مهنة التمريض تعتبر من المهن المؤهلة لنمو مستمر ومتصاعد على مستوى العالم، وهي كذلك في البحرين أيضا. وفيما لو وضعت السياسات الصحيحة، فإن بالإمكان إعادة توجيه الطاقات بما يضمن للبحرين الاستفادة القصوى من هذه المهنة. حاليا، هناك أكثر من ألفي وظيفة في التمريض، ولكن الحاجة تزداد، وستزداد أكثر مع الشروع في إنشاء المستشفى الجديد في المحرق، ومع افتتاح عدد من المستشفيات الخاصة. فمستشفى المحرق ربما سيحتاج الى ملء ألف وظيفة في قطاع التمريض، والمؤهل لهذه المهنة عليه أن يحصل على شهادة جامعية. كلية العلوم الصحية تخرج نحو مئة أو أكثر من الكفاءات في هذا المجال، ولكن هذا العدد صغير جدا مقارنة بالطلب الحالي والمتوقع. وإذا أخذنا في الاعتبار أن من يتأهل أكاديميا يحتاج الى أربع سنوات من الدراسة والتدريب، فإن الصورة تبدو أكثر وضوحا. هناك عدة مشكلات يعاني منها الممرضون والممرضات، ونحو نصف أو أكثر بقليل من الوظائف مملوء من خلال الموارد البشرية الوطنية، إلا أن الأكثرية الساحقة من الاناث، إذ لايزال الذكور يبتعدون - لأسباب غير واقعية - عن المهنة. المعاش الذي يحصل عليه الممرض يعادل ما يحصل عليه الجامعي، وهذا المستوى من المتوقع أن يرتفع وخصوصا مع ازدياد الطلب على الممرضين والممرضات من أوروبا وأميركا الشمالية. وفعلا، فإن هناك حاليا هجرة إلى تلك الدول حتى من البحرين. وفي الوقت الذي نسمع عن ازدياد الحاجة إلى مثل هذا التخصص، نسمع أيضا عن بطالة لدى أصحاب التخصصات غير المرغوبة والتي لايزال بعضها يدرس في جامعة البحرين. والسؤال الذي يطرح نفسه على الحكومة هو: لماذا لا تصاغ استراتيجية تستفيد من الامكانات المتوافرة لدى جامعة البحرين ولدى وزارة الصحة وتفسح المجال لتدريب/ أو لإعادة تأهيل الاشخاص بحيث يمكن استقطاب البحرينيين لهذه المهنة المهمة؟ إذا استمر الوضع كما هو عليه فلن نستغرب من سماع الاخبار لاحقا عن الحاجة إلى استجلاب مئات الممرضين والممرضات خلال السنوات المقبلة لتلبية الحاجة في السوق، كما لن نستغرب إذا سمعنا عن هجرة الممرضين والممرضات الى دول أخرى تجهد ليلا ونهارا من أجل استقطابهم مقابل عروض مغرية. البحرين لديها الامكانات أن تستفيد من قدراتها الوطنية لطرح برامج تدريبية تؤهل من خلالها الكوادر المطلوبة، كما تستطيع أن تخدم الدول الخليجية الأخرى بالخبرات والكوادر التمريضية لأن الازدياد على الطلب يتصاعد في المنطقة أيضا. وهذا أيضا يفسح المجال أمام القطاع الخاص للدخول في استثمارات في هذا المجال بدعم مباشر من الحكومة. وإذا اضفنا إلى ذلك أن البحرين تتجه إلى تطوير السياحة الصحية، والمنتجعات "وهذه تحتاج الى تخصصات قريبة من التمريض"، فإن المجال سينفتح أكثر لاجتذاب البحرينيين المؤهلين لشغل وظائف في قطاع واعد لا يحتاج إلا إلى التفات من الجهات الرسمية وإعداد لاستراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى رفع المستوى المعيشي لمن يشتغل في هذا القطاع ويحسن من ظروفه بما يتواكب مع متطلبات السوق. وأية استراتيجية تحتاج، بطبيعة الحال، إلى معالجة بعض الجوانب الثقافية التي بسببها يعزف عدد كبير من الذكور عن هذه المهنة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1103 - الإثنين 12 سبتمبر 2005م الموافق 08 شعبان 1426هـ