ان فكرة تحديث القطاع العام أصبحت ضرورة في ظل المتغيرات الكثيرة وظهور الأساليب الإدارية المتطورة التي تسعى إليها المجتمعات الحديثة لتحقيق احتياجات مواطنيها وزبائنها، ناهيك عن المشكلات والسلبيات الكثيرة التي أفرزتها المسيرة السابقة ولاسيما في بعض الوزارات الخدمية من سرقات للمال العام والرشا والمحسوبية والروتين وغيرها.
كما تبرز أهمية هذا الموضوع أيضا في ظل التحذيرات التي سمعناها أخيرا من بعض المتخصصين بخصوص تراجع عدد الكفاءات القادرة على إدارة شئون الاقتصاد الوطني في البلاد.
الا أن التحديث الإداري هو موضوع عام يمثل مظلة لعدد من الجوانب المهمة تتركز جميعها بشأن رفع أداء الأجهزة الحكومية، إذ ان رفع ادائها هو الهدف النهائي وهو أحد المطالب المهمة. وهذا يقود بدوره للسؤال عن جدية طرح موضوع التحديث على بساط البحث ان لم تتوافر المتطلبات الرئيسية لرفع اداء هذه الاجهزة والتحديد الواضح لدور كل ادارة وقسم وموظف في تحقيق هذه الاهداف، هذه النقطة هي اول متطلبات رفع أداء الأجهزة الإدارية.
ومن متطلبات رفع الأداء الحكومي المهمة الأخرى هو اعتماد مبدأ المحاسبة والمكافأة والثواب والعقاب في ضوء نظام تقييم فعال. فعدم ايمان الموظف بعدالة المسئول الذي يقيمه يؤثر بشكل سلبي على الأداء. فإمكان التظلم أمام جهة قضائية يعتقد الشخص بعدم تحيزها المسبق ووقوفها مع المسئول حاجة ضرورية لا غنى عنها.
كذلك توجد ضرورة للتأكد من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ما يتطلب الاعتماد على معيار الكفاءة والكفاءة فقط في قرارات التوظيف والترقية واعتماد مبدأ الشفافية في كل القرارات الخاصة بالموظف في كل ترقية وتوظيف، وعلى متخذ القرار أن يكون ملزما من الناحية القانونية والإدارية بإطلاع الجميع على الأسباب التي اعتمدها في اتخاذ قراراته مما يتيح لمن يعتقد بانطباق الشروط عليه بتقديم تظلمه وإنصافه في حال وقوع غبن من أي نوع عليه.
وتبرز هناك أهمية لتشكيل محكمة إدارية عليا تنظر في القضايا التي تخص الجهاز الحكومي وتوافر هذه المحكمة يمكن ان يشكل صمام أمان وحماية للموظف والمسئول على حد سواء.
وأبرزت التجربة السابقة أهمية قيام الأجهزة الحكومية بتحديد فترة زمنية للوظائف التنفيذية وبشكل محدد لفترة يتم في نهايتها تقييم أداء هذا المسئول وفتح المجال لمن يعتقد بتمتعه وإيفائه بمتطلبات وشروط الموقع التنفيذي لتقديم طلبه ما يساعد الجهاز الحكومي لاختيار افضل العناصر ويساهم في حفز من يقع عليها الاختيار بالعمل على تحقيق أهداف الجهاز المسئول عنه وتطويره من أجل ان يرفع إمكان التجديد له في هذا المنصب.
وأخيرا، ان وجود مجتمع مدني فاعل بعيد عن مظلة الرسمية من شأنه أن يساهم في تكوين رأي عام له القدرة على رفع درجة اهتمام المجتمع بموضوع الاصلاح على كل الأصعدة. كما ان اطلاق حرية الصحافة والإعلام ما يتيح للقنوات الإعلامية نقل كل الآراء من دون رقابة من أصحاب القناة وخارجها سيكون من شأنه تشكيل جهة رقابية مستقلة على أداء الأجهزة الحكومية.
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1095 - الأحد 04 سبتمبر 2005م الموافق 30 رجب 1426هـ