العدد 1105 - الأربعاء 14 سبتمبر 2005م الموافق 10 شعبان 1426هـ

الدعم الحكومي للخبز

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

طرقت "الوسط" يوم أمس موضوعا بشأن اعتزام أصحاب المخابز زيادة سعر شرائح الخبز "حجم الرغيف المعادل لنصف كيلوغرام من الطحين" من 100 فلس إلى 200 فلس الشهر المقبل، ما لم تتدخل الحكومة وتوضح موقفها من استمرار "أو عدم استمرار" الدعم المباشر "أو غير المباشر" للمخابز. سعر الخبز لم يتغير منذ ثلاثين عاما، والسبب يعود إلى الدعم الرسمي، ولكن الأوضاع تتغير أيضا، وأصحاب المخابز يقولون إن معظم المعدات والتجهيزات المستخدمة في المخابز الآلية مستوردة من خارج البحرين وجميع الشركات المصنعة لهذه المعدات تقوم برفع أسعارها بنسبة 5 في المئة سنويا، وإن هذه الاسعار تغيرت على مدى 30 سنة "من 1975 إلى 2005". وعليه، يطالب أصحاب المخابز بالالتفات إلى الأمر وإلا فإنهم سيرفعون سعر الخبز بحسب الكلفة الفعلية، وهذا سيكون ارتفاعا بنسبة مئة في المئة على الأقل. المشكلة أن الدعم المباشر من الحكومات يواجه صعوبات كثيرة بسبب تحرير التجارة وتغير قوانين السوق العالمية التي بدأت تسيطر عليها منظمة التجارة الدولية. إضافة إلى ذلك فإن الدعم الحكومي الحالي للطحين العادي سيتعرض لمزيد من الضغط مع ادخال اصلاحات في سوق العمل، ما سيعني زيادة كلف الأيدي العاملة الأجنبية، وهذا سيكون مدخلا آخر لأصحاب المخابز للمطالبة برفع التسعيرة عن السقف المفروض عليها. ومن دون شك، فإن المتضرر الأساسي من ارتفاع أسعار الخبز ستكون العوائل محدودة الدخل، إضافة الى القوى العاملة الأجنبية التي تكتفي بالمعاش المنخفض بسبب توافر الغذاء الرئيسي بسعر منخفض مدعوم من الدولة. سعر الخبز يمثل اختبارا للانموذج الاقتصادي الذي نود اتباعه في البحرين. فتحرير السوق يتطلب زيادة أسعار المواد الاستهلاكية بحسب الطلب، ولكن هناك مواد أساسية مثل الطحين واللحم والدجاج وغيرها تحصل على دعم، وهذا الدعم يحصل عليه جميع الناس حاليا، سواء كانوا أغنياء أو فقراء. من الناحية الواقعية، فإن المفترض أن من يحصل على الدعم هو العوائل الفقيرة فقط والفئات المحتاجة، ويمكن للحكومة أن تصرف هذا الدعم نقدا، كما هو الحال في الدول المتطورة، إذ إن هناك المعونات الاجتماعية التي تصرف للعاطلين عن العمل وتصرف للعوائل الفقيرة، وبهذا يتحقق العدل الاجتماعي. أما حاليا، فإن الغني والفقير يحصلان على دعم للغذاء ودعم لوقود السيارات ودعم هنا وهناك، والنتيجة هي توقف الاستثمارات في المجالات التي تحصل على الدعم الرسمي، وأيضا اختلال معدلات الاستهلاك. فالعوائل المتمكنة لا تشعر بقيمة الشيء لأنه رخيص بالنسبة إليها، وبالتالي فإنها تستهلكه من دون حساب. أما الفقير فيحصل على دعم متساو مع الغني، وهذا ليس عدلا. في الوقت الحالي، أعتقد أن الحكومة متورطة، وربما تضطر إلى الإذعان لمطالب أصحاب المخابز من خلال زيادة الدعم المباشر أو غير المباشر، وخصوصا أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك. لكن المشكلة ستبقى وستطل برأسها لتدعونا جميعا للتفكير في سبيل أفضل لتحقيق العدالة الاجتماعية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1105 - الأربعاء 14 سبتمبر 2005م الموافق 10 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً