مع هذا اليوم، 7 سبتمبر/ أيلول، تبدأ "الوسط" عامها الرابع بعد أن أكملت ثلاثة أعوام من نشاطها الصحافي، وبهذه المناسبة نستذكر إن نجاح المشروع قام على عدة عوامل أساسية، منها الرسالة الوطنية التي تحملها "الوسط" على عاتقها، ومنها الصدقية والاعتدال في الطرح. ولكن ومن دون شك فإن لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الفضل في انطلاق حرية التعبير واتساع مساحتها إلى الدرجة التي فسحت المجال لمشروع مثل "الوسط". جلالة الملك قال في حديث له مع رؤساء تحرير الصحف المحلية بتاريخ 19 ديسمبر/ كانون الأول 2003 "نحمد الله ان الآراء لدينا يتم تناولها بحرية والصحافة تعكس ذلك، وكتاب الاعمدة يتناولون الموضوعات التي تهم المواطنين...". وفعلا، فإن الصحف البحرينية تعتبر حاليا من أكثر الصحف التي تتمتع بحرية في التعبير في المنطقة. هناك من يطرح أن الاستقرار السياسي يمكن ضبطه أمنيا فقط، ولكن وجهة النظر هذه قاصرة. ففي العام 1811 م كتب الفيلسوف الاسكتلندي "جايمس ميل" مقارنا الاستقرار السياسي في عدة بلدان، وخلص إلى نتيجة، قال فيها إن السبب في استقرار الأوضاع في بلدان مثل بريطانيا وهولندا وسويسرا واميركا آنذاك، مقارنة مع استمرار الاضطرابات السياسية في بلدان مثل فرنسا، هو أن الدول الأكثر استقرارا لديها صحافة حرة، بينما الدول الأكثر اضطرابا تخنق حرية التعبير. الفيلسوف الاسكتلندي له أيضا ابن اسمه "جون ستيوارت ميل"، وهو أيضا من فلاسفة بريطانيا الكبار، وقد كتب "ميل الابن" في 1859م قائلا ان "الشر" في اخماد حرية التعبير يكمن في ان هذا الأخماد يعتبر سرقة الإنسانية واجيالها من الاطلاع على وجهة نظر أخرى. فإن كانت وجهة النظر التي منعت صحيحة، فإن الإنسانية حرمت منها، وان كانت خاطئة فإن الإنسانية حرمت من التعرف على الخطأ في الفكرة والتعلم منها. تراثنا الإسلامي زاخر بالمفاهيم الداعية إلى حرية التعبير، ولو انها كانت تطرح من خلال مفاهيم أخرى مثل النصيحة والمشورة. ولذلك فإن تراثنا ينقل قولا عن الخليفة عمر بن الخطاب "رض" معلقا على حق المسلمين في الاستماع للنصيحة "لاخير فيكم إذا لم تقولوها، ولاخير فينا إذا لم نسمعها منكم". مشروع "الوسط" دخل الساحة البحرينية على هذه الأسس، ولذلك فإن الصحيفة لم تدخر جهدا خلال السنوات الثلاث الأولى في عرض وجهات النظر المتنوعة عن الشأن البحريني بشكل لم يكن موجودا من قبل. وعلى هذا الأساس تبنت "الوسط" قضايا الوطن والمواطنين قاطبة من دون تفريق. فصحيفة "الوسط" دافعت عن حقوق المعتقلين سواء كانوا في "غوانتنامو" أو لأسباب سياسية او غير سياسية في البحرين، و"الوسط" دافعت عن كل قضايا البحرينيين بروحية جديدة تبحث عن القواسم المشتركة لتعززها وتوسعها، وتدافع عن الحريات العامة، وتدعو إلى اقتصاد قائم على التنافسية والشفافية، وتدعو إلى فتح "النوافذ" بين جميع فئات المجتمع، وتدعو إلى مد "الجسور" مع كل الثقافات والحضارات والبلدان... كل ذلك بهدف اغناء الحياة العامة البحرينية. ونحن نبدأ العام الرابع من عمر "الوسط" فإننا نتطلع إلى تقديم المزيد من الخدمات إلى شعب البحرين والى جميع قراء "الوسط" أينما كانوا.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1097 - الثلثاء 06 سبتمبر 2005م الموافق 02 شعبان 1426هـ