العدد 1103 - الإثنين 12 سبتمبر 2005م الموافق 08 شعبان 1426هـ

مع توافر المبادرات الفردية... التاريخ الشفوي إلى أين؟

لاتزال الكتابة في مجال التاريخ الشفوي - على أهميته - غائبة عن المشهد الوطني الأردني الشامل، ومع توافر المبادرات الفردية في ميادين الإعلام والأعمال الدرامية التي قامت بتوظيف تقنيات التاريخ الشفوي في كتابة التاريخ السياسي والسير الذاتية والتراجم والتوثيق للأمثال الشعبية. .. إلا أنها تفتقر في غالبيتها إلى المنهجية العلمية والنشاط المؤسسي الذي يضمن الانطلاق في هذا المجال بصورة متسلسلة شمولية سليمة. وفي الوقت الحاضر تسعى مؤسسات من المجتمع المدني إلى تقصي الحقائق ومتابعتها من خلال إسناد النظرية العلمية لها... إلا أن نجاح جهودها وتطوير أدواتها يعتمد على مدى ما توفره المؤسسات الرسمية المعنية من الاهتمام والدعم المادي وشرعية العمل. فالتاريخ الشفوي عند أستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية علي محافظة، ضروري لكنه لا يغني عن الوثائق المكتوبة، وبالتالي يرى أنه لا يمكن اعتبار التاريخ الشفوي أو الشهادة الشفوية تاريخا بحد ذاتها، وإنما هي صور حية لحوادث مكتوبة. وأوضح ان أهمية الشهادة الشفوية تظهر عند غياب الوثائق المتصلة بالحدث أو المعلومة أو عند تفسير للحدث من قبل شخص أو أشخاص ساهموا في صناعته أو كان لهم دور في القيام به، وأضاف انه إذا غابت الوثائق عن الحدث أو عندما لا تعطي الوثيقة الجواب الشافي كان لابد من جمع شهادات عدد من الناس الذين شاركوا فيه أو عاصروه، وبالتالي فإنها تلقي ضوءا من الإيضاحات في تفسير الحدث. وأوضح أن الشهادة الشفوية تبقى شهادة ضعيفة لا ترقى إلى مستوى الوثيقة المكتوبة لأنها تعتمد كليا على الذاكرة، والذاكرة لا يمكن الاعتماد عليها كليا لما يعتريها من تآكل وغموض واختلاط في الصور والحوادث. وأشار محافظة إلى أنه يجب أن يتوافر في الرواية الشفوية عدد من الأمور الأساسية أهمها: الحرية، الحماية القانونية والجرأة لدى الفرد في قول الحقيقة وقول وجهة النظر، كما أن على الباحث ان يمتلك المهارات اللازمة في إنجاح العملية منها: إتقان لهجة الشاهد أو الراوي المحلية، ولديه مخزون من معرفة العادات والتقاليد، بالإضافة إلى مهاراته في أسلوب كيفية توجيه الأسئلة بالطريقة التي لا تستفز الشاهد أو الراوي. من جانبه، أكد رئيس جمعية المؤرخين الاردنيين أستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية محمد خريسات أن الخوف من ان الرواية الشفوية لا يمكن الاعتماد عليها بسبب ما قد يعتريها من الخطأ الناتج عن التحريف والنسيان قد ولى إلى غير رجعة وذلك بفضل التقنيات الحديثة التي أخذت تبرز إلى حيز الوجود. وقال إن العصر الذي نعيشه اليوم هو عصر العقلية التاريخية سواء شئنا أم أبينا، وإن الرواية المدونة وحدها لا تكفي، ومن هنا لابد من استخدام التقنيات الحديثة في حفظ الروايات الشفوية لأنها تزود المؤرخين بمصادر جديدة. وأشار إلى ان الوثيقة المسجلة في الأردن لم تظفر بالأهمية المطلوبة في تسجيل تاريخنا المعاصر، في الوقت الذي توجد فيه دول في العالم تمكنت من استخدام التقنيات الحديثة بتكوين مكتبات متحركة لخدمة التاريخ الشفوي. وأكد خريسات أن الواجب يحتم علينا وضع منهجية قادرة على التعامل مع فيض المعلومات الغزيرة والمتدفقة عبر الوسائط الإلكترونية التي تجمع بين الشفاهية والكتابة والصور والتي أصبحت مصادر جديدة من مصادر المعرفة التاريخية، بل الأجمل أنها أصبحت اليوم متاحة للجميع ومن دون رقيب في غالب الأحيان. وعن دور الإعلام ومراكز الأبحاث في موضوع التاريخ الشفوي، قال مقرر اللجنة العليا لكتابة تاريخ الاردن مساعد مدير مؤسسة آل البيت للفكر الاسلامي فاروق جرار: إن التاريخ المعاصر فيه الكثير من الاهتمام بالروايات الشفوية من قبل البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وكذلك البرامج التي تتحدث عن التاريخ مثل برنامج شاهد على العصر. وأضاف ان روايات الذين كانوا جزءا من صناعة التاريخ أو جزءا من المشهد فيه لا يمكن دحضها بسهولة، وبالتالي فإن الرواية الشفوية مع أهميتها الكبرى تحتاج إلى أن تؤخذ بحذر وبتمعن لأنها في أحيان كثيرة تكون هي المصدر الوحيد، فيكون من الصعب إجراء المقارنات. وأبدى جرار أسفه من أن الأردن لم يكن لديه في السابق الاهتمام الكافي بالتاريخ الشفوي، وعلى رغم ما قامت به الإذاعة والتلفزيون من مبادرات فإنها كانت محدودة بهذا الشأن ولم تستكمل. وقال إن الاهتمام الملحوظ الآن في هذا المجال يجب أن نثابر عليه وخصوصا ان كثيرا مما يسمى بحوادث ومظاهر التاريخ الاجتماعي في طريقها الى الاندثار أو اندثرت فعلا محذرا من أنه إذا لم نؤرخ لذلك شفويا نكون قد خسرنا ثروة مهمة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً