العدد 1097 - الثلثاء 06 سبتمبر 2005م الموافق 02 شعبان 1426هـ

من حماقات السياسة... "آخذو الرهائن"

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

في مقاله المهم "في السياسة ومكر الخطاب"، يركز - أستاذ اللسانيات بالجامعة التونسية - عبدالسلام المسدي على استخلاص بعض المعاني المهمة في نزوح الفرنسيين إعلاميا "ربما من دون توظيب مسبق وربما لأول مرة في تاريخها - على استعمال لفظ لم يكن كثير التداول وهي تتحدث عن الذين أسروا الرجلين. لم تكن تقول عنهم "الإرهابيون"@Mes terroristes وهو المصطلح الشائع لدى معظمها في مثل هذه الحال، ولم تكن تسميهم الخاطفين les ravisseurs إلا نادرا، كانت تستعمل لفظا معناه "آخذو الرهائن"@Mes preneurs dصotages فكانت فرصة ثمينة أن يبحث كل الفرنسيين في لغتهم عن الكلمة التي تحقق الدرجة القصوى من الدلالة المحايدة". الصورة المقابلة هي أن المقاومة كانت تتحدث عن الرجلين بوصفهما أسرى، كانت تتحدث عن أسيرين لا عن رهينتين، وثمة فروق جوهرية بين "الأخذ" "والاختطاف"، من جهة وبين "الرهائن" و"الأسرى" من جهة أخرى. وبعيدا عن فرضية الحرص على سلامة الرهائن، فإن الفرنسيين ببساطة كانوا يمثلون الحماقة - كالعادة - التي تراهن على الفراغ. السياسة الفرنسية اليوم تتشدق "المثالية"، ما بين خطابها السياسي وبين إجراءاتها الاجتماعية. أزعم شخصيا، أن ثمة حلقة مفقودة في التاريخ الفرنسي، نتيجتها أن الفرنسيين عاجزون عن إيجاد حبكة سياسية اجتماعية قادرة على مسايرة الكونية الجديدة. حينما خرجت "الليموند" الفرنسية صبيحة اليوم التالي لحوادث سبتمبر/ أيلول بصفحة أولى سوداء بالكامل لتكتب كلمتين فقط لا غير "كلنا أميركيون"، كان المشهد يذهب إلى ان فرنسا تدرك الرهانات القادمة ومدى خطورتها، وكذلك كان موقفها في تحرير أفغانستان، إلا أن الفرنسيين تراجعوا بعد ذلك، وعلى رغم أن شركة النفط العملاقة "توتال" الفرنسية لامت الساسة الفرنسيين كثيرا لتفويتهم الفرصة عليها أمام استثمارات "مليارية" في العراق، فإن مسمى "آخذو الرهائن" كان أكثر مغالطة للقيم والمثالية والواقع الفرنسي على حد سواء. يقول المسدي "إن رجل السياسة يرتجل الكلام ارتجالا فيصيب ويخطئ، ورجل السياسة قد يهيئ الكلام ويهيئونه له، فيعرف الناس أنه لم يحرره بنفسه" هذا ما لا نجده في الخطاب السياسي الفرنسي، فالوضع هناك أشبه بالتلفيق بين نزعة الأنسنة وبين مصالح "توتال"، وفي الغالب، الفرنسيون دائما لم ينالوا، لا "عنب أفغانستان" ولا "بلح العراق".

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1097 - الثلثاء 06 سبتمبر 2005م الموافق 02 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً