نرى من الضروري أن يتم التعامل مع قضية توطين الوظائف للبحرينيين بشكل أكثر جدية وفاعلية ليس من باب إيجاد وظائف لآلاف العاطلين عن العمل فحسب، بل لأن توطين الوظائف بين أبناء البلاد يعني وبصورة لا تقل أهمية توطينا للاقتصاد والتنمية. أي ربط التوطين ليس باحتياجات سوق العمل فحسب، وانما بكل قطاعات الإنتاج والخدمات في اقتصاداتنا الوطنية. فالصناعات والسلع والبضائع - وعند إدخال عامل كلفة العمل الوطنية - سترتفع نسبة انتاجها محليا. وبالتالي فإن الاقتصاد لن يكون اقتصادا وطنيا ما لم تكن غالبية وسائل الإنتاج وطنية، ورأس المال وطنيا، والقوى العاملة وطنية وبالتالي فإن الإنتاج يصبح آنذاك وطنيا يعزز من تطور الاقتصاد والمجتمع. ومن حق القطاع الخاص أن يتساءل كيف يمكن تحقيق التوطين للوظائف؟ ان التوطين من خلال الاحتراف هو السبيل الأمثل لتلبية احتياجات سوق العمل تلبية علمية ومنهجية بعيدا عن العواطف والشعارات المجردة. ان الاحتراف كمفهوم وممارسة بحاجة الى عناصر أساسية لتكريسه وغرسه في نفوس العمالة الوطنية. ولعل أهم هذه العناصر هو الشعور بالولاء للعمل والوظيفة والإخلاص لها. فمن دون الولاء والإخلاص لا يمكن للفرد أن يبدع في عمله ويتقنه على أحسن وجه. والولاء والإخلاص لا يأتيان من فراغ، وإنما من خلال الشعور بالرضا في العمل. هذا الشعور تولده البيئة المادية والمعنوية المحفزة على خلق الانتماء والولاء. وهذا يعني بالضرورة أن الاحتراف كطريق الى تنفيذ برامج التوطين يلقي مسئوليات على العاملين مثلما يلقي مسئوليات على أصحاب العمل في تحسين ظروف العمل معنويا وماديا، ولا سيما تحسين مستويات الرواتب والحوافز الأخرى المقدمة. والعنصر الثاني المهم هو وضع منهاج واضح لإعداد العامل الوطني لبلوغ مرحلة الاحتراف المهني. ويجب أن يرتكز هذا المنهاج على برامج ووسائل تهدف الى توفير المهارات والمعارف المطلوبة لدى العامل. ومن بين البرامج والوسائل المطلوب تنفيذها في مرحلة الإعداد لبلوغ مرحلة الاحتراف التركيز على الأساس العلمي والمعرفي لدى العمالة الوطنية، وذلك من أجل تطوير مهارات الإبداع والابتكار لديها. وهذا يقودنا مرة أخرى للمطالبة بمراجعة مجمل المناهج والسياسات التعليمية، وتبني أحدث السياسات التعليمية أو ما بات يطلق عليه في أدبيات التنمية البشرية الحديثة التي تبنتها المنظمات الدولية بالتعلم مدى الحياة من أجل القابلية للعمل مدى الحياة Lifelong Learning for Lifelong Employability. وهذه السياسات يمكن تطبيقها من خلال الربط بين مؤسسات التعليم والتدريب ومؤسسات المجتمع، وذلك من خلال تشجيع البحوث التقنية والتطبيقية والدعم المادي لها، ومشاركة القطاع الخاص في إعداد البرامج والمناهج وفي الدعم المادي لتحقيق تعاون أوثق معها
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1098 - الأربعاء 07 سبتمبر 2005م الموافق 03 شعبان 1426هـ