فيما يبدو أن المشهد اللبناني مفتوح على تطورات قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة وتتمثل بسفر الرئيس إميل لحود إلى نيويورك، مع اشتداد الحملة عليه وافتتاح القوى اللبنانية ملف الانتخابات الرئاسية وتوجه رئيس اللجنة الدولية المكلفة التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، ديتليف ميليس إلى دمشق التي سبقه إليها فريق من المحققين الدوليين، في خطوة تشكل مرحلة جديدة من مراحل التحقيق، تناولت الصحف الأميركية هذه التطورات وشنت إحدى كبرياتها حملة على لحود على خلفية مشاركته في أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة، فالرئيس لحود هو "أضحوكة" سورية. وعلى خلفية تحقيقات ميليس، أطلت الصحف العبرية على الملف السوري ومستقبل النظام في دمشق فرجح أحد التقارير أن يثير سقوط نظام بشار الأسد تداعيات خطيرة في منطقة الشرق الأوسط ولذا نصح بإتباع الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على دمشق عله ينفع معها مثل ما حصل مع ليبيا وجنوب إفريقيا.

"واشنطن بوست": لحود "أضحوكة" سورية

وشنت "واشنطن بوست" في افتتاحيتها هجوما على الرئيس اللبناني على خلفية استعداده للسفر إلى نيويورك. ووصفته بأنه "أضحوكة" سورية مستغربة بقاءه في منصبه على رغم الضغوط التي تمارس عليه. واتهمت لحود بأنه يقف حجر عثرة في وجه التقدم نحو إقامة نظام لبناني سياسي أكثر حرية على رغم الانتفاضة الشعبية اللافتة التي شهدها لبنان أخيرا وانسحاب الجيش السوري من لبنان. واعتبرت أن اعتقال القادة الأمنيين الأربعة في إطار التحقيق في اغتيال الحريري وجه ضربة إلى كل الذين يحاولون أن يعرقلوا الانفتاح اللبناني بواسطة "الإرهاب"، بما فيهم سورية و"وكلاؤها" في لبنان. ولاحظت أنها المرة الأولى في الشرق الأوسط التي يتم فيها الكشف عن المسئولين عن عمل سياسي عنيف ومحاسبتهم. لافتة إلى أن المعتقلين الأربعة يضمون أبرز اللاعبين في ما وصفته بـ "نظام الدمية السوري" الذي كان يسيطر على لبنان، كما أنهم جميعا متعاملون مع لحود. وفي السياق ذاته، استعرضت الصحيفة أسباب الأزمة السياسية في لبنان فأعادتها إلى إقدام الرئيس السوري، الذي وصفته بأنه الرجل القوي في دمشق، على إصدار أمر إلى مجلس النواب اللبناني بالتمديد لولاية الرئيس لحود في انتهاك واضح للدستور.

الأسد في قفص "المهمشين" مع القذافي

وفي تلميح منها إلى وجود دور للأسد في اغتيال الحريري، اتهمت "واشنطن بوست" الرئيس السوري بأنه هدد الحريري بسبب احتجاجه على التمديد. وكتبت انه ما لبث الحريري أن انتقل إلى الائتلاف المعارض، حتى تم اغتياله في تفجير ضخم لموكبه. وإذ لفتت إلى أن المحقق الدولي ميليس، سيتوجه إلى دمشق لمقابلة عدد من المسئولين هناك، اعتبرت أن دعوة الأسد لميليس لزيارة سورية تأتي نتيجة الضغوط الغربية على نظامه. ورأت انه إذا نجح المحقق الدولي في العثور على أدلة بشأن تورط سورية في اغتيال الحريري فإن الأسد سيجد نفسه في ما وصفته "قفص المهمشين" الذي كان يضم الزعيم الليبي معمر القذافي الذي عانى من العقوبات الدولية. وختمت بالقول إن ميليس قدم خدمة كبيرة للبنان متمنية له الحظ السعيد في دمشق.

"يديعوت أحرونوت": سورية متهمة بـ "الإرهاب"

من جانبه، حذر رون بن يشاي في "يديعوت أحرونوت" من إسقاط نظام الأسد، على رغم تأكيده على وجود أسباب وجيهة تستدعي ذلك. وأشار إلى انه صحيح أن النظام البعثي في دمشق متهم أميركيا بدعم "الإرهابيين" في العراق، وفرنسيا وألمانيا وسعوديا بالوقوف حجر عثرة في وجه عملية القضاء على ظاهرة "الإرهاب" في الشرق الأوسط وبعرقلة حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، غير أن تداعيات سقوط الأسد ستكون خطيرة ليس على سورية وحدها بل على المنطقة برمتها. وأوضح انه من الضروري أن يضع دعاة إسقاط النظام السوري نصب أعينهم أن سورية تضم مجموعات عرقية ودينية وسياسية متنافسة ما يجعل الاستقرار على الأراضي السورية هشا إلى حد ما، بينما النظام البعثي هو العنصر الوحيد الذي يمنع انتشار الفوضى في البلاد.

تداعيات سقوط الأسد على الشرق الأوسط

وحذر يشاي بناء عليه من أن انهيار نظام الأسد سيتسبب باندلاع أعمال عنف دموية في سورية من شأنها أن تؤثر سلبا على أمن الشرق الأوسط بأكمله. لافتا إلى انه إلى جانب المواجهات الدموية التي ستشهدها سورية بين العلويين والسنة في حال إسقاط نظام البعث، فإن حزب الله الذي يحظى بدعم الأسد سيتحرك بحرية أكبر في ظل الإدارة المباشرة لطهران. والأمر نفسه ينطبق على المنظمات الفلسطينية المسلحة، التي لن تجد بعد ذلك من يردعها عن القيام بأي تحرك ضد السلطة الفلسطينية "اللافت هنا أن الكاتب لم يذكر "إسرائيل" ولم يشر إلى احتمال أن تتأثر بسقوط النظام البعثي في دمشق". وانطلاقا من كل هذه التداعيات، دعا المعلق العبري إلى مواصلة الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على دمشق عله ينفع معها مثل ما حصل مع ليبيا وجنوب إفريقيا