العدد 1096 - الإثنين 05 سبتمبر 2005م الموافق 01 شعبان 1426هـ

وزارة الشئون الاجتماعية والخطاب المزدوج!

رجاء لا تدخلوا الصناديق في مستنقع السياسة

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

انه لأمر محزن - إن صح ما نقل والعهدة على الناقل - ان وزارة الشئون الاجتماعية أوعزت لبعض الصناديق الخيرية ذات لون مذهبي واحد الدخول ضد طرف ما في معركة السياسة، فهذا وبغض النظر عن الدوافع والحيثيات يمثل جريمة بحق العمل الخيري في بلادنا.

فالصناديق الخيرية هي عناصر إضاءة جميلة حافظت على نزاهتها حتى ما قبل بحرين الإصلاح، وقد لعبت دورا حيويا في مساندة الكثير من العوائل البحرينية الواقعة على خط الفقر، فأنا لا أميل، بل أكاد أن أكون جازما ألا دخل لوزارة الشئون الاجتماعية في هذه اللعبة، لأني أدرك جيدا أن على رأس قيادة هذه الوزارة كفاءتين نسائيتين مشهودات لهما بحس التدبير والحكمة في التصرف.

الوزيرة فاطمة البلوشي أكاديمية متمرسة، وناشطة فاعلة في الحقل الخيري حتى قبل توليها زمام الوزارة، وقبل ذلك هي مواطنة مخلصة لا أعتقد أنها تسمح لنفسها في موقع المسئولية الاساءة الى فئة من المواطنين المشاركين في ندوة سياسية في العاصمة البريطانية سواء اتفقنا مع هؤلاء المواطنين في طرحهم أو خالفناهم، وكذلك الأمر لا يختلف كثيرا مع مديرة تنمية المجتمعات المحلية في الوزارة بدرية الجيب التي كانت - واعتقادي انها لا تزال - تؤكد ضرورة ابعاد الصناديق ومؤسسات النفع العام عن دائرة السياسة.

اذا صح تحليل عدم علاقة الوزارة بالخطوة التي انتهجها ثلة من الصناديق، فإن الحادث أبلغ ووقعه أكثر تأثيرا، وهو احد خيارين لا ثالث لهما، أما أن تكون هناك ثمة أطراف خفية تحرك الوزارة، أو أن تكون الصناديق الموقعة على اعلان تجاري لادانة "ندوة لندن" لا تفقه القانون وليست ضليعة في عملها، وهذا يعني أوتوماتيكيا أن ادارات الصناديق التي شاركت في هذا الاعلان لا تصلح لادارة مفصل مهم من مؤسسات المجتمع المدني، وهي الصناديق الخيرية التي يفترض في من يديرها البعد عن الهوى السياسي والهوس الطائفي، فأي معنى للصناديق المسيسة والمؤدلجة، وماذا عساها أن تنتج وتوزع ثروات الفقراء بالعدالة والنزاهة وهي ذيل لهذا الاتجاه السياسي أو ذاك.

للتاريخ وللامانة أقول ان بعضا من ادارات الصناديق الخيرية التي أجبرت جبرا على توقيع هذا البيان السيئ هي من الكفاءات الوطنية النزيهة التي أنا أجل عنها مسألة التخبط السياسي والهذيان الطائفي غير المبرر، ففي ادارات تلك الصناديق مفكرون وناشطون مخلصون لوطنهم ولرسالتهم الاجتماعية النبيلة، وبالتالي هم على درجة عالية من الوعي والحصافة السياسية بحيث يفترض أنها تحصنهم من ضغوط هنا وهناك.

الصناديق الموقعة على هذا البيان السيئ - سواء كانت مخيرة أو مجبرة - عليها أن تعيد حساباتها، وتفكر في كيفية التكفير عن ذنبها، والا فعلى العمل الخيري في مملكتنا السلام، لأن بعضا من تلك الصناديق يرئسها نواب وبلديون شاركوا مخيرين أو مكرهين في دفع رسوم باهظة لإعلان تجاري سياسي أقل ما يقال عنه انه لا يتناسب ونزاهة العاملين في الحقل الخيري، فاليوم دفعوا قيمة إعلان باهظ الثمن بعشرات الالاف من الدنانير، وغدا قد يساهمون في تمويل الدعايات الانتخابية لأنفسهم ولغيرهم مادامت وزارة الشئون الاجتماعية قد وضعت الحبل على الغارب.

وزارة الشئون الاجتماعية واجب عليها اشراك الصناديق في برامج التنمية واستراتيجية دعم الأسر البحرينية التي تقودها الوزيرة البلوشي شخصيا، بدلا من اللهث والتملق السياسي والرغبة الفضولية في دعم طرف سياسي على آخر، فاذا صدقت قصة الراوي ان للوزارة يدا فيما حدث، فهي سابقة خطيرة، وتجاوز كبير على الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وعلى أعضاء السلطة التشريعية الوقوف في وجه هذا المنطق الاعور، ومنع هذه الازدواجية العارية التي لا يمكن أن تصدر من وزارة على رأسها وزيرة نظيفة مثل البلوشي!

مما لا شك فيه أن المتأمل في تجربة الانتخابات البلدية والنيابية وما سبقها وما لحقها بامكانه أن يلمح مؤشرا أوليا، وهو أن بعض - وليس الكل قطعا - العاملين في مجال العمل الخيري أصبحوا سياسيين يديرون أو يدارون بعيدا كل البعد عن الأدبيات الوطنية والاخلاقية، بل وحتى القانونية، فلا تجعلوا أنفسكم وصناديقكم مطية يمتطيها عرابو الفتن وسماسرة الطائفية البغيضة، وكونوا على وعي ويقظة من محاولة البعض - المجهول لدينا حتى الآن - زجكم في نار سياسية طاحنة لا تستقيم وعملكم الخيري والاجتماعي، وتمتعوا بقليل فطنة وحكمة وبصيرة، لكي لا يكون فقراؤكم المساكين ضحية لمن يريد الضحك على ذقونكم، ألا فقد وصلت الرسالة، اللهم فاشهد اني بلغت!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1096 - الإثنين 05 سبتمبر 2005م الموافق 01 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً