على رغم كل ما يحاول بعض الأطراف فعله، فإن البحرين كيان متجانس بين أهله، وفي حال حاول البعض اللعب على أوتار طائفية أو فئوية فسرعان ما ستنهض الطاقات المخلصة لاخماد الفتنة. وهذا ما حصل في الخمسينات من القرن الماضي عندما التقت الإرادة الوطنية حول تأكيد هوية البحرين وتجانس كل فئات المجتمع مع بعضها بعضا.
هذه الإرادة الوطنية تأكدت مرة أخرى عندما طالبت إيران بالبحرين في نهاية الستينات من القرن الماضي، ووقف حينها شعب البحرين، بسنته وشيعته، من أجل عروبة واستقلال البحرين تحت حكم آل خليفة. وقد كانت لزيارة المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الى النجف الاشرف والتقائه آية الله العظمى الإمام السيدمحسن الحكيم "قدس سره" في 1968 الأثر الكبير في تأكيد هوية البحرين. وقد تأكد لكل من له عينان سليمتان، وقلب سليم، بأن أهل البحرين "سنتهم وشيعتهم" وقفوا مع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في مطلع 2001 أثناء التصويت على ميثاق العمل الوطني، وبذلك انفسح المجال إلى إعادة تأسيس النظام السياسي الذي أكد نوعية الحكم الملكي تحت عائلة آل خليفة.
وعلى أساس ذلك، فإن قيام جماعة مشبوهة باستهداف أحد رموز الوطن، الشيخ عيسى أحمد قاسم، يعتبر إهانة للنظام السياسي قبل ان يكون إهانة لفئة معينة من شعب البحرين. فالذين يحاولون اللعب بالنار لا يعلمون أنهم يحرقون أنفسهم بحقدهم. فالشيخ عيسى كان ممن مثلوا شعب البحرين في المجلس التأسيسي العام 1972 لكتابة الدستور، وممن انتخبهم الشعب للمجلس الوطني في العام ،1973 وهو ابن البحرين، وآباؤه وأجداده بنوا البحرين وضحوا بكل ما لديهم من أجل البحرين. وفيما لو اتضحت في يوم من الأيام أسماء الأشخاص الذين وزعوا اليافطات أمس الاول يستهدفون من خلالها الإساءة الى مكانة عيسى قاسم لاتضح للجميع ان انتماءهم للبحرين لا يعادل ذرة من انتماء عيسى قاسم لتربة البحرين.
إن الانتماء المذهبي شيء، والانتماء الوطني شيء آخر، وعيسى قاسم ومن هم على شاكلة عيسى قاسم لا يتسلمون أوامر من أي قائد غير بحريني فيما يخص الشأن المحلي. إن الانتماء الوطني يعني بالنسبة لأهل البحرين معالجة أوضاعنا البحرينية عبر جهود واجتهادات وإبداعات وحلول بحرينية بحتة. وهذه الاجتهادات، مهما اختلفت، فإن إطارها هو ما اتفقت عليه إرادة البحرينيين عند استقلال البلاد في مطلع السبعينات من القرن الماضي، وعند إعادة تأسيس نظام الحكم من خلال التصويت على ميثاق العمل الوطني في مطلع .2001
إن الشيعة والسنة "ومن عاش مع هاتين الطائفتين الكريمتين" هم الذين بنوا البحرين، وهم الذين نهضوا بكل الجهود التي أسست البحرين الحديثة، تحت حكم عائلة آل خليفة. ومهما اختلفنا حول التفاصيل، فإننا جميعا نلتف حول قيادة سياسية واحدة يتصدرها جلالة الملك، ويلفها العلم الوطني للبحرين.
لقد كان الشيخ عيسى قاسم، ومازال، من الذين سعوا الى إصلاح الأوضاع في البلد بالحكمة والموعظة الحسنة، ويرجع له الفضل في تهدئة الأوضاع عدة مرات خلال السنوات الأربع الماضية. فهو الذي دعا إلى التهدئة، وهو الذي يوجه أنصاره إلى لعب دورهم، وهو لا يحتاج لـ "وصايا" من أي شخص كان، لأنه هو الذي يوصي الآخرين، وهو الذي يرشدهم، وهو لا يحتاج إلى من يدافع عن سجله الوطني... ولكن آن الأوان لمن يعمل في الخفاء أن يعلن عن نفسه ويقارنها بغيره
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1091 - الأربعاء 31 أغسطس 2005م الموافق 26 رجب 1426هـ