العدد 1100 - الجمعة 09 سبتمبر 2005م الموافق 05 شعبان 1426هـ

من أحرقت لحية جار له فليسكب الماء على لحيته

غادة يوسف جمشير comments [at] alwasatnews.com

مازالت قلوبهم تحمل أحقادا، ولاتزال تنطوي نفوسهم على ضغائن دفينة لا تستطيع أن تبرح مكانها، فقد وجدت تلك الضغائن والأحقاد أماكن مريحة وخصبة تستطيع من خلالها أن تفرخ أحقادا أكبر، وقد عاشوا وتربوا على ذلك فلا يستطيعون الخلاص من تلك الآفات المتأصلة فيهم، لأنهم لا يريدون الخلاص، بل يتعاطون جرعات منتظمة، ومضادات في أوقاتها من أكابرهم ومسيسيهم حتى تبقى الآفات تجري في دمائهم. إنك لتسمع عجبا من هؤلاء ذوي التفكير السقيم، تسمع منهم كلمات تتهاوى من أسلات الألس في عصبية مجنونة، وفكر من موروث قديم تتناقله من فئة تظن أنها عالمة إلى فئة أخرى حتى يستقر المفهوم في أذهانهم بعد مرور السنين فيظنونه من الشرع أو من عصمة الله من الذنوب والخطايا، وما هو في شيء من ذلك سوى ما ابتدعوه من هوى أنفسهم حتى استحكمت البدعة فيهم فصار كل أمر مبتدع من الدين. لقد دفعوا تحت شبهة ضلالية وأخذت تتقاذفهم رياح الريب والأوهام، وتهزهم التخيلات، ويعيشون على التخرصات ويقسمون بالأزلام كعادة الجاهلية، فإن أذن لهم كبيرهم بشيء فإنه الحق والإذن من الله، وإن نهاهم عن شيء فذلك اختيار من الله، فهم في بقايا كهانات النافثات في العقد، كلما نظرت اليهم وإلى تصرفاتهم رأيت أنهم يوغلون في الضلال ويهوون إلى هاوية الضياع وكأنهم يعيشون في القرون الوسطى، ونحن نعيش في الالفية الثالثة، القرن الحادي والعشرين، ما عاد التعصب مقبلولا والتشدد مجديا، لا نفهم الغرض من هذا التشدد سوى حمل الناس على أفكارهم ومعتقداتهم وإملاءاتهم ونشر سيادتهم، وتحجيم المرأة من أداء رسالتها وتقليص دورها في المجتمع ومحاولة قهرها وثنيها عن مهمتها الانسانية في الحياة، وكأن الحياة ملك لهم وحدهم دون غيرهم، لا يريدون شراكة للمرأة، بل يريدون حصرها في زاوية ضيقة وفق أمزجة وأفكار بليدة هم يريدون أن يقودوها إلى طريق مظلم لا تعرف نهايته وهدفه وربما سخروها كجارية عليها أن تسمع وتطيع من دون نقاش أو همس بكلمة، وفيهم من يسخرها لأغراض شخصية وأهواء ونزوات عارمة. نحن نقول: إن أي أسلوب أو تفكير يهدف إلى ايقاف المرأة عن الدفاع عن حقوقها والوصول إلى أهدافها لن يجدي ولن يكون ذا بال بل سيجد صدا عنيفا ودفاعا قويا، لأن المرأة ما عادت كما هي عليه في السابق، فقد أثبتت جدارتها وحكمتها في إدارة الأمور، وأنها تقف موقفا يعجز عنه الرجال. إن الذي يدفع هؤلاء إلى تحجيم المرأة في شتى مناحي الحياة هو القهر والتشدد، ولكن المرأة ستتحرك وبقوة وسترفض جميع الاملاءات وستشق طريقها في الحياة بعزم وثبات لأنها موقنة بأنها ستحصل على حقوقها ومبتغاها، وإن طلبات المرأة لكثيرة لا يمكن أن نسكتها بمنصب وزاري واحد أو اثنين أو مقعد في الشورى والبلدي وبقايا مناصب متناثرة هنا وهناك، بل نطالب بالمناصفة في كل شيء حتى تستطيع المرأة أن تساهم بأفكارها. وليكن التعامل مع المرأة بعقل سليم، وتفكير ناضج، من دون استحقار أو اتهامها بالقصور، فقد مضى عهد كانت المرأة فيه مستحقرة في المحاكم من دون مراعاة حقها، حتى جاء يوم اقتلع فيه أصحاب المناصب من مناصبهم، فليعتبر أولو الأبصار والألباب. ونحن في الحقيقة بحاجة إلى اعادة ترتيب أوراق المحاكم لأنه يستقر هناك بعض ليس كفؤا لهذا المنصب، ولا يستحقه لقصور في علمه وعدم إدراكه، بل إن بعضهم لما يبلغ الحلم الشرعي يستطيع فهم النصوص والقياس والاجماع، فإبعادهم من دائرة المحاكم فيه سلامة للأسرة البحرينية من الضياع والدمار، ولا أعتقد أن في ذلك ضيرا. بل إن هذا موجود في الوطن العربي من عزل من ليس كفؤا لأي منصب. إننا حين نتحدث عن عدم أهلية بعض القضاة فإن القلم ليعجز عن ترداد وذكر المزالق التي ارتكبها البعض، فالأدلة على ذلك كثيرة، نذكر منها حادثة غريبة على مجتمعنا، لم نعهدها من قبل، وهي تزويج طفلة لم تبلغ ربيعها العاشر. ماذا يعني ذلك؟ يعني بالتأكيد عدم الفهم والتصرف، والتحكم بالهوى والتشهي، وعدم الادراك بما يجره ذلك العقد من حالة نفسية للطفلة، وعدم استقرار الحياة الزوجية، والمطامع الدنيوية وجلب الأموال. نحن نسأل: ما الذي أدى بهذا القاضي إلى كتابة هذا العقد؟ هل ايمانه العميق بأن الطفلة في هذا العمر الزهري قادرة على الانجاب والقيام بالرعاية الأسرية؟ أم أن عينيه خانتاه فلم ير تاريخ ميلادها؟ أم أنه استأجر عاملا أجنبيا يكتب عنه العقد؟ لا تهم الدوافع، ولكن يكفي أن نعرف أن فعلا كهذا يدل على سوء التصرف وفكر سقيم قديم طوى عليه الزمن، وتبلد بتراكم السنين فلم يعد يفكر أو يعقل. إن الامر يحتم علينا التحقيق في هذا الأمر، والوقوف على تفاصيل هذه الواقعة ومعاقبة المخطىء، كيلا تتكرر هذه المأساة، لأن السكوت عن هذا يسمح بتكاثر هذا الفكر المتشدد الذي لا يلقي بالا ولا أهمية لحق المرأة، وضيق الرؤية، وحمل الناس على أفكارهم وما يدينون به، وتخطئة الناس ورميهم بالضلال وعدم الفهم. إن اشراك المرأة في الحياة أمر لابد منه حتى يمكن للمجتمع أن يسير بأمان وبخطوات موثوقة، يحتك فيها الرأي والرأي الآخر، وسماع وجهة نظر غالبية المجتمع وهن النساء، ونقضي على التمييز الحاصل في جميع وزارات الدولة، وفتح أبواب المناصب القيادية لها، حتى تتمكن من ايصال أفكارها ومقترحاتها للنهوض بهذا المجتمع إلى أعلى المراتب، وإلا فإن إقصاء المرأة وعدم اشراكها في شتى مناحي الحياة لهو إيدان بخراب ولو بعد حين

العدد 1100 - الجمعة 09 سبتمبر 2005م الموافق 05 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً