العدد 2422 - الخميس 23 أبريل 2009م الموافق 27 ربيع الثاني 1430هـ

المرأة والعمل من المنزل... المتطلبات والعقبات (1/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

خلال رعايته الحفل السنوي لصندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لدعم السيدات، أكد أمير المنطقة الشرقية ورئيس مجلس إدارة صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لدعم المشاريع الصغيرة للسيدات، الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز «أن صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز يهدف إلى تحويل المرأة السعودية من باحثة عن العمل إلى صانعة للعمل».

وزير العمل غازي القصيبي، الذي كان مشاركا في الحفل، أكد في كلمته على ضرورة «تولي مركز الأمير محمد بن فهد إعداد القيادات الشابة إصدار تراخيص العمل من المنزل، وذلك بالتنسيق مع الوزارة، حيث سيكون المركز الجهة الوحيدة المخولة بإصدار هذه التراخيص، وتفعيل القرار بناء على طلب تقدم به عدد من منسوبات المجلس التنفيذي لمركز الأمير محمد لإعداد القيادات الشابة». وذهب القصيبي إلى أبعد من ذلك حينما طالب صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لدعم المشاريع الصغيرة للسيدات، أن يولي المرأة السعودية الشابة المزيد من الاهتمام نظرا لكون «الصندوق يدعم مشاريع فتيات سعوديات أصبحن ينافسن نظيراتهن في الدول العربية في مجال التجارة».

وأصاب القصيبي كبد الحقيقة عندما استعان بالأرقام كي يثبت أن نسبة تفشي البطالة في صفوف النساء السعوديات تفوق تلك التي يعاني منها الرجال، فبينما تصل البطالة، كما أوردها القصيبي، في صفوف النساء حوالى 27 في المئة، تنخفض إلى حوالى 7 في المئة في أوساط الذكور، رابطا بين تلك النسبة، وآثارها الاجتماعية. كما أشار القصيبي إلى أن دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تديرها سيدات، أصبح اتجاها معاصرا سائدا في اقتصادات العديد من الدول «مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والهند واليابان وإيطاليا»، مستعرضا بعض برامج مشاريع الشباب الدولية مثل برنامج أمير ويلز تشارلس، وتجربة بنك الفقراء.

وحول الإنجازات التي حققها المركز على امتداد الدورات الثلاث منذ تأسيسه، أعلن الأمين العام لصندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لدعم المشاريع الصغيرة للسيدات، حسن الجاسر في حديث إلى صحيفة «الحياة» اللندنية، أن الصندوق قدم 6 ملايين ريال دعما ماليا لـ31 مشروعا، وفرت 232 وظيفة نسائية خلال العام الماضي. وأضاف أن 550 مشروعا صغيرا تقدمت بطلب دعم مالي، رشح 30 منها للحصول على مساعدة».

كذلك نشر موقع صحيفة «الحياة»، تقريرا عن دور الصندوق الفعال في تشجيع مجموعة من المشروعات الرائدة في المملكة السعودية من بينها «دعما ماليا لـ 15 مشروعا، ساهمت في توظيف 130 فتاة، وارتفع عدد المتقدمين بطلب دعم من الصندوق إلى 595 طلبا، رشح منها 35 مشروعا، وموّل الصندوق ستة مشاريع توظف 38 فتاة. كما تقدمت 400 سيدة أعمال بطلب تمويل رُشح منها 34 وموّل 13 مشروعا وفرت وظائف لـ 63 فتاة».

لابد من الإشارة هنا إلى أن العمل من المنزل، بالمعنى التقليدي، بما فيها تلك الأعمال التي مارستها المرأة من المنزل، ليس بدعة حديثة، ولا اختراعا جديدا ولدته ثورة الاتصالات والمعلومات، كما يحلو للبعض أن يصنفه. لقد عرف تاريخ تطور المجتمعات البشرية مراحل كثيرة، مارست فيها المرأة العمل من المنزل، وفي حقول مختلفة عن تربية الأطفال أو العناية بأمور البيت من ترتب وتنظيف.

عهود الشلهوب، تنشر مقالا ممتعا على القناة النسائية في رسالة الإسلام، تكشف فيه أن المرأة مارست العمل المنزلي المنتج، بالمعنى الاقتصادي للكلمة منذ الحضارات الإنسانية المبكرة، مستشهدا بأيام الإغريق عندما كانت المرأة تمارس دورا ملموسا في «تطوير الزراعة على مقربة من محال السكنى، وتباشر الفنون المنزلية التي أصبحت فيما بعد أهمّ ما يعرف الإنسان من صناعات، فهي تغزل الخيط من شجرة القطن، وتنسج الثياب القطنيّة وتقدّمت بفنون الحياكة والنسج وصناعة السلال والخزف». كل تلك الحرف والمهارات المنتجة طورتها المرأة وهي قارةٌ في منزلها لا تفارقه من أجل مزاولة أي من تلك المهن.

وتنتقل الشلهوب من الإغريق إلى العرب، وعلى وجه الخصوص المرأة في الجزيرة العربية مشيرة إلى حديث الشفاء بنت عبد الله إلى النبي عندما دخل عليها وكانت عند حفصة، فقال لها «ألا تعلّمين هذه رقيةَ النّملة كما علّمتها الكتابة».

هذه الأمثلة القليلة التي تتحدث عن انخراط المرأة في العمل المنزلي المنتج، يمكن تعزيزها بقائمة أخرى طويلة جميعها تثبت أن المرأة كانت عضوا منتجا في الاقتصاد منذ الحضارات القديمة، كما كان القصد من وراء سردها تأكيد تاريخ المرأة المضيء عندما يتعلق الأمر بعملية الإنتاج، بما ذلك الإنتاج الاقتصادي، وإن بساطة ذلك الدور كان يتناسب طرديا مع بساطة ذلك النموذج الاقتصادي السائد حينها. وكان كل ذلك، من العوامل المساعدة التي عزّزت من مكانة المرأة الاقتصادية، وكرّست مجموعة الحقوق التي انتزعتها المرأة لصالح حصانتها الاجتماعية، وهي جميعها لم تكن نتيجة تنازلات طوعية قدّمها الرجل، بقدر ما كانت محصلة نضالات قاسية خاضتها المرأة كي تصل إلى ما وصلت إليه في تلك المجتمعات، وفي تلك العصور.

لكن، الأمور انقلبت رأسا على عقب، مع التطور التاريخي الذي عرفته المجتمعات الإنسانية في مراحل لاحقة، ولأسباب فرضتها قوانين التطور الاقتصادي، والذي مارس دورا ملموسا على صعيد تهميش دور المرأة الإنتاجي بشكل تدريجي، مترافقا مع توسيع هامش مساهمة الرجل، الأمر الذي قاد إلى مصادرة الكثير من حقوق المرأة وفقدان هذه الأخيرة للمكانة الاجتماعية، بل وحتى السياسية التي انتزعتها، وكرست حقوقها على مدى قرون من مشاركتها للرجل في عملية الإنتاج.

ومن جديد نجد اليوم المرأة تحاول مرة أخرى، من خلال مشاركتها في عمليات الإنتاج الاقتصادي، تتسلق السلم من أول عتباته، دون أي إحباط من بعض التراجعات هنا أو الانتكاسات هناك. لاشك أن الظروف قد تغيّرت، وخصوصا مع تطور تقنيات صناعة الاتصالات والمعلومات، ومن الطبيعي أن تتغير معها الوسائل والأساليب، إلى جانب المتطلبات والتحديات. لكن الأهداف لاتزال ثابتة، وهي اكتساب المرأة حقوقها الإنسانية، التي لا ينبغي أن تكون بأي حال من الأحوال، دون تلك التي يستفرد بها اليوم الرجل.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2422 - الخميس 23 أبريل 2009م الموافق 27 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً