المراقب للساحة البحرينية لابد وأنه يلاحظ مدى الديناميكية التي تتميز بها البحرين عن غيرها من دول المنطقة الخليجية. فلدينا جمعيات سياسية تناقش موضوعات شتى تتعلق بالشأن العام، بل وتحدد مستقبل ومسار هذه الجماعة أو تلك متحدثة عن مجمل التطورات الأساسية في البلاد من وجهة نظرهما إزاء ذلك. فالمناقشات الحاصلة بشأن التسجيل أو عدم التسجيل بحسب متطلبات قانون الجمعيات السياسية يعتبر حوارا متطورا من الناحية الديمقراطية، لأنه يمثل نقطة حيوية وتفاعلية بين القوى الوطنية وبين الدولة وذلك ضمن بيئة تفسح المجال للرأي والرأي الآخر. إن هذه الأجواء تعد جزءا من الحراك الاجتماعي والسياسي التي تنطلق بين شد وجذب بين الآراء والأطروحات في صورة كنا نسمع عنها في الماضي عبر الهمس في الآذان أو عبر العمل السري المنظم بين جماعة وأخرى. إن المرحلة التي تعايشها الأجيال البحرينية اليوم هي مرحلة مهمة تعبر عن عملية الانتقال والتعبير عن الأفكار بصورة علنية واضحة من دون أية رتوش حمراء قد يعجب أو لا يعجب بعضا من وجهات نظرها الحكومة أو نفر من الناس... وهكذا هي عجلة المناخ الديمقراطي لا يمكن أن تسير تحت خط واحد وبلون واحد. وإن كنا نبحث عن ديمقراطية كاملة فهي لن تنجلي بين يوم وليلة، بل هي مسألة تحتاج إلى وقت أطول يعتمد على تطور الحراك الاجتماعي الذي بدوره يطور الحراك السياسي أي من فكر وثقافة وهو مشروع طبيعي ينمو بحسب تغير وتبدل الأفكار، لأن لكل مرحلة توجها وأدلجة معينة تهيمن على الفئة الغالبة... لكن الحال لا يبقى على هذا المنوال لأن الأفكار تتبدل كما يتغير توجه أي فرد أو جماعة بحسب المتغيرات التي تطرأ على المجتمع. وأملنا في ظل هذا المناخ الذي نعيشه والذي يدعونا إلى تميز عن غيرنا من دول الخليج أن تتوصل الجمعيات إلى قرارات تخدم العملية السياسية في البحرين لا أن ترجعنا إلى الوراء.