العدد 1096 - الإثنين 05 سبتمبر 2005م الموافق 01 شعبان 1426هـ

الروح الوطنية تدافع عن نفسها

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حسنا فعلت جمعية العمل الوطني الديمقراطي، حين أصدرت بيانا وضعت فيه النقاط على الكثير من الحروف، بعد كل هذه الزوبعة التي أثارتها مشاركة عدد من شخصيات المعارضة في "ندوة لندن" نهاية الشهر الماضي.

وكما يقولون، رب ضارة نافعة، كانت هذه الزوبعة فرصة لعرض "الرأي الآخر" في هذا البلد، الذي يجري محاربته وتغييبه ومنع نشره في البلاد، حتى لم يعد شخص مثل عبدالرحمن النعيمي مرحبا بكتاباته في صحافتنا المحلية فيلجأ إلى صحف الدول الخليجية المجاورة، بعد أن ضاق الإعلام المحلي عن سماع صوته، ولم يعد الصدر الرسمي يتسع لسماع أصوات الجمعيات المعارضة الضاربة عميقا في تربة هذا الوطن، حتى تجرأ من تجرأ من كتاب الموالاة بوصف المشاركين بالمرتزقة للأجانب. وفوق ذلك تورطت وزارة الشئون الاجتماعية بمناقضة نفسها ومخالفة سياستها "المقدسة" الداعية لعدم تسييس المؤسسات الاجتماعية، فإذا بها تفاجئنا بنزول الوحي من جديد، فإذا بالوزارة تتبنى سياسة اغماض العين عن زج الصناديق الخيرية في محرقة الصراع والتجاذب الطائفي البغيض.

رب ضارة نافعة فعلا... فكما كان الهجوم المبرمج للموالاة، جاء الرد مبرمجا في استهداف عدد من مواقع الموالاة وإسقاط حججها وتحريفاتها للوقائع وحقائق الأمور.

من أهم ما طرحه البيان إشارته إلى التحريض الطائفي الذي يشارك فيه بعض الكتاب والسياسيين من قبيل شعارات "المصب الرئيسي" و"اضطهاد السنة للشيعة"، و"المشروع الصفوي"، و"الهلال الشيعي"، واعتبر البيان كل ذلك دعوات مشبوهة وتسويقية للمصالح الشخصية والانتخابية، تصب في المحصلة النهائية ضد الوحدة الوطنية وتعزز الطأفنة.

وخلص البيان إلى ان الدعوة المطلوبة في هذه المرحلة الحساسة هي مواجهة الطروحات الطائفية واستنهاض قوى الشعب من المذهبين الكريمين والمؤمنين بالمواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية، وتعزيز الحريات والحقوق. وطالب الحكم بالبدء في مصالحة وطنية تعتمد على كتابة التاريخ بأمانة وتضميد جروح الماضي.

على أن النقطة الأهم هي إشارته إلى ان "الاصطفافات الطائفية والدعوات التي يطرحها البعض بمساندة جهات رسمية تهدف في محصلتها إلى ضرب الوحدة الوطنية وتحويل البلاد إلى مجتمعات مقسمة طائفيا يسهل حكمها من اجل ضمان استمرار احتكار الثروات من قبل القلة". وهو تشخيص يذهب إلى العمق في قراءة الحدث السياسي البحريني، بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية، بما يعري سطحية الطروحات الطائفية المفتعلة، ويكشف الأيدي الخفية من ورائها.

القارئ للبيان سيكون أمام موقف واضح يعبر عن قراءة وطنية موضوعية للواقع، وهو أبعد ما يكون عن صفات النم والتخوين والافتراء التي حاولت بعض الافتتاحيات إلصاقها بالمشاركين جميعا. بل ان البيان لم يخف امتعاضه من اتهام أحد رموز الدعوة الطائفية المحمومة لكل من عبدالرحمن النعيمي وابراهيم شريف بأنهما "ذيلان لما أسماه بالتيار الصفوي الذي يفهم منه المنتمين للطائفة الشيعية في بلادنا". وهي لغة فوقية وقحة، تأتي في سياق فرض الكاتب وصايته المطلقة على قادة الفكر والسياسة وحتى الأدب، فهو يخاطب اثنين من رموز هذا الشعب، وكأنهما تلميذان صغيران، يتم استغفالهما في شارع خلفي مظلم من قبل مجهولين، وليس اسمين بارزين من رموز قوى المعارضة الناضجة التي تملك رؤاها الإصلاحية وبرامجها المقترحة لإنقاذ الوطن.

لغة تنم عن قلة أدب، وقلة ذوق، وقلة احترام للناس في هذا البلد. ولأنه أمن العقوبة فقد أساء الأدب كثيرا، ولو كان في بلد تحترم فيه مكونات الشعب ويطبق فيه القانون على الجميع، لفرض عليه القضاء العادل المكوث في مستشفى الامراض النفسية حتى يفيق، لكن "الشره" على من فتح له دكانه ليوغل في العبث بهذا الوطن، والإساءة إلى هذا الشعب والاستخفاف برجاله المخلصين.

البيان في المحصلة جاء لطمة على وجوه الكثيرين من دعاة الفتنة الطائفية، ورد الاعتبار للتيارات الوطنية والدينية العاملة على ترسيخ قيم العدالة والمساواة وسيادة القانون في هذا الوطن، في عرض موضوعي غير متردد ولا وجل، في وقت تصاعدت فيه وتيرة السعار الطائفي، حتى تم امتطاء ظهور بعض الصناديق الخيرية واستغلالها سياسيا، من أجل عيون الطائفية البغيضة.

تبقى كلمة: وهي ان الرجلين "العلمانيين" في مواقفهما الوطنية الشريفة، ولا نزكي على الله أحدا، برؤاهما الواضحة، حجة على بعض أصحاب التيار "الاسلامي"، سنة وشيعة، الذين تسابقوا لقطف رطب الديمقراطية مبكرا بعد أن كانوا يعدونها من الكفر الصراح، انحيازا لخيارات السلطة، وسكوتا على "خطيئة" التجنيس، ولفلفة للقوانين المقيدة للحريات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1096 - الإثنين 05 سبتمبر 2005م الموافق 01 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً