العدد 1105 - الأربعاء 14 سبتمبر 2005م الموافق 10 شعبان 1426هـ

استطيقية الفن

المنامة-هدير البقالي 

تحديث: 12 مايو 2017

"لا يستطيع فنان أن يتحدث عن فنه. .. وهل نطلب من النبات أن يتحدث عن الثقافة" هذا ما قاله جون كوكتو ذات مرة، إن جمالية الفن في بساطته، وتعبيره، وإنتاجه بشكل جمالي للطبيعة والحياة. الفن حقيقة قائمة على الإدراك الكامل، والفهم العميق لحقائق الأشياء المتمثلة بصور من ألوان خلابة منتقاة لمجموعة مختزنة من الفكر، وطبعا خلال مراحل من الاضطراب النفسي والجهد الفكري، والذي يتبلور من قطرات الثقافة الغزيرة في قارورة الاتصال الفني. الفن أسلوب جديد للحياة له سماته المرتبطة بعملية انعكاس وخلق لا ينفصلان عن ثقافة الجنس البشري، في اختزال وشرح أجزاء الجمال المتأصلة في خوارق الطبيعة، والرؤى المثالية، ونشوة التخيل، والتذوق الساحر للإدراك الشعوري. وعندما نتحدث عن تذوق الفن والاستمتاع بجماليته فإن أول ما نعنيه هو القيمة الكامنة أو الاستطيقية للفن، وهي القيمة المتمحورة بين متعة العمل الفني ذاته، ومتعة الطبيعة من جانب آخر، بين إدراك الموضوعات من نواح فنية متعددة لتفسيرات الأساطير، ومعتقدات المجتمع آنذاك. إن التكلم عن التعايش الفكري في الفن نوع من العبث، خصوصا لو حاولنا إخضاعه لقوانين ثابتة لا يشوبها أي تغيير على مر الأزمان. والبين أن الأعمال الفنية المتربعة على العرش نمت بحضور المرأة ذات الذوق الحساس بالجمال والحياة الجنسية للنشاط الفني الذي يلازم الإبداع وإطلاق العنان لمبررات مبالغة ومعقدة لتبرير الكثير من الحدس اللاشعوري للمشاعر المتسامية في اللطافة والإثارة. لابد من استلهام إطار المعرفة الحسية مع أول لقاء حميم للعمل الفني، هكذا وجها لوجه، وبهذا نضيف له حقيقة جديدة، ونضيف له تحليلا أخاذا، فيبدو بسيطا وشاملا ومتسعا ومتشعبا وأكثر وضوحا للمعنى في الكشف عن مكنوناته والبوح بها. وهذا ما أفضى به بول كلى "الفن لا يقدم لنا المرئي بقدر ما يجعلنا نعرف كيف نراه". فجاذبية نشوة الألوان الرومانسية في التثاقف والتمازج، بلغات رصينة وعريقة لرموز وأشكال كثيرة. قد تتعلق بموضوعات التكوين لصراع متأصل بأعماق ملموسة، متحررة، داخل خطوط ومساحات مختزلة. وذلك للتعبير عن التجربة الإنسانية والخلود والتنفيس عن رغبات مكبوتة. تثقل الفن في الخط واللون في صمت تأثيري صارخ للعالم الخارجي. الفن الحديث. في توغله على الساحة، يضيف أبعادا خيالية تعبيرية جديدة معاصرة، بلغات مختلفة الاتجاهات، ولا يكتفي بالألوان بل بالتحرر من ورقة الرسم بحد ذاتها. والتجاوز لكل ما هو مألوف في "الاختراع"، هو فن يعيد النظر بخلق حقائق صنعت وابتكرت من أجل جزيئات جديدة في متعة اللغة المستوحاة. الفن، خلع نفسه، بشكل مألوف ومتداول، من الشكل القائم على مضمون ثابت إلى شكل لا حدود له. فاللون له أبعاد متجسدة، ولا يخضع لحدود تخلقها مساحات. لذلك يقول بيكاسو "لكي ترسم... عليك أن تغلق عينيك... وتغني!". ثمة متعة متأرجحة من الداخل والخارج، متسكعة بالفن، وهي متكاملة الإحساس، مرهفة النشوة. تندفع بسراب هائل على سطح المغامرة لابتداع التداخلات والموازنات بين التعارض والانسجام، عبر انطلاق ديناميكية التعبير، والتي تنفرد بها التجارب الثقافية للفن، لتنسلخ وتتولد منصهرة في حركة دائبة ومتشابكة في اللحظة الفنية. أي كمحك ونقطة اتصال بين الفن والثقافة. خلاصة القول لـ "ونستون تشرشل" "الفن من دون تقاليد فنية، مثل قطيع أغنام من دون من يرعاه... والفن أيضا من دون تطور... مجرد جثة!".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً