قبل الانتخابات الماضية للمجالس البلدية ومجلس النواب صدر التصريح الحكومي بتكوين الجمعيات المختلفة... وهي الاسم الآخر للأحزاب السياسية... بعض الجمعيات السياسية (الأحزاب) كانت موجودة أصلاً ولكن بشكل غير رسمي وبعد التصريح الحكومي أشهرت... وبعض الجمعيات أنشئت وأشهرت بعد أن صدر التصريح الرسمي... في الانتخابات التي جرت لاختيار أعضاء المجالس البلدية شاركت تقريباً جميع الجمعيات، ولكن لاختيار أعضاء مجلس النواب قررت بعض الجمعيات الدخول في الانتخابات كما قرر البعض الآخر عدم الدخول والمشاركة في الانتخابات بسبب الاعتراض على بعض من القرارات والقوانين التي اعتبروها مجحفة في حقهم... الجمعيات التي قررت المشاركة في الانتخابات النيابية خصوصاً جهزت مرشحيها ودعمتهم بالمال وبجمع الأصوات اللازمة لهم للفوز بمقاعد مجلس النواب من خلال الإعلانات البراقة ذات الوعود الرنانة... وجاءت أيام الانتخابات وانتهت وفاز من فاز وسقط من سقط... الذين فازوا وأصبحوا نواباً للشعب في المجلس نسوا الشعب ومتطلباته ونسوا وعودهم الرنانة لناخبيهم وتذكروا فقط متطلباتهم الشخصية للحصول على مكاسب باهظة الكلفة تزيد الضغوط المالية على كاهل الدولة والمواطنين... وضغطوا على الحكومة كثيراً للحصول عليها فحصلوا على أكثر منها... الرواتب العالية والسيارات الفخمة والسفرات الراقية إلى الدول البعيدة وبدل مكاتب وبدل سفر وبدل للمرافقين (بادي جارد)... هذا عدى عن المكاسب الخفية والتي تأتي من تحت الطاولات وخلال الزيارات للوزارات المختلفة... نسي عضو مجلس النواب الناخبين الذين صوتوا له وجعلوه يفوز وتذكر نفسه فقط وكيفية استغلال مركزه فأصبح لا يمشي مشياً طبيعياً بل يختال أمام الناس وعدد من المرافقين (البادي جارد) دائماً معه لزوم الوجاهة... واحد يمسك الهاتف وواحد يحمل البشت وواحد يحمل السيجار إن كان النائب من الخط التقدمي أو يحمل المسواك إن كان النائب من الخط الإسلامي... والمرافقون (البادي جارد) لكل نائب لابد أن يكونوا مثله ولكن على مستوى أقل طبعاً، فإذا كان النائب يملك لحية كثيفة وطويلة تصل إلى بطنه، فإن المرافقين معه لابد أن يكونوا ملتحين بلحى تغطي فقط الرقبة... وإن كان النائب له كرش فلابد أن يكون للمرافقين كروش ولكن على مستوى أصغر... وإن كان النائب من أصحاب لبس البدلات ذات الموديلات الراقية فإن المرافقين معه يكونون من لابسي البدلات ولكن المشتراة من تجار الجملة... أخذ النواب كل شيء ولم يعطوا لناخبيهم أي شيء، واقترب الفصل التشريعي الأول من نهايته من دون أن يرى المواطن العادي أي تغيير يذكر في المسلك الحكومي... التغيير الوحيد الذي حصل هو فقط في شكل النواب وهيئتهم ولهذا، فقد تنبه الباقون من أعضاء الجمعيات السياسية جميعاً (المشاركة والمقاطعة) إلى وجاهة وفائدة أن يكون الشخص نائباً في المجلس (أكل وبلعة وقلة صنعة) فاحتدمت الصراعات الداخلية بينهم فيمن سيكون مرشحهم القادم والمسنود من قبلهم... انقلاب على رئيس جمعية لتغييره واجتماع مكثف لطرد عضو بالجمعية فكر في ترشيح نفسه للانتخابات المقبلة في الدائرة نفسها التي هي محجوزة لنائب رئيس الجمعية وضغط على رئاسة الجمعية لإنهاء المخاصمة للانتخابات والدخول في المعترك... الكل أصبح هاجسه الوجاهة والأكل من الكعكة الدسمة التي تقدمها الحكومة على أطباق من ذهب إلى جميع نواب البرلمان بمجلسيه الشورى والنواب... لذلك، ومنعاً لأية صراعات قادمة قد تؤثر على سمعة المملكة في الخارج، فأنا أقترح أن تكون مدة العضوية في مجلسي النواب والشورى سنة واحدة فقط يحصلون فيها على جميع الإمتيازات التي تضمن مستقبلهم لخمسين سنة مقبلة ثم يتركونها لأعضاء آخرين يستفيدون... وهكذا كل سنة يستفيد والعشرات من الشعب بالمميزات الخرافية... وبما أننا شعب قليل العدد فإنه في مدة ليست بالطويلة سيكون عموم البحرينيين في بحبوحة من العيش بلا انتخابات وبلا جمعيات
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1098 - الأربعاء 07 سبتمبر 2005م الموافق 03 شعبان 1426هـ