبعد انصراف الدهر على "منارتي الخميس" اللتين كانتا جامعا لأهالي البلاد القديم، بعد مرور الزمن على كل ذلك يتبين أن القديم ليس "البلاد القديم" فقط، وإنما حتى إهمالها كاسمها قديم أيضا. ما الجديد في البلاد القديم، غير الشارع الذي يبدأ من مدرسة الخميس، وينتهي عند مسجد الصبور، والذي تم إنشاؤه أخيرا؟! لا جديد تحت شمس "البلاد القديم"، المنطقة المنفية عنها أهم الخدمات، فلا سوق على رغم ريادتها في احتضان أعرق سوق في تاريخ البحرين وهي سوق الخميس، ولا مركز اجتماعيا على رغم اجتماع الجميع حول منارتيها لنيل العلم في "المشهد" الذي خرج آلاف دواهي العلم وبهاليله، ولا جامع واحدا يجمع أهالي البلاد في صلاة الجمعة كما كان أجدادهم الأوائل يجتمعون في "مشهد الخميس" ولا مشروع إسكانيا واحد! "ولا هم يفرحون"! زيارة وزير الأشغال والإسكان التي قام بها إلى منطقة البلاد القديم أمس الأربعاء أكدت أن لا جديد في "البلاد القديم" حتى يبقى قديمها قديم، وجديد غيرها حديث، لذلك أكد الوزير للأهالي عدم شمول موازنة الدولة للعامين 2005 - 2006 أي مشروع إسكاني جديد في البلاد القديم! على رغم أن جلالة الملك وجه توجيها صريحا إلى المسئولين بضرورة إنشاء "مشروع إسكاني جديد" في "منطقة البلاد القديم" فكان الأمل كبيرا في أن تخرج "المنطقة القديمة" من قدمها، فتدخل عهدها الجديد، بمشروع جديد يزيح الغبار عن "إهمالها القديم"، إلا أن زيارة وزير الأشغال الإسكان لم تؤكد إلا ضرورة إبقاء البلاد القديم قديما قديما قديما حتى لا تفتقد المنطقة شيئا من عبقها القديم
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1105 - الأربعاء 14 سبتمبر 2005م الموافق 10 شعبان 1426هـ