أربعة أسابيع من الغياب عن الوطن تثير الكثير من الأسئلة، فأنت لا تعرف وطنك أكثر إلا عندما تغيب عنه أو تدفع ضريبة حبه نوعا من أنواع المعاناة: سجنا أو نفيا أو ملاحقة أمنية أو حتى اتهاما في وطنيتك.
تعود إلى الوطن وقلبك يخفق خوفا عليه وحبا فيه، وأسئلة كثيرة تشتعل في عقلك، وقبل أن تتفرغ لقراءة أرشيف الصحيفة مدة شهر كامل، لابد من طرحها لتعرف ماذا تغير اختصارا للوقت والعناء.
أود أن أعرف ما هي أخبار جمعياتكم، وما هي أخبار حكومتكم، وما هي أخبار صحافتكم. فماذا تغير أولا في سياسة وزاراتكم، هل مازالت وزارة الشئون الاجتماعية تلاحق الجمعيات السياسية وتهددها بالإغلاق بين فترة وأخرى؟ وهل مازالت وزارة العمل تتهم العاطلين عن العمل بالكسل و"التسييس" بدل البحث عن حلول جذرية لمشكلة 30 ألف عاطل من شباب هذا الوطن؟ وهل مازالت "الهراوة" هي الأداة المفضلة باعتبارها الحل الناجح لحل "أزمة" العاطلين؟
ووزارة الكهرباء... هل انقطعت الكهرباء هذا العام عن كل مناطق البحرين كما حدث العام الماضي؟ وماذا قالت وزارة الكهرباء؟ هل اعترفت بمسئوليتها أم بحثت عن شركة أخرى لتلقي عليها بالمسئولية؟ وماذا عن "المساواة" في برمجة قطع التيار الكهربائي عن مناطق البحرين؟ أم أن هناك ناس "غير وغير"!
وماذا عن الجدران العازلة، هل انتهت نهائيا مع سقوط جدار المالكية أم ان هناك جدرانا قيد الانشاء في مناطق أخرى؟
وماذا عن خطط "أبطال" التحشيد الطائفي؟ وماذا عن "سياسة" البيانات المدفوعة الأجر؟ وماذا عن توريط الأندية والاتحادات الرياضية والمؤسسات الاجتماعية الأخرى في نشر بيانات ضد هذه الفئة أو تلك، بما يزيد من نتن السياسة الطائفية. وهل من جديد عن "بعض المحامين" المستعدين لحرق البلد من أجل كرسي حقير في البرلمان؟
ثم ماذا عن صحافتكم: هل مازالت تعيش على أمجاد "أمن الدولة" ويدعو بعضهم من دون خجل أو حياء إلى عودته بكل وقاحة واستهتار؟ وهل مازال أباطرة الصحافة يعتقدون أن دورها هو الطبطبة على المشكلات والدفاع عن أصحاب المناصب وتغطية الأخطاء وليس الدفاع عن هموم المواطن البسيط؟ وهل مازالت افتتاحيات الهوامير تصب الزيت على النار في بلد محتقن لا تنقصه عوامل الاشتعال؟
وماذا عن ذلك الجبان الذي يكتب باسم مستعار، ظنا أن شعب البحرين لا يعرفه منذ كان طالبا متسكعا في بغداد يتعلم لأول مرة كتابة التقارير المخابراتية ضد زملائه؟ هل مازال هذا "الشبح" الرعديد يفتح شدقيه متبجحا، يوزع شهادات الإجازة على الصحافيين، كأننا في القرون الوسطى، فيدخل من يشاء في الجنة ويرمي بمن يشاء في النار؟ ألم يئن الوقت ليكشف عن وجهه ليثبت رجولته لهذا الشعب بدل التستر وراء اسم وهمي؟
هل مازالت تلك "الكويتبة" الموتورة التي لم تحفظ من كتب المفكر الاسلامي الفذ علي شريعتي، غير كلمة واحدة: "التشيع الصفوي"، فتخيلت انها اكتشفت كنزا، فأخذت تنشر مقتطفات كاملة فقط لتبرئة طاغية العراق صدام حسين! فهكذا تكون الصحافة والمهنية العالية: سرقة أفكار من كتب الآخرين على طريقة "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري" والانسحاب من المؤتمرات كالفئران!
والحطيئة... ما هي آخر صرعاته؟ هل مازال يواصل تقديم نفسه على انه مفكر وكاتب عظيم، فلا يجد من يناطحه غير "الوفاق"، وكأنها هي المسئولة عن كل الفساد المالي والإداري والاخلاقي في البلد منذ 50 عاما! هل مازال عموده مليئا بالسباب والشتائم والبذاءة كما كان؟ يقال إن ذلك هو الذي يجلب له القراء لـ "يتطمشوا عليه"، لأن الناس "ما يعبرونه" حين يكتب عن أي شيء آخر، فيضطر إلى سب الوفاق ليعاد نشر مقاله الركيك في المواقع الالكترونية فيزداد سرورا!
وأخيرا... هل مازال المهووس الطائفي الأكبر يستعدي أبناء هذا البلد على بعضهم بعضا، بترويج مقولات ما أنزل الله بها من سلطان، تنم عن روح جاهلية متأصلة لم تعرف من تسامح الاسلام مقدار ذرة واحدة، فيعمل على بث الأحقاد والضغائن والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، مثلما يصنع الشيطان الرجيم.
أربعة أسابيع من الغياب... تحتم طرح مثل هذه الأسئلة، فماذا تغير لديكم أيها السادة... أود لو أحصل على إجابة من أحدكم، قبل أن أضيع وقتي بالذهاب إلى الأرشيف لقراءة ثلاثين عددا من صحفكم المسمومة التي لا يجلب أباطرتها غير الهموم والأحزان والغموم
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1091 - الأربعاء 31 أغسطس 2005م الموافق 26 رجب 1426هـ