لأن عرب العراق مختلفون فيما بينهم لأسباب عدة في مقدمتها: من سيحكم العراق؟ نجح الأكراد في فرض أجندتهم على كل العراق عربا وتركمانا وآشوريين ومسيحيين وغيرهم. ومشكلة عرب العراق "سنة وشيعة" أنهم لم يتناحروا بشكل حقيقي حتى الآن على المستقبل، بل هم مشغولون بتفاصيل الخمسة والثلاثين سنة الماضية، وهي سنوات حكم حزب البعث ونظام صدام القمعي في العراق. ولأن الأكراد تعلموا من السنين التي قضوها شبه مستقلين خلال التسعينات، فقد نجحوا في التوحد أمام العرب، على رغم خلافاتهم التي وصلت حدا بزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني "مسعود البرزاني" أن يستعين بصدام وقوات حرسه الخاص العام 1996 لدخول محافظة أربيل وينكل بقوات البيشمركة التابعة الى حزب الاتحاد الكردستاني الذي يتزعمه جلال الطالباني. ومثلما نجح الأكراد في تأجيل مشكلاتهم التي تمتد إلى اثنين وثلاثين عاما مضت، فإنهم نجحوا أيضا في الاستيلاء على أهم وزارة سياسية في العراق يمكن أن تؤدي إلى التهيئة لإعلان استقلالهم وهي وزارة الخارجية. وهكذا صار العراق تمثله الأقلية التي لا تزيد نسبتها على 18 في المئة من شعبه. لكن يبقى الأكراد على رغم استيلائهم على ركائز القوة السياسية في العراق غير قادرين الآن على إعلان استقلالهم مادامت قضية انضمام "كركوك - الغنية بالنفط" وأساس نجاح انفصالهم عن العراق مؤجلة إلى حين إقرار الدستور. لقد انشغل عرب العراق بتفاصيل الماضي وتركوا المستقبل للأكراد الذين يثبتون يوما بعد آخر انهم ماضون في تنفيذ مخططهم لتقسيم العراق مادام الدستور لبى ثمانية وتسعين في المئة من مطالبهم "التاريخية" بحسب البيان الصادر عن برلمان "إقليم كردستان"
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1104 - الثلثاء 13 سبتمبر 2005م الموافق 09 شعبان 1426هـ