العدد 1093 - الجمعة 02 سبتمبر 2005م الموافق 28 رجب 1426هـ

يهمنا بناء إنسان مدني... وندرب الناس على فهم "كرديتي" الصحيحة وغير المتعصبة

وزير حقوق الإنسان الكردي محمد إحسان لـ "الوسط"

كردستان "العراق" - فاروق حجي مصطفى 

02 سبتمبر 2005

وضع حقوق الانسان في كردستان العراق كان محل الاستفسارات وخصوصا بعد سقوط النظام البائد، أسئلة بشأن حقوق الإنسان الكرد وغير الكرد في كردستان كانت محور النقاش مع وزير حقوق الإنسان في كردستان العراق. .. وفيما يأتي نص الحوار:

بداية نود أن تضعنا في الصورة، ما هو وضع حقوق الإنسان في كردستان؟

- من المنطقي القول إننا في كردستان نمر بمرحلة التحول. لذلك، إذا كانت هناك إشكالات، وأنا لا أجدها طبعا، فهي طبيعية. لأنه ليس من السهل أن تبلور مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان بهذه العجالة، وأنت تعرف أن عمر حكومتنا قصير فهناك دول عمرها آلاف السنين مازالت تفتقر إلى مفاهيم حقوق الإنسان، أما نحن فمنذ أن تشكلت.. الحكومة الكردية في مطلع التسعينات نعمل جاهدين على بلورة مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان ونحن نجحنا في هذه الفترة القصيرة وأسسنا اللبنة لحقوق الإنسان وضعنا أسس وبناء مجتمعات على أسس حديثة وعلى أسس حرة وبناء مجتمع كردياتي أصيل قادر على ترجمة ما يجري في العالم من التطورات الحقوقية على واقع كردستاني لأننا تعذبنا كثيرا. كنا محتلين ومورس في حقنا كل أنواع القتل والدمار والمجازر، كل ذلك من دون شك هناك رد فعل لدى مجتمعنا من المرحلة السابقة وهو الآن يعيش في وضع مختلف. في زمن صدام حسين لا ترى كردستانيا يشعر بمواطنية العراق، أما الآن ماذا؟ ترى كل كردستاني يشعر بأنه مواطن حقيقي، مفهوم المواطنة أصبح له معنى في كردستان.

هذا يعني أنت متفائل؟

- نعم أنا متفائل لأننا وضعنا أقدامنا على سكة صحيحة. صحيح أننا في بداية الطريق إلا أننا تجاوزنا أمورا معقدة كثيرة. لدينا الآن خطط التوعية ليس فقط لأجل تحسين وضع حقوق الإنسان بل لأجل خلق أرضية المجتمع المدني، وتحسين وضع حقوق الإنسان يعتبر من إحدى الهويات الأساسية التي يجب علينا أن نركز عليها، لأننا مؤمنون بكرامة الإنسان وبحرية الإنسان وباحترام حقوقه الأساسية، كما هو الموجود في المعاهدات الدولية وبما ينسجم مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان الحديثة.

لكن هناك شكاوى عدة...

- نحن في الحكومة قمنا بجهود كبيرة لتحسين وضع حقوق الإنسان التي تؤمن بها، أقصد الحقوق الأساسية أو ما هو موجود في القوانين الدولية. ما حدث في كردستان من خطوات شيء كبير ومازلنا نؤدي واجبنا تجاه شعبنا لأن أكثر الناس أوذوا من انتهاكات حقوق الإنسان وأصبحوا حقل تجارب لأسلحة صدام حسين. لذلك، نحن ندرك أهمية حماية حقوق الإنسان. قمنا في هذا المجال وذلك لتوعية الناس وقمنا في شرح وتنمية ثقافة حقوق الإنسان بصورة عامة وذلك من خلال نشر وتوزيع كراريس ونوتات وفتحنا دورات تدريبية طويلة الأمد وقصيرة الأمد وأقمنا كونفرانسات. إلى جانب ذلك، هناك تعاط جديد في المناهج الدراسية، أعني وضعنا برنامج دراسة حقوقي في المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية والكليات لتكون مادة نشر حقوق الإنسان حاضرة في كل المجالات التعليمية، إضافة إلى ذلك فتحنا مكاتب لتلقي الشكاوى ولنشر مفاهيم وثقافة حقوق الإنسان في كل أجزاء كردستان. الغاية الاهتمام بالمواطن وتلقي شكواه ومعالجتها بطرق سريعة وشفافة وتوعية الناس بالثقافة القانونية، لأن كل التجاوزات التي تحدث في مجال حقوق الإنسان سببها الأساسي عدم معرفة الناس بقانون البلد أو عدم الإيمان به. ويذكر أننا في وضع الجهوزية القصوى لمراقبة وضع حقوق الإنسان ولن نقف مكتوفي الأيدي عندما نلاحظ أن انتهاكا قد حصل. لدينا تقارير دورية نرفعها دائما إلى اجتماعات مجلس الوزراء، وهناك مراقبة ورعاية من قبل رئيس الوزراء بهذا الصدد.

يبدو أن وراء كل ثورة ثورة، فوضع كردستان يحتاج الكثير، هناك شكاوى وهناك انتقادات، وأعتقد أن سقوط النظام لم يساعد الشيء الكثير في تحسين الأوضاع!

- هناك مخلفات النظام السابق، هناك معادلة سياسية أستطيع أن أسميها معادلة الجلاد والضحية أو الضحية والجلاد. في أكثر حالات الضحية يحاول أن يكون لديه سلوك الجلاد، أعني تبادل المواقع. ويجب ألا ننسى شيئا مهما وهو مصدر الخوف أيضا، لأنه ليس سهلا أن يرى الضحية أنه تحول من خانة إلى خانة أخرى من اضطهاد إلى حكم، كل ذلك ليس سهلا أن تتخطاه بسهولة. لذلك، أستطيع القول إننا اهتممنا بالموضوع أكثر، فنريد أن نخرج العالم من مرحلة كانت فيها كرامته تنتهك إلى مرحلة فيها كرامته محمية. فحكومة الإقليم ورئيس الوزراء وكلنا فريق عمل ساهرون على الأوضاع، وخلقنا قوانين جديدة تنسجم مع حالته النفسية الذي عاش مرحلة الثورة لمدة أكثر من ثلاثين عاما، ومع الأوضاع والمفاهيم الحقوقية الجديدة. ثم عليك أن تعرف أن الناس هناك يريدون أن يستعيدوا كل ما فقدوه طيلة هذه السنين واستعادته بأية طريقة كانت. هذه الأوضاع بالنسبة إلي تشكل كارثة.

ماذا عن التقارير الدولية، أو نظرة الدول إلى وضع حقوق الإنسان في كردستان؟

- هناك تقدم في وضع حقوق الإنسان، وهذا لم نقله نحن، بل هناك تقارير منظمة العفو الدولية وتقرير وزارة الخارجية الأميركية وتقارير منظمات مراقبة حقوق الإنسان تؤكد ذلك، هناك فصل كامل عن تحسين وضع حقوق الإنسان في كردستان، في هذه التقارير نحن لا نقول إننا عملنا كل شيء لكن وضع حقوق الإنسان لدينا جيد مقارنة مع الدول في المنطقة ومقارنة مع وضع حقوق الإنسان في مناطق أخرى من العراق.

ألا يوجد سجناء لديكم؟

- لا يوجد سجين سياسي في سجننا، هناك سجناء بتهمة إرهاب ونحن لدينا مراقبة يومية وتأتينا سجلات على شكل يومي بأسماء السجناء. أقول: السجن ووضع السجون تحت المراقبة، نحن نتعامل مع السجناء بموجب الأعراف والقوانين الدولية وبموجب ملحقات هذه القوانين، أقصد أننا نتعامل مع الوضع بموجب مفاهيم قديمة، ومع الإضافات الحديثة لقوانين ومفردات وهي تقدمية طبعا معها هناك حقوق لسجين ونحن ندرك هذه الحقوق.

لماذا سمحتم ببث اعترافات "الشيخ زانا وأعماله" على تلفزيون كردستان؟

- نحن لا نمنع شيئا يساهم في إعطاء الحقيقة للشارع، من حق الشارع أيضا معرفة ما يجري، هؤلاء مجرمون وإرهابيون قاموا بذبح الناس وأقدموا على انتهاك شرف الناس، قاموا بكل أنواع الإرهاب، كان هناك اغتصاب وكان هناك ذبح كالنعاج وغير ذلك، كيف سأعترض على نشر الحقيقة؟

لكن كانت الصور مقرفة ومرهبة، وهناك عدد من النساء تم إسعافهن إلى المستشفى؟

- كتب على شاشة التلفزيون تحذير بأنه يمنع الذين تقل أعمارهم من 18 عاما، وبالنسبة إلى مرضى القلب بألا يروا التلفزيون، لكن على رغم ذلك لوحظ أن هناك شكوى، وسأعيد النظر... المهم كان الناس مرتاحين لرؤية حقيقة المجرمين.

نرجع إلى وضع حقوق الإنسان في كردستان بالنسبة إلى غير الأكراد...

- لا يوجد لدينا تمييز، كل فرد في كردستان بغض النظر عن عرقه ومذهبه محمية حقوقه. نحن نتعامل مع المؤسسات الحقوقية وندعم المؤسسات، ندعم مؤسسات التركمان وكلدو اشور وغيرهم والعرب أيضا.

لكن هناك شكوى من قبل التركمان...

- أية شكوى؟ لا يوجد تركماني في السجن بتهمة سياسية، حتى بالنسبة إلى الجبهة التركمانية وهي التي تتلقى الدعم من دول أخرى لا يوجد أنصارها في السجن وهي تعارضنا بكل الوسائل. هذه الجبهة تتعامل معنا ولا تحترم حتى قوانيننا، وعلى رغم ذلك نحن نتعامل معها بمنطق حضاري. للتركمان مدارس ومكاتب ومشاف وندعمهم ماديا ومعنويا.

ماذا عما إذا أراد أحد أن يدرس المنهج بالعربي، أو أن يرفع علم العراق الحالي؟

- شخصيا، أطفالي يدرسون باللغة العربية، هناك مدارس خاصة باللغة العربية، لا نمنع أحدا من التعبير عن حريته، يهمنا بناء إنسان مدني ومتقدم ويفهم ويستوعب المفاهيم الجديدة لحقوق الإنسان والمجتمع المدني، وندرب الناس على فهم "كرديتي" الصحيحة غير متعصبة، يعرف الناس بها كيف يتعاملون مع المحيط، ويعرفون قدر المحيط لحماية حقوقهم وحقوق غيرهم.

العدد 1093 - الجمعة 02 سبتمبر 2005م الموافق 28 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً