العدد 1097 - الثلثاء 06 سبتمبر 2005م الموافق 02 شعبان 1426هـ

1096 يوما على"الوسط"

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

أمس صدر العدد 1096 من "الوسط". وبحساب الزمن مضى على "الوسط" 1096 يوما من العمل المضني والمتواصل. الآن وبعد مضي تلك الساعات الطوال لابد من قراءة التجربة والتعلم منها والاستفادة من نجاحاتها وعثراتها لتجديد الفكرة وتطويرها وتحديثها ثم إعادة تكييفها مع الظروف والتطورات. قراءة التجربة مهمة لأن مفهوم الفكرة بدأ من تصورات نظرية "مهنية وحرفية" وكان لابد للفكرة من تجربة لاختبار مدى نجاحها وكيف يمكن تطويرها لتحافظ على زخمها وقوة اندفاعها. فالتجربة في النهاية معرفة ملموسة وهي لا تأتي من التخيلات وإنما من العمل نفسه. فالعمل هو إنتاج وحين يتراكم الإنتاج تتراكم المعرفة. والمعرفة حين تتراكم تؤدي في النهاية إلى نوع من التطور وتدخل بعض التحسينات على الفكرة نفسها. المعرفة التجريبية ترشد النظرية وتضع علامات على طريق العمل لتوضيح صورة الفكرة. وبسبب تراكم التجربة لابد من العمل مجددا على إعادة إنتاج الفكرة وهيكلة مشروعها حتى تستأنف نشاطها بأسلوب يتكيف مع البيئة الثقافية والمحيط الإقليمي والمشترك العربي والإسلامي والإنساني. "الوسط" في هذا المعنى العام مثلها مثل أي مشروع طموح يبدأ أو ينطلق من فكرة "تصورات نظرية" وبعد البدء تأخذ المسيرة اليومية بإنتاج تصوراتها التي هي وبطبيعة الحال نتاج المنطلقات الرئيسية ولكنها تضيف إليها الكثير من التعديلات حتى تنسجم النظرية العامة مع واقع البحرين المتحرك في دوائره المحلية والإقليمية والعربية والدولية. وعلى أساس هذا الواقع المتحرك "المصالح المرسلة" يعاد ترتيب الأولويات لتكون قادرة على التجاوب مع البيئة الثقافية وكذلك على تقديم أجوبة عن أسئلة لا تتوقف. حتى الآن لاتزال تجربة "الوسط" في بداياتها الأولى وهي بدايات ناجحة والحمد لله. إلا أن البدايات تحتاج دائما إلى معرفة تجريبية "حسية" لتعزيز الفكرة الأصل وتطويرها حتى تحافظ على قوة اندفاعها الأول. وهذا لا يتحقق من دون وجود إرادة واعية تهتم بالجوهر ولا تتلهى بالقشور وتتوجه إلى الهدف مباشرة، لأنه هو الوحيد الذي يوحد المشاعر والمصير ويعزز المشترك ويقصي تلك الزوائد. هناك أجوبة كثيرة اكتسبتها "الوسط" من تجربتها. وهناك الكثير من الأسئلة لاتزال تبحث لها عن أجوبة. وهذا هو جوهر التطور في صوره المختلفة. فالمشروع يبدأ من فكرة - تجربة - فكرة لينتقل بعدها إلى طور أعلى يبدأ من تجربة - فكرة - تجربة. ومن يستفيد من تجربته "المعرفة الحسية" يستطيع أن يطور فكرته ويغذيها بالمزيد من الرؤى والمدارك. وهذا ما حاولت "الوسط" أن تفعله في فترة زمنية قصيرة نسبة إلى تجربتها الخاصة التي ابتكرت مجموعة زوايا وصفحات ونهجا مختلفا في التعاطي مع قضايا الناس. فالتعامل المتميز في منطقه وجوهره شكل روح "الوسط" وقوتها الذاتية في الدفع إلى الأمام والتقدم المستمر الذي لم يتوقف منذ السابع من سبتمبر/ أيلول .2002 الآن وبعد 1096 يوما أنهت "الوسط" فترة تجريبية غنية بالمعرفة الحسية لتبدأ من جديد بإعادة هيكلة الفكرة وهندستها وترتيبها وتركيبها من دون أن تقطع مع المبدأ الأول وإنما لتطويره في سياق متجدد قادر على استقبال التحديات الوافدة أو الآتية أو النامية. وأساس تلك التحديات يبقى تحدي "الوسط" لنفسها واستعدادها الدائم للتطوير العمودي "النوعي" وعدم الانزلاق نحو الانفلاش الأفقي "الكمي". فالتطور الحقيقي هو في النوع لا الكم. وبسط الصفحات من دون هوية يفقد القارئ التركيز ويعطل عليه إمكانات الاستفادة من تلك الكلمات المنثورة بالآلاف... وكذلك يفتح الباب نحو المزيد من الفوضى والتهلهل وعدم القدرة على السيطرة. التطور النوعي هو مبدأ "الوسط" وهو الأسلوب الخاص الذي عزز هويتها وأعطاها تلك القدرة على النمو والتواصل انطلاقا من قاعدة احترام القارئ وعدم التخلي عنه وقت الحاجة.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1097 - الثلثاء 06 سبتمبر 2005م الموافق 02 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً