صدر عن الامم المتحدة، الاربعاء الماضي، تقرير التنمية البشرية للعام ،2005 ورصد التقرير مستوى 177 دولة، وقال ان البحرين حصلت على المرتبة 43 عالميا، والثالثة عربيا "بعد قطر والامارات". وعلى رغم ان هذا يعني ان البحرين فقدت موقعها عندما كانت الاولى عربيا، الا ان الواقع هو أن قطر والامارات والبحرين تقترب من بعضها بعضا، وهي على اية حال في مرتبة غير عالية جدا مقارنة مع الدول المتقدمة. مفهوم "التنمية البشرية" يعتمد على نظرية تربط الجانبين الاقتصادي مع الاجتماعي، وتعتبر الانسان محورا وغاية للتنمية المستدامة، وأن هذا الانسان يحتاج الى "نمو اقتصادي" متوازن، تحيطه بيئة اجتماعية مناسبة تمكنه من توسيع خياراته في الحياة. وعلى هذا الاساس، فإن مستوى الدخل مهم لأنه يوفر المادة، والتغذية مهمة للجسد السليم، والرعاية الصحية مهمة، والتعليم مهم لأنه الوسيلة التي تنمي الابداع لدى الانسان وتعطيه القدرة على الاختيار بعد ان يتمتع بحياة آمنة وخالية من الامراض لفترات طويلة. التنمية المستدامة هي التي تشمل كل الناس، وهذا يتطلب العدالة في توزيع الثروات، وحسن التصرف بحيث ينمو الانسان في بيئة نظيفة من الناحيتين الطبيعية والاجتماعية. ولذلك فإن الحديث عن هذه المرتبة او تلك ليس مهما، لأن مثل هذه الارقام خادعة ويجب ألا تبعد انظارنا عن المفهوم والمحتوى الذي تتحدث عنه متطلبات التنمية المستدامة. ان كثيرا من البلدان تعي حاليا أن عليها أن تستثمر في الصحة والتعليم بشكل استراتيجي، وأن تطور برامجها بحيث ينعم المواطنون بأجسام سليمة ولديهم مستوى من التعليم الذي يؤهلهم الدخول في العملية الاقتصادية بشكل متطور ومستديم تكون آثاره واضخة بالنسبة الى ارتفاع مستوى المعيشة وتقليل عدد الفقراء، وعدم افساح المجال لفئة صغيرة بالاستحواذ على ثروات الوطن على حساب المجموع الأكبر من المواطنين. ان الموارد البشرية المتطورة هي التي تمتلك القدرة على تطوير قدراتها الذاتية وبحيث يستطيع المواطن الاستفادة من ارتفاع الدخل في تفعيل دوره في الحياة العامة والمشاركة في اتخاذ القرارات وتحديد الخيارات. وهذا يتطلب ارتقاء بالمستوى التعليمي والثقافي. تقرير التنمية البشرية الذي صدر الاسبوع الماضي أشار إلى انه و"منذ صدور التقرير الأول قبل خمس عشرة سنة فإن أبناء البلدان النامية هم في المتوسط أحسن صحة وأفضل علما وأقل فقرا، لكن في الوقت نفسه يجب عدم المبالغة في تقييم هذا التحسن، وخصوصا أن الأرقام تشير إلى ان 18 بلدا بمجموع سكان يصل إلى اكثر من 450 مليون نسمة سجلت علامات على التنمية البشرية أقل مما كانت عليه في العام ،1990 ما يمثل ارتدادا لا سابق له". البحرين اذا ليست وحدها التي تراجعت عن مستواها في مؤشر التنمية، وتعود اسباب التراجع الى عوامل عدة خاضعة للنقاش والحوار. ولكن من بين الاسباب التي يشار اليها بشكل عام هو "الفارق الكبير في الثروات والفرص المتاحة التي تقسم المجتمع البشري". ولكن بشكل مباشر، فإن علينا أن نراجع مناهج التعليم ومراجعة برامج الرعاية الصحية، وقياس ذلك مع ارتفاع او انخفاض مستوى المعيشة، وبالتالي تحديد الاستراتيجية لسد الثغرات والصعود إلى مستويات تقترب من الدول المتقدمة على مستوى العالم أجمع
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1100 - الجمعة 09 سبتمبر 2005م الموافق 05 شعبان 1426هـ