انتخب الرئيس الأميركي جورج بوش في العام 2000 ببرنامج يدعو إلى دور عسكري أميركي محدود في العالم وحيز متواضع فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. وفي خطابه الافتتاحي في يناير/ كانون الثاني 2001 لم يتطرق بوش كثيرا إلى الشئون الخارجية. وبعد ذلك بأقل من تسعة أشهر وقعت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول على نيويورك وواشنطن لينحرف الرئيس الأميركي عن برنامجه المعلن ويعد بشن حرب صليبية على المتشددين الإسلاميين في كل مكان. وعلى رغم أن الحرب على الإرهاب "نجحت" في إسقاط نظام "طالبان" الذي كان يؤوي شبكة "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن التي تبنت الهجمات على أميركا فان حركة "طالبان" مازالت تمثل "بعبعا" في المناطق النائية في أفغانستان وتشن يوميا هجمات تعكر صفو حكومة كابول الحليفة للغرب وتقلق قوات التحالف "ايساف" هناك. إذ قتل 1100 شخص خلال العام الجاري مقابل 850 شخصا العام 2004 جراء أعمال عنف نسبتها السلطات الأفغانية الى المتمردين تحديدا في الجنوب والشرق. ومازال بن لادن يختبئ في التضاريس الوعرة على طول الحدود الأفغانية الباكستانية ربما بمساعدة من القبائل المحلية صعبة المراس. لقد خسرت الولايات المتحدة الكثير من حربها على الإرهاب وخصوصا بإثارة كراهية ضدها ليس في الوسط العربي والإسلامي فحسب بل في جميع أنحاء العالم ما دفعها إلى تكثيف جهودها لاستقطاب تأييد لموقفها وتحسين صورتها في العالم من خلال حملة متطورة تكنولوجيا تدعمها فرق متخصصة طبقا لما ذكرته مساعدة الرئيس الأميركي كارني هيوز أمس الأول. وإذا كانت أربع سنوات من المطاردات الدولية مكنت من تسديد ضربات قاسية لتنظيم "القاعدة"، فان ما يشكل قوته حاليا بنظر الخبراء هو أن التنظيم لم يعد بحاجة إلى أن يكون حركة منظمة حتى يشكل خطرا. وقد ظهر هذا الأمر جليا عند وقوع تفجيرات لندن الأخيرة التي نفذها إرهابيون "هواة" تبنوا خطاب "القاعدة" وتحركوا من تلقاء أنفسهم من دون توجيهات مباشرة. إذا بعد أربعة أعوام من إعلان بوش هذه الحرب لم يتحقق سوى القليل من الانتصارات المؤقتة التي تعتبرها واشنطن تقدما كبيرا يقود إلى عالم أكثر أمنا!
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1102 - الأحد 11 سبتمبر 2005م الموافق 07 شعبان 1426هـ