العدد 1100 - الجمعة 09 سبتمبر 2005م الموافق 05 شعبان 1426هـ

يونس سلمان: هناك شعراء يعيشون مرحلة خطيرة من التعالي

في حواراتسم بالصراحة والشفافية

قال الشاعر البحريني يونس سلمان، في لقاء أجرته "الوسط"،ان بعض معدي صفحات الشعر الشعبي بالغوا في تقديم وتشجيع عدد من الشعراء و"أصبح هؤلاء الشعراء يعيشون مرحلة خطيرة من التعالي والاعتداد بالنفس والغرور لا يوازيها تطور في نتاجهم الشعري ووصل الحال بهم الى فرض شروطهم على المعدين لقبولهم النشر في صفحاتهم كوضع قصائدهم على صدر الصفحة الشعرية أو كتابة المقدمات الخيالية لهم". الحوار لم يخل من شفافية ومصارحة في عدد من مفاصله، وتكمن أهمية الآراء التي أبداها سلمان في الحوار، من كونه واحدا من الأسماء الشعرية الفاعلة في الساحة الشعبية، اضافة الى اتكائه على ثقافة تميزه عن بقية زملائه الشعراء. وهنا نص الحوار: نقف قليلا أمام مشروعك الشعري... إلى أين يتجه... أو بمعنى أدق الى أين تريده أن يتجه؟ - طموحي تختصره معادلة سهلة التوثيق وصعبة التحقيق تتلخص في أمرين... الأول، أن أحقق ذاتي في مشروعي الشعري من خلال إضفاء شخصية يونس سلمان على قصيدته بعيدا عن أية مؤثرات أخرى. والآخر، أن أصل بذلك المشروع إلى مرحلة يجد فيها احترام المتلقي وتقديره لأن الجمهور هو الرصيد الحقيقي لأي منتم إلى الساحة الشعرية ومادمت أنشر نتاجي له علي احترامه وكسبه ومتى ما شعر الجمهور بأن الشاعر يحترم ذوقه بادله ذلك الاحترام. تظل من بين مجموعة من الأصوات التي تسعى الى نظر مختلف للقصيدة من حيث قراءتها أو حتى كتابتها... كيف تقيم مثل هذا النظر أثناء كتابتها... هل تضع في الاعتبار نصوصا سابقة كتبت وبالتالي تتجنب تكرارها في تجربتك سواء من حيث المفردة أو الصورة؟ - أحاول قدر المستطاع أن يكون لي أسلوبي الخاص في الطرح، هي محاولات أحيانا أوفق فيها ،وأحيانا أخرى لا يكون التوفيق حليفي، وبالنسبة لي يمر النص في مراحل متعددة بعد الانتهاء من كتابته إذ يدخل مرحلة التنقيح ومحاولة إضفاء صور ومفردات تقوي من تركيبته، ثم بعد ذلك أراجع النص من وجهة نظر الناقد ومقارنته بما هو موجود على الساحة ومن ثم تأتي مرحلة عرضه على بعض الأسماء التي أثق وأستأنس بآرائها والتي هي طبعا بعيدة كل البعد عن مجاملتي، لذلك السبب يظل حضوري مترددا وخجولا على صفحات الشعر إيمانا مني بمبدأ النشر كيفا لا كما. أنت واحد من الشعراء الذين يتمتعون بثقافة تنطلق منها في كتابة نصك، ما مدى أهمية هذا الجانب في التجربة. هل عليك أن تكون مثقفا كي تكون شاعرا؟ - للثقافة والإطلاع دور كبير في إثراء تجربة الشاعر وتطويرها والشاعر المثقف تستشعر ثقافته من خلال أسلوب طرحه ومفرداته وتركيباته اللغوية إذ تراها مميزة ومختلفة ولكن يبقى العنصر الأهم في الموضوع هو أن تكون موهبة الشعر حاضرة في المقام الأول فالشعر يتطلب قدرات ومهارات خاصة، وبحسب رأيي المتواضع أرى أن تجربة الشاعر المثقف تمر بمرحلتين: الأولى الشعر والثانية الثقافة بمعنى أن كل شاعر يستطيع إثراء تجربته ثقافيا، ولكن ليس باستطاعة كل مثقف أن يكون شاعرا. ما هي وجهة نظرك فيما يتعلق بحصر ثقافة الشاعر في القصيدة التي يكتبها فيما هو خارج حدود القصيدة لا يمتلك أدنى معرفة في التعاطي مع الشعر من حيث هو فضاء مفتوح على المعرفة؟ - يعد الشاعر أحد أعمدة الثقافة في أي مجتمع جنبا الى جنب مع الأديب والمفكر والكاتب، وتطوير موهبة الشاعر مقرونة بإطلاعه ونهله من ينابيع الثقافة فهي لا تقف عند حد ومتوافرة في شتى الوسائل ولم يعد الكتاب هو الباب الوحيد لنهل الثقافة، وإنما أصبحت القنوات الفضائية المتخصصة والشبكة العنكبوتية تلعبان دورا محوريا في دعم التجارب الشعرية، وأرى أنه ليس من صالح الشاعر حصر ثقافته في حدود قصيدته وخصوصا في الوقت الراهن لأن نشاط الشاعر لم يعد مقتصرا على النشر في الصحافة الشعرية، بل أصبح حاضرا في الحوارات التلفزيونية والإذاعية الفضائية والمجلات الشعرية والمنتديات الفكرية بمعنى أن الشاعر يجب أن يتعدى حدود قصيدته، فالموهبة الشعرية مثل النبتة متى ما سقاها الشاعر تنمو معه بمرور الوقت ومتى ما أهملها بقت على حالها وربما أصابها الجفاف ومن ثم الذبول والتلاشي، ولو أمعنا النظر في الواقع لوجدنا أن هناك تجارب ليست بالقليلة قرأناها منذ أكثر من عشر سنوات ولا زالت تكتب بنفس الأسلوب الرتيب والتراكيب المتشابهه في كل القصائد في حين أن هناك تجارب أخرى نراها تتطور باستمرار كلما قرأناها ونفخر بانتمائها لساحتنا، واعتقد بأنه من المفروض أننا تخطينا مسألة ثقافة الشاعر فهذا الأمر أصبح من البديهيات، إذ نطمح في جعل الارتقاء بالشعر الشعبي بحيث يصبح منهاجا يدرس للطلبة أسوة بالشعر الفصيح. يخالف كثيرون مقولة أن تعدد المعرفة باللغات يغني التجربة الشعرية - النبطية خصوصا - فيما لا يرى آخرون أي تأثير لهذه المسألة في كثافة وتماسك النص الشعري. ما قولك؟ - بالنسبة إلى تعدد اللغات أرى أنها مسألة تغني اللغة وتفتح آفاقا أوسع للشاعر في الإطلاع على الثقافات الأخرى ومنها الشعر والأدب، فتمكن الشاعر من لغة معينة يعطيه الأفضلية عن البقية في القدرة على نهل المزيد من تلك اللغة خصوصا في الإطلاع على الأفكار والأساليب الأخرى وروح النصوص والتي ربما تكون جديدة على عالمه الشعري، وحتى في ظل وجود الكتب والمراجع والدوريات المترجمة أرى أن الترجمة تنقل معاني النصوص ولا تنقل روحها إلا القليل منها وبهذا تفقد النصوص الكثير من جمالياتها، فمثلا إذا قمنا بترجمة قصيدة نبطية الى اللغة الإنجليزية بمقدورنا أن ننقل معاني الأبيات ولكن ليس بمقدورنا أن ننقل الجماليات الأخرى في القصيدة كالوزن والقافية. كثر اللغط كثيرا عن موقع الشاعر البحريني في خريطة الشعر الشعبي الخليجي، هل هي مسألة إمكانات عامة، أي ظروف مرتبطة بالعملية الإبداعية. أي مناخات... أم أنها مرتبطة بإمكانات الشاعر البحريني تحديدا؟ - لا أعتقد أن المسألة مرتبطة بالعملية الإبداعية بقدر ما هي واقع يفرض نفسه على الشاعر وعلى الساحة، فلدينا تجارب راقية يحق لنا التفاخر بها، ولكن وسائل إيصال تجاربنا للخليج محدودة الى حد ما إذا ما وضعناها في ميزان المقارنة مع الوسائل المتاحة لدول الخليج، ولكن على رغم تلك الظروف أرى أن هناك تجارب بحرينية أثبتت حضورها على ساحة الخليج، وأنا أحييها على ذلك التواصل الجميل فهو يحسب لها وللساحة، وإحقاقا للحق بدأت أخيرا صحوة كبيرة في ساحتنا من خلال نشاط منتديات الانترنت في تنظيم الفعاليات الشعرية وزيادة عدد الصفحات المختصة بالشعر في الصحافة المحلية وبرنامج "أحلى الكلام" الشعري والذي تبثه قناة البحرين الفضائية، إذ إنه استطاع بكفاءة طاقمه أن يستقطب شريحة كبيرة من جمهور الشعر في الخليج، ومسألة تعزيز موقع الشاعر البحريني تتطلب وقتا أطول وتوجيها صحيحا للطاقات وسعيا حثيثا للنهوض بالساحة من جميع الأطراف. كيف ترى تعاطي صفحات الشعر الشعبي مع الشاعر البحريني؟ هل بالغت في الإحتفاء به، أم أنها تعاطت بقدر من المهنية والتقييم المحايد لم ينجزه ؟ - أرى أن الصفحات الشعرية أنصفت الى حد كبير شريحة ليست بالقليلة من شعرائنا وفتحت أبوابها لهم سواء عن طريق نشر قصائدهم أو مقالاتهم أو إجراء الحوارات الصحافية معهم، ولكن لكل قاعدة شواذ، إذ إن هناك معدين بالغوا في تمجيد بعض الشعراء على أساس تقديم الدعم والتشجيع لهم، ولكن كان لذلك التشجيع المبالغ فيه نتائجه العكسية، إذ أصبح هؤلاء الشعراء يعيشون مرحلة خطيرة من التعالي والاعتداد بالنفس والغرور لا يوازيها تطور في نتاجهم الشعري ووصل الحال بهم الى فرض شروطهم على المعدين لقبولهم النشر في صفحاتهم كوضع قصائدهم على صدر الصفحة الشعرية أو كتابة المقدمات الخيالية لهم، وفي الجانب الآخر هناك شعراء ساعدهم ذلك التشجيع على بذل المزيد من الجهد في تطوير تجاربهم والبروز على الساحة. وإذا ما عرجنا على موضوع الصفحات الشعرية هناك سؤال يفرض نفسه هل جميع المعدين يمتلكون القدرة المهنية في التعامل مع الشعراء ونتاجهم؟ ما هي رؤيتك لانحسار الحضور النسائي الشعري في المملكة وما مرد ذلك في رأيك؟ - أعتقد أن أحد أهم مسببات هذا الانحسار ظاهرة موجودة في ساحتنا وهي أن الشاعرة تكون موجودة في بداية مسيرتها ومتواصلة مع الجميع الى أن تحقق لها مكانة لا بأس بها بينهم وما أن تقترب أو تصل تجربتها لمرحلة النضوج تبدأ تدريجيا نظرات التعالي لديها بحجة أن الساحة لم تعد تغريها أو تلبي طموحها. وحدث ذلك على أرض الواقع مع مجموعة من شاعراتنا، أيضا المسئوليات الأسرية الكثيرة التي تواجهها الشاعرة بعد الزواج تجبرها على التخلي عن الوجود على الساحة والتواصل مع الفعاليات الشعرية المقامة فيها، ولكن أرى بأنه أصبح من الضروري أن يقوم القائمون على الساحة سواء جمعية الشعر الشعبي أو معدو الصفحات الشعرية بتركيز الدعم لشاعراتها المتواصلات شعريا لأنهن الاستثمار الحقيقي للشعر النسائي في المملكة

العدد 1100 - الجمعة 09 سبتمبر 2005م الموافق 05 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً