مع اكتمال جلاء المستوطنين الإسرائيليين واستعداد قوات الاحتلال الى الانسحاب من غزة تقف فلسطين عند مفترقي طرق. أحدهما يمكن ان يقود الى وطن موحد يعيش في سلام والآخر يقود الى الفوضى.

وسيتوقف الكثير في ذلك على ما إذا كان بمقدور القادة الفلسطينيين فرض النظام في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة في قطاع غزة، وما إذا كانت "اسرائيل" التي تراودها الشكوك ستعمد إلى فتح المعابر لخلق الوظائف للعاطلين الفلسطينيين وجلب الاستثمار كبديل للعنف.

ان خطة السلام المعروفة بـ "خريطة الطريق" ترسم الطريق لإقامة دولة فلسطينية لكن قبل تنفيذها هناك شروط يجب توافرها وفي مقدمتها إقامة مؤسسات حكم ذات كفاءة، وكيفية التعامل مع ثقافة الفوضى التي نشأت أثناء حكم الرئيس الراحل ياسر عرفات وانتشرت أثناء الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

إن ما كان مقبولا قبل الانسحاب لن يكون مقبولا بعده وعلى جميع الفلسطينيين ممارست ضبط النفس لكي ينجحوا معا في غزة. ومن ثم سيكتسب القطاع ذو المساحة المحدودة والذي يقطنه 1,4 مليون فلسطيني مساحات حيوية صالحة للإقامة وبنية اقتصادية في الأراضي الواسعة التي أخلاها 8500 مستوطن على رغم تدمير جيش الاحتلال للمرافق العامة.

وبعد رحيل الجنود الاسرائيليين نهاية الشهر الجاري سيسيطر الفلسطينيون للمرة الأولى على القطاع بالكامل. لذلك في المرحلة المقبلة ستكون غزة بالذات محط الأنظار بالنسبة للعالم وتحت مجهر كبير، وبالتالي يتطلب الامر من السلطة الفلسطينية أن تحول هذا التحدي الى فوائد ملموسة. وهناك عامل خارجي يجب أن يتوافر أيضا وهو عدم تهافت الدول العربية والإسلامية الى التطبيع مع الكيان الإسرائيلي كما سعت الى ذلك أخيرا باكستان ومن دون مقابل. اذ يجب التريث حتى تكتمل الصورة وماذا ينوي القادة الإسرائيليون المتشددون في الليكود في محادثات الحل النهائي. وأيا كان ما سيحدث فان الهدف النهائي للفلسطينيين هو بناء دولة قابلة للحياة تضم كل الضفة الغربية التي تبلغ مساحتها عشرة أمثال مساحة غزة، وهو هدف ممكن التحقق لا محالة فيه