أعلنت واشنطن عن دعمها لمسودة الدستور العراقي منذ تقديمه إلى الجمعية الوطنية. كما إن سفير واشنطن لدى المنطقة الخضراء زلماي خليل زاد قال إن الدستور العراقي يعد من أفضل الدساتير لأية دولة إسلامية. وبالتأكيد فإن الشعب الأميركي لا يمكن أن ينتظر من حكومته غير هذا الموقف الداعم للدستور والذي يعبر عن "نجاح" ما أعلنته واشنطن من أهداف لتحقيق الديمقراطية ونشر الحرية في العراق. ولكن، هل إن واشنطن فعلا مع الدستور العراقي الجديد؟ عدد مهم من بنود المسودة العراقية تؤكد أن واشنطن ليست مع هذا الدستور. وهو إذا كان مناسبا لأية دولة إسلامية - كما يقول خليل زاد - فهو بالتأكيد ليس مناسبا لأميركا التي جاءت لتنهي ما يطلق عليه الأميركان المتشددون: أحد أضلاع "محور الشر" لتقوي بهذا الدستور "أحد الضلعين الباقيين في ذلك المحور". إن واشنطن التي يقودها المحافظون الجدد لا يمكن أن توافق على تمرير مسودة الدستور في الاستفتاء المرتقب في 15 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وإلا فإن الموافقة على هذا الدستور دون تدخل الرئيس الأميركي في إعادته من جديد - من خلال التلاعب في نتائج الاستفتاء كما كان سيحصل في الانتخابات العراقية السابقة - سيثبت إن حرب العراق غيرت المفاهيم التي كانت تنادي بها واشنطن قبل أكثر من ثلاث سنوات، وهي الآن بصدد الخروج من المأزق العراقي، بأي شكل من الأشكال، ودون إيجاد حلول لنهاياته التي ستظل رهينة لحرب أهلية تكون الميليشيات رأس الحربة في إشعال فتيلها. في أسوء الاحتمالات أن واشنطن حزمت أمرها على تمرير مسودة الدستور لتهيئ بعده خطوات مجهولة أخرى ستشهدها المنطقة، وان الجزء العراقي حينها لن يكون سوى جزء واحد من عشرة أجزاء في السيناريو الأميركي الذي لا نعرف متى وأين سينتهي
العدد 1102 - الأحد 11 سبتمبر 2005م الموافق 07 شعبان 1426هـ