التقيت النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل المعاودة في مكتبه أمس، فقلت له ما رأيك في مقولة "قدس الله ظله" فأجابني ضاحكا بل مستغرقا في الضحك: "هذه جملة غير صحيحة عند الشيعة، فهم يستخدمون "قدس الله سره" للمتوفى، ويستخدمون "أدام الله ظله" للباقي على قيد الحياة".
ليس سرا أن المعاودة نائب سلفي وكل ما يعرفه عن الشيعة هو ثقافة عامة، وعلى رغم ذلك أبدى استغرابا عندما قلت له "الخامنئي قدس الله ظله" وذكرت له أن هذه الجملة كانت ضمن ما كتب على لافتات تحمل وصايا مزعومة من الخامنئي إلى الشيخ عيسى قاسم، فقال المعاودة ممازحا: "لو سألني واضعو اللافتات لصححت لهم كلمة "قدس الله ظله" على رغم أنني لا أعتقد بها حتى لو صححت" وكان المعاودة حينها يضحك.
واضعو اللافتات المكتوبة بحبر الطائفية الأسود، لم يراجعوا ما كتبوه جيدا، ويبدو أنهم كانوا على عجلة من أمرهم، إذ تفننوا في اللون، وفي اختيار القماش، وحتى في المواقع التي اختاروها للافتاتهم إلا أن الله أعماهم عن كتابة الجملة الصحيحة التي تلحق بعلماء الشيعة الأحياء، وهي من بديهيات تلقيب العلماء عند الشيعة، فإذا كان الشيخ المعاودة الذي هو سلفي، يضحك مستغربا من صوغ الجملة فهل يمكن أن يكتبها شيعي، سمع بهذه الألقاب منذ اليوم الأول الذي ولد فيه؟
واضعو اللافتات أناس مبتلون بمرض الطائفية الذي يخرج صاحبه من الدين وليس من المذهب فحسب فهم ليسوا شيعة كما أنهم ليسوا سنة، بل هم خارج هذه المعادلة، أهدافهم جلية جلاء الشمس في رابعة النهار، وبينة بيان القمر المكتمل، أهداف تريد أن تحرق البلاد والعباد بنار وقودها الشيعة والسنة على حد سواء فهل من رادع يقف في وجه أولئك الذين يخططون لحرق الوطن بالفتن، ويدبرون المكائد لإغراقه في بحر من الكراهية والبغضاء.
واضعو اللافتات الذين يشككون في انتماء الشيعة إلى هذا الوطن، من خلال نسبهم إلى إيران مرة "بمقال" ومرة بـ "لافتة" ومرة بـ "شريط كاسيت" ومرة بـ "بخطبة جمعة" أين الرقابة عنهم، وهل ينتظرون الحريق أن يشتعل ويضرب بألسنته عنان السماء حتى يتدخلوا بسيارات الإطفاء في الوقت الضائع، وحينها لن يجدي المسعفون، ولن ينفع الإطفائيون.
الذين قاموا بتوزيع "اللافتات" ليسوا أقل خطرا من الإرهابيين الذين يفجرون لحوم الأبرياء في العراق، بل هم أكثر خطورة من سيارة مفخخة تقتل عددا من الناس، لأن موزعي هذه اللافتات يخططون لقتل كل الناس، ويدبرون لضرب الناس بالناس، بعد التشكيك في انتماء عدد كبير منهم، فهل ستحاول الأجهزة الأمنية أن تتعرف على أصحاب تلك اللافتات، وأن تواجه المشكلة بشجاعة ليتوقف الطائفيون عند حدودهم قبل أن يستفحل "المد الطائفي" ويهدم البيوت على رؤوس أصحابها؟
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1091 - الأربعاء 31 أغسطس 2005م الموافق 26 رجب 1426هـ