العدد 1101 - السبت 10 سبتمبر 2005م الموافق 06 شعبان 1426هـ

خمس وعشرون سنة... خبرة

سلمان بن صقر آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

منذ نحو أربعة أشهر أدلى وزير الإعلام الأخ العزيز محمد عبدالغفار بتصريح يقول فيه إنه في الصحافة المتقدمة، أو في صحافة الدول المتقدمة لا يسمح لأي شخص بكتابة عمود في أية صحيفة من دون أن تكون لديه خبرة خمس وعشرين سنة عمل في الصحافة. وفي الأسبوع الماضي قرأت في إحدى الصحف البحرينية حواراً أجراه أحد كتاب الأعمدة المخضرمين مع وزير الإعلام وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية. يكرر فيه ضرورة أن تكون لدى كتاب الأعمدة في الصحف البحرينية خبرة خمس وعشرين سنة عمل في الصحافة قبل أن يبدأوا بكتابة الأعمدة الصحافية.

طبعاً هذه وجهة نظر الوزير وأنا احترمها كثيراً، ولكن السؤال الذي يتبادر للذهن هل من الممكن تطبيقها في الصحافة البحرينية أو في الصحافة الخليجية أو حتى في الصحافة العربية؟ في عموم الصحف البحرينية والمجلات لا يوجد ولا كاتب عمود كانت لديه خبرة خمس وعشرين سنة في الصحافة قبل أن يكتب أول عمود له، صحيح أنه يوجد لدينا صحافيون لديهم خبرة ستين سنة وخمسين سنة وأربعين سنة عمل في الصحافة.

ولكن من منهم كانت لديه خبرة خمس وعشرين سنة قبل كتابة أول عمود صحافي له؟ الجواب: ولا واحد. وهذه حقيقة يعرفها الجميع. ولو أردنا تطبيق رأي وزير الإعلام على الصحف التي تصدر في البحرين جميعها فمن المؤكد أن الجميع سيغلق أبوابه ويسرح جميع الموظفين والعاملين في الصحيفة لأنه من دون أعمدة الرأي فإن ما سيتبقى فيها سيكون فقط صفحات توجد عليها الأخبار المحلية والدولية والرياضية وهي أخبار بائتة سبق للقارئ أن سمعها وشاهدها بالصوت والصورة على محطات التلفزيون في الليلة السابقة. ومن دون أعمدة الرأي سوف لن تكون هناك أية فروق بين صحيفة وأخرى وسوف لن تكون هناك لا صحافة ولا يحزنون.

إذا كان المطلوب خمساً وعشرين سنة خبرة عمل في الإعلام والصحافة حتى يتمكن الكاتب من كتابة أول عمود صحافي له فالأسئلة المطروحة هي: كم سنة خبرة عمل في الصحافة والإعلام مطلوبة لمنصب وزير الإعلام؟ مئة سنة مثلاً؟ وكم لوكيل الوزارة؟ خمسون سنة تقريباً؟ وقس عليها باقي المناصب والمهن في وزارة الإعلام أولاً وباقي وزارات المملكة. نحن نعلم ونؤكد أن جميع الوزراء في البحرين يملكون المقدرة والكفاءة لإدارة وزاراتهم، ولكن من منهم كان يملك خبرة عمل خمس وعشرين سنة في مجال عمله الحالي قبل أن يتولى منصب وزير. ومن منهم لديه عشرون سنة أو عشر سنوات أو حتى خمس سنوات. ومع ذلك لم يمنعهم هذا من الإدارة الجيدة لوزاراتهم لأن الكفاءة الجيدة لا تأتي فقط بالمدة التي يقضيها الشخص في العمل نفسه وإنما بأمور أخرى مثل الثقافة والذكاء والنباهة والخبرة في شئون الحياة المختلفة والعمل الدؤوب الجاد والصالح والاطلاع المستمر والشجاعة في تقبل النقد ومحاولة تصحيح الأخطاء وعدم رميها جزافاً على الآخرين بل الصبر والتعلم من هذه الأخطاء.

في جميع وزارات الدولة وفي الشركات الكبيرة والصغيرة هناك أعداد كبيرة من المراسلين والفراشين وبعض صغار الموظفين ممن مضى عليهم في الخدمة أكثر من أربعين سنة وهم مازالوا حتى الآن في أعمالهم ودرجاتهم نفسها التي بدأوا بها وذلك بسبب سلبيتهم وتقاعسهم عن تطوير أنفسهم بالدراسة والعلم، فهل من المعقول أن نقيسهم بأناس آخرين أذكياء وشطار ومثقفين ويحملون الشهادات العالية وأصغر منهم سناً فقط بسبب سنوات العمل؟! يا سعادة الوزير الكفاءة في كتابة العمود الصحافي لا تقاس بالمدة والفرخ في البيضة يوص. على فكرة ما هي آخر أخبار أبنائنا في غوانتنامو؟

إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"

العدد 1101 - السبت 10 سبتمبر 2005م الموافق 06 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً