"لقد عقدت ندوات بانتظام عن البحرين في العشر سنوات الماضية، وسأستمر في العمل على عقدها في المستقبل، وأن وجهات النظر التي أبدت في هذه الندوات متجاهلة من قبل أجهزة الإعلام البحرينية، ولكن لحسن الحظ أن الإنترنت يسمح للقراء في البحرين أن يعرفوا ما يقال".
بهذه الكلمات اختتم اللورد أيفبري بيانه الصحافي عن التقارير المغلوطة في بعض أجهزة إعلام البحرين عن ندوة لندن في إحدى غرف البرلمان البريطاني تحت رئاسته، وقال في بيانه الذي أصدره في 26 أغسطس/ آب الجاري، إن رئيس الوزراء طوني بلير "لم يتكلم معه عن هذه الندوة، ولا أحد من مسئوليه، وليس في العادة أن يتدخل الوزراء في الاجتماعات المنعقدة من قبل أعضاء اللوردات أو أعضاء البرلمان في هذه البلاد". واضح من خلال ما تقدم، أن لدينا إعلاما موجها وليس حرا، وهو يكذب باستمرار، ويستخدم مفردات تثير الشفقة حتى عند الذين يكذبون ويفبركون كذبتهم بطريقة قد يصدقها جزء، وهذا الجزء يكبر كلما كان صوغ فن الخبر بطريقة تحتوي على معلومة، أما أن يخرج خبر يشير إلى أن "الصحيفة علمت من مصادر موثوقة" لم تسمها بالاسم، ولا نعلم وجه الخطورة في عدم تسميتها، وهي في لندن أو باريس، ولماذا لم يكشف عنها، أو حتى يصعب على الصحيفة الاتصال بأصحاب الشأن، فإن في الأمر إن، وإن هذه تعني الكثير في العمل المهني الصحافي، وليس آخرها أن القارئ لا يحصل على معلومة نظيفة، بل إن العاملين على فبركة الأخبار لصالح جهة يعملون تحت السراديب، هناك مع الفئران، في وقت تعمل فيه المعارضة البحرينية في العلن أمام سمع وبصر الحكومة والناس ولا تخفي عنهم شيئا.
وعندما يقول اللورد أيفبري: "لحسن الحظ أن الإنترنت يسمح للقراء في البحرين أن يعرفوا ما يقال"، فهو لا يكذب؛ بل هذه حقيقة عصرية يعرفها القاصي والداني، اللهم إذا كانت بعض الوسائل الإعلامية عندنا لم تعش عصرها وتحن للماضي العتيق، الذي تربت وترعرعت عليه، وأثرت وانتفخت بثراء غير مشروع بسببه يوم كانت الأفواه مكممة إلا أفواههم ومؤامراتهم على خلق الله، يصنعونها في سراديب الصحف امتدادا إلى أجهزة قمع الكلمة وقمع الناس.
لعل التعجرف والصلف الصحافي الذي أبداه البعض يحتاج إلى توضيح، كون هذه الوسائل عزفت سيمفونية على أوتار "التدخل الخارجي في الشئون المحلية"، ومن ثم على أوتار "الوطنية"، وكأن الوطنية خاصة بهم فقط، وفي الأخير على أوتار "تشويه سمعة البحرين" في الخارج، بينما لا تستطيع أية قوة مهما عظمت من تشويه بلد ما، ما لم يشوه نفسه بنفسه عندما يؤجل مشكلاته ويراكمها ولا يعترف بها، ومشكلة المشكلات تأجيل المشكلة، وفي حين فضائية "العائلة" التي تبث 24 ساعة متواصلة، ولدينا محطات إذاعية وصحف تسير في نهج واحد، لم تستطع توضيح الصورة على حقيقتها بسبب اتباعها الرأي الواحد، والمشية الواحدة، والسماع بإذن واحدة، فإن الرأي الآخر من أي مصدر آخر ستكون له صدقية لأنه يسحر العقول.
اللورد أيفبري قال في بيانه الصحافي انه عقد اجتماعات مماثلة حول عدد من الدول "والتي منها خلال هذه السنة، السعودية العربية، ليبيا، كاميرون، وبنغلاديش". وقال انه أجرى مناقشات عن غرب بابيو "إندونيسيا"، دارفور "السودان"، الشيشان "روسيا"، الإبادة الجماعية الأرمينية 1915 - ،1916 مستقبل العراق، الانتخابات في إثيوبيا، حقوق الإنسان في زمبابوي، والبحيرات الكبرى قي إفريقيا، وتطور الديمقراطية في لاغوس في إفريقيا... الخ".
وهذا يعني أن البحرين ليست وحدها على الكوكب التي تناقش أوضاعها في الخارج، وإنما الكثير من الدول تتعرض لمثل هذه القضايا، ونحن بحاجة الى الخروج من عنق الزجاجة لا الانزلاق إلى داخلها بكل منغصاتها، وهذا ما نتمناه للبحرين ولديمقراطيتها الوليدة.
العدد 1093 - الجمعة 02 سبتمبر 2005م الموافق 28 رجب 1426هـ