انطلقت صحيفة "الوسط" في 7 سبتمبر/ أيلول 2002 بعد الانفتاح السياسي الذي أعلنه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وكان من بين المهمات التي استهدفتها "الوسط" إزالة الكثير من "الأوهام" التي أنتجتها سنوات سابقة لم تكن تفسح المجال لفهم الأمور بصورة أوضح. وعلى هذا الأساس، كان على "الوسط" أن تخرج بنهج يعتمد الواقعية والمبدئية في آن واحد، والى ذلك يشير اسم الصحيفة. فهي تتوسط المجتمع وفئاته، وهي أيضا تتوسط الالتزام بالمبدئية التي تعطي الإنسان قيمته الحقيقية، والأخذ في الاعتبار الواقع المعاش، وضرورة الالتزام بالواقعية. البيئة النمطية التي سبقت الانفتاح السياسي كانت تطرح نظرتين فقط. احداهما بيضاء ناصعة تجمل كل شيء وتخفي العيوب، وتمتدح كل ما يصدر عن الجانب الرسمي مهما كان ذلك الأمر. النظرة الأخرى كانت النظرة السوداوية التي تصف كل شيء بالقصور والتخلف والعجز المطلق. وعلى رغم أن النظرة الأخيرة لم يسمح لها بالانطلاق في الصحافة، فإنها كانت تنتعش بين الناس من خلال أحاديث المجالس والوسائل التي تتوافر لمن لا يسمح له بحرية التعبير. أصحاب الأفكار النمطية يتفرعون إلى موضوعات أخرى، بعضها يدعو إلى العنصرية والطائفية، ولكن في واقع الأمر فإن كثيرا من هذه التفرعات إنما هي نتاج انعدام التوازن في الطرح، أو رفض الاعتراف بالآخر، أو عدم وصول ثقافة التعايش السلمي الديمقراطي إلى من يؤمن بمثل هذه التوجهات. من السهل أن يتحدث المرء عن الإمساك بالعصا من الوسط، أو عن النظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، ولكن الصعوبة تكمن في أن التراث السابق يدفع باتجاه بلورة الأمور على أسس وهمية وغير صحيحة. وعليه، فإنه كان على "الوسط" أن تتحدى الخطابات والأجواء المتشنجة، وان تفتح "نوافذ" المجتمع على بعضها الآخر، دعما للمشروع الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك، ووقوفا مع كل القوى الوطنية المخلصة التي ضحت من أجل أن تتقدم البحرين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. مع دخول "الوسط" عامها الرابع، فانها تشهد مؤشرات تؤكد أن جهود المخلصين في الدولة والمجتمع بدأت تثمر نتائج حسنة. وهذه هي الجهود التي تؤمن بها وتدعمها صحيفة "الوسط". فالحوارات بين القوى المجتمعية تشير إلى توجهات تختلف عن الماضي الذي ينظر إلى كل شيء على أساس نظرية "مؤامرة". كما أن القرارات الرسمية لم تعد أسيرة للتقارير المشوهة، فحرية التعبير أعطت مجالا لمن بيده القرار أن يطلع على مختلف وجهات النظر، وهذا بحد ذاته يساعد على اتخاذ القرارات المعتدلة وغير المتشنجة. "الوسط" تغمرها السعادة لأنها "جزء" من كل هذه الجهود الوطنية التي حدثت، وستستمر في حثها على الاعتدال في معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبطبيعة الحال، فإن الدور الأكبر الذي يقع على قوى الاعتدال يتركز في مكافحة وإزالة "الأوهام" التي زرعت في الماضي، ويحاول البعض تعزيزها خدمة للمصالح الأنانية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1098 - الأربعاء 07 سبتمبر 2005م الموافق 03 شعبان 1426هـ