من أهم النقاط التي تضمنها إعلان مؤتمر ديربان الثاني والخاص بمكافحة العنصرية الذي اختتم أعماله في جنيف أخيرا التنديد بارتفاع عدد ظواهر التعصب والعنف العرقي والديني، وكذلك التأكيد على الدول لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لاحترام حقوق الشعوب الأصلية وفقا للأدوات الدولية بشأن حقوق الإنسان من دون تمييز.
وإذا أردنا للمكاشفة أن تأخذ دورها في معالجة قضايانا الملحة، فإنه يجب علينا هنا في البحرين الوقوف بتأمل أمام هذين الملفين اللذين كانا ضمن توصيات مؤتمر مكافحة العنصرية وهما ملف التمييز الديني، والتميز ضد السكان الأصلين، وهو أمر تلهج به المعارضة ليلا نهارا ولسنا الآن في وارد صدق ادعاء المعارضة من عدمه، ولكننا أمام دعاوى يتعين على الحكومة الرد عليها بشفافية في الداخل، حتى لا تجد البحرين نفسها يوما من الأيام مطالبة بالرد عليها في الخارج وفي المحافل الدولية.
أعرف أن كثيرين هم اللذين يزينون للحكومة إدارة الظهر عن هذه الملفات، ويحاولون جاهدين دس رأسها تحت التراب على طريقة النعام، ولكنهم ربما يكونون سببا في توريطها لتجد نفسها يوما من الأيام مضطرة للدفاع نفسها أمام المجتمع الدولي.
وليس الحديث عن هذه الملفات حديث في الشارع فقط، فكما أن هناك ندوات ومسيرات يحضرها عشرات الآلاف للتنديد بملفات التمييز، كذلك فإن أروقة البرلمان أيضا احتضنت عددا من طلبات تشكيل لجان التحقيق والمداخلات، والأسئلة البرلمانية، إلا أن تعاطي الحكومة وبعض التيارات البرلمانية أيضا معها كان على طريقة مكانك سر، وهو أمر لا يمكن وصفه بالإيجابي في التعاطي مع مثل هذه القضايا، وأعتقد أن الصمت الرسمي عن الغوص في غمار أكثر الملفات حساسية في العالم، هو رد فعل سلبي لا يصب في مصلحة الوطن.
والأمر لا يتوقف عند إعلان ديربان الثاني، فهناك الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الحقوقية التي وقعت عليها البحرين، وذلك يجعلها أمام مسئولية أن تولي النداءات التي تقول بوجود تمييز في البحرين أهمية قصوى، حتى وإن كانت الحكومة لا تعتقد بوجود هذا التمييز، ولكنها قبال ذلك مطالبة بأن ترد على كل الأسئلة المثارة بهذا الشأن وأن تناقش هذه الادعاءات بالتفصيل الممل مع من يدعونها، ولا يجوز لها الاكتفاء بالنفي غير المشروح، فمن يتحدثون عن التمييز يحملون على ظهورهم أرقاما كثيرة وكبيرة يقولون بأنها أدلة صارخة ودامغة، ولا يقفون عند قوائم الوزراء والوكلاء ومساعديهم، بل يذهبون حتى للوظائف الكتابية التي يؤكدون أنها دخلت ضمن دائرة التمييز أيضا، وكل ذلك ألا يستحق الوقوف عنده وفحصه والتدقيق عليه؟!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2421 - الأربعاء 22 أبريل 2009م الموافق 26 ربيع الثاني 1430هـ