العدد 1101 - السبت 10 سبتمبر 2005م الموافق 06 شعبان 1426هـ

المرأة البحرينية في مواجهة الانتخابات النيابية المقبلة

صفية العلوي comments [at] alwasatnews.com

-

في أحيان كثيرة، تطرأ في ذهني فكرة ما تنغص علي إحساسي براحة الضمير. وعلى رغم أنها لا تتعدى مجرد كونها فكرة لا أثر ملموسا لضرها أو نفعها، أحاول بمشقة وأدها ودثرها لأرتاح "ويا دار ما دخلك شر". إحدى الأفكار الشقية التي تؤنب ضميري، هي أن أقف يوما أمام صندوق الاقتراع لأرشح أحدهم للبرلمان، وأن يكون من بين المرشحين امرأة و"أهدها" لأصوت لأحد الرجال المنافسين! كيف أفعل هذا وأنا الأنثى التي ما فتئت أن تكون متحمسة لأن تنال المرأة البحرينية مقعدا "تتسمت عليه" في البرلمان؟ كيف أخذلها؟ "أودي وشي فين بعدها طيب؟". الحمد لله... أني مازلت صبية غير ناضجة وغير معترف بأهليتها للتصويت بحسب قوانين الانتخابات وإلا أوجب علي القدر التعامل مع هذا الهاجس قريبا. أعتقد أنه في مثل هذه الأمور، من غير المجدي تقديم العاطفة على العقل. فمهما كان "ودي" أن تفوز امرأة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، "ودي أكثر" أن تكون امرأة على قدر عال من المواصفات التي تؤهلها للوقوف بجدارة مع وفي مواجهة أقرانها من الرجال. كنت سابقا من أشد المؤيدين لنظام الكوتا "أي حق الحصة بالتمثيل النسبي للمرأة"، فقد كنت أحلم أن تصل المرأة البحرينية لمقاعد البرلمان كيفما كانت الوسيلة. كنت أؤمن به كحل مبدئي على الأقل، يمكنها من إثبات جدارتها، ومن ثم نتخلى عن الحاجة إليه بعد أن يعتاد المجتمع على وجودها. اليوم، لا أحبذه كخيار على رغم كونه تمييزا إيجابيا، لأنه يقلل من اهليتها و يقتطع جزءا من قيمة وطعم النصر المنتظر الذي تستحقه المرأة من دون وساطة الكوتا، أو وساطة التعيينات الملكية أو التزكيات. وعلى رغم أن الكثير من النساء البحرينيات جديرات بأن يكن برلمانيات "على سنقة عشرة"، أخشى أن غالبية المرشحات ستغيب عنهن أهم المؤهلات التي بها ينلن أصوات الناخبين. فنحن نتوقع من المرشحات أن يجمعن في شخصهن ما هو أكثر أهمية من أنوثتهن، وفي سيرهن الشخصية ما هو أكبر قيمة من الشهادات الأكاديمية. فكونها حاملة للماجستير أو الدكتوراه لا يعني بالضرورة أنها قادرة على الحوار والمجادلة والإقناع واحتلال المراكز القيادية أيا كانت الظروف. نيوزيلاندا، حيث أدرس، دولة تديرها النساء، فالمرأة تحتل أهم المناصب القيادية. فهي رئيسة للوزراء، وحاكم عام، ورئيسة للمحكمة العليا، ورئيسة لأكبر شركة اتصالات في البلاد. ويرى المراقبون السياسيون أن رئيسة الوزراء هيلين كلارك لم تكن لتصل لمثل هذا المنصب لو لم تسع جاهدة لتطوير قدراتها الخطابية قبيل الانتخابات العمومية في العام .1999 وهنا يأتي دور المجلس الأعلى للمرأة، فتنظيم ورشات تدريبية تصقل الإمكانات القيادية للمرشحات من أجل تحسين تقنيات الحوار لديهن سيعزز اهليتهن لخوض مثل هذه التجربة السياسية، إضافة إلى دور المجلس في دعم المرشحات ماديا، ووضع وتفعيل استراتيجية جادة لمساندة المرأة تتضمن برامج وحملات دعائية مكثفة وموجهة لتوعية النساء بأهمية أصواتهن في الانتخابات وتوعية الرجال باهلية المرأة. ولا تقع مسئولية مساندة المرشحات وتوعية الناخبين على عاتق المجلس الأعلى للمرأة وحسب، بل أيضا على عاتق الجمعيات الأهلية والمنظمات النسائية والمختلطة التي قد تكون أقرب في الوصول إلى بعض شرائح المجتمع لكونها مؤسسات أهلية لا حكومية. من جانب آخر، يجدر بالمرشحات أن يبتعدن عن النزعة نحو الفردية ويتضامن مع بعضهن ليشكلن قوة ضاغطة وفاعلة. وألا يؤطرن برامجهن الانتخابية في قالب أنثوي بحت. فغالبية البرامج الانتخابية التي طرحت من قبل المرشحات في الانتخابات الماضية بدت لي مملة وتقليدية، وكثير منهن جعلن محور برامجهن قضية الأمومة والطفولة، ولا اعتراض على أهمية هذه القضايا، فقد تكون المرأة الأقدر على توصيل احتياجاتها. ولكن البرامج الانتخابية تكون أكثر قوة عندما تخدم المجتمع بشكل عام فتقتنع بها القاعدة الشعبية من رجال ونساء وشباب على السواء. ولذلك فإن التصويب الدقيق في وضع البرامج الانتخابية، والقدرة على تحمل خشونة اللعب في الملعب البرلماني من الأمور الواجب أن توضع في الاعتبار. كلي أمل أن تكون المرشحات في الانتخابات النيابية القادمة أكثر إقناعا، لنكون نحن كجماهير أكثر اقتناعا عندما نمنحها أصواتنا وثقتنا.

العدد 1101 - السبت 10 سبتمبر 2005م الموافق 06 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً