طالب الناشط السياسي حسن مشيمع بالحوار بين الحكومة والمعارضة من أجل الوصول إلى نقاط مشتركة ورؤى مشتركة للمساهمة في بناء دولة المؤسسات والقانون، مبينا أن البرلمان لا يلبي مطالب الشعب وذلك لوجود أعضاء مختارين معينين، يحملون صلاحيات المجلس المنتخب نفسها.
ففي برنامج «مدار الوسط»، الذي يبث عبر «الوسط أون لاين» اليوم وتقدمه الزميلة ريم خليفة، أكد مشيمع أهمية الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة، كما تطرق إلى الحوار بين المعارضة نفسها وبين المعارضة وشارعها، كما عرض للمطالب التي يطالبون الحكومة بتحقيقها، مؤكدا ضرورة أن تقدم الأطراف التنازلات ليؤتي الحوار ثمرته.
وإليكم نص الحوار الذي أجري مع حسن مشيمع:
ما أهمية الحوار الوطني في هذه المرحلة؟
- أنا أعتقد أن مسألة الحوار الوطني هي مسألة أساسية وأعتقد أن لها علاقة للوصول إلى ما فيه خير هذا البلد.
منطق الحوار هو منطق عقل، منطق الحوار هو منطق قرآني قبل كل شيء. الله سبحانه وتعالى ركز على مسألة الحوار وحاور حتى إبليس الذي هو سبب الشرّ في الكون ومع ذلك خاطبه الله وحاوره، وكان إبليس يحتج ويجاوب الله تعالى على احتجاجاته، أعتقد أن كل العالم الديمقراطي المتحضر يؤمن اليوم بمنطق الحوار الذي يؤدي إلى نتائج إيجابية، وبالتالي أنا أعتقد أن الحوار الوطني خاصة فيما يتعلق بالبحرين وهموم البحرين والأزمات التي عصفت بهذا البلد على مدى سنوات، ليس مجرد هذه الأزمة أزمة حالية ثم أزمة التسعينات، هناك عدة أزمات في تاريخ البحرين، فنحن بحاجة فعلا إلى أن نتوقف مع أنفسنا، كلنا مخاطبون بأن نتوقف مع أنفسنا وننتهز فرصة لكي نعمّق هذا الحوار، الحوار الوطني من أجل أن نصل فعلا إلى نقاط مشتركة ورؤى مشتركة للمساهمة في بناء دولة المؤسسات والقانون.
يعني أنتم تطالبون الجهات المعنية في الدولة بالجلوس على طاولة المفاوضات، مثلا، بين جانب المعارضة (الشارع) مع الحكومة وجها لوجه؟
- الحوار مطلوب لكل الناس أولا، سواء بين المعارضة نفسها، وبين المعارضة والشعب، لأنه حتى الشعب لابد أن يكون في انفتاح، وليس معنى ذلك أن المعارضة تحاول أن تنفصل عن شارعها وتبقى فقط كأنها حالة مختلفة عن حالة الشعب، لأنني أعتقد أن حالة الانفصال هي حالة الخطأ الموجود ويعمّق الجرح والفروقات الكبيرة بين الشعب والمعارضة، وبالتالي فأنا أعتقد أن مسألة الحوار مطلب بين الناس أنفسهم، بين المعارضة وبين الناس، وبين المعارضة أيضا والنظام أو الحكم. قبل ذلك لابد أن نكون على أهبة الاستعداد من أجل أن يكون لدينا هدف مشترك. الوطن هدف مشترك بين مختلف الأطراف.
ما هي مطالبكم؟
- أنا أعتقد أننا نتحدث عن دولة قانون ومؤسسات. دولة القانون والمؤسسات تعني أن يكون هناك دستور ديمقراطي، والدستور الديمقراطي معروف في كل العالم الغربي والعالم المتحضر، ومعروف أيضا عند فقهاء الدستور، والدستور يعدّ من قبل الشعب. البحرين هي جزء من هذا العالم كله، وبالتالي حتى في الدستور الحالي الذي نحن لدينا إشكالات عليه موجودة أيضا هذه المادة، التي تنص على صلاحيات الشعب، وإرادة الشعب، وأن السيادة للشعب، وأن الشعب هو مصدر جميع السلطات.
أين مصدرية السلطات بالنسبة إلى لشعب؟ جزء من مصدريتها أنه هو الذي يوافق على هذا الدستور أو ذاك، هو الذي يوافق على التعديل، هذا جزء مهم لأن هذا سيولّد وجود سلطة تشريعية حقيقية منفصلة عن السلطة التنفيذية وأيضا منفصلة عن القضاء. بمعنى خاصة السلطات الثلاث ليس مجرد كلام نظري بل كلام عملي. نحن نتحدث أن في دولة القانون لابد أن يكون فصل للسلطات.
دولة القانون والمؤسسات من شأنها أن تخفف الأعباء والمسئوليات حتى عن الملك وعن المسئولين، بمعنى لابد أن تأخذ المنحى العملي. المنحى العملي لماذا؟ أنا أيضا أقول إن السلطة التشريعية هي المصدر الذي ينبغي أن يرجع إليه الناس في همومهم، لكن متى؟ حين تكون السلطة التشريعية تملك صلاحيات التشريع الحقيقي وتملك صلاحيات الرقابة والمحاسبة، وبالتالي أنا أؤمن بهذا الكلام، ولكن أؤمن متى؟ إذا فعلا وجد الناس أن عليهم حتما أن يلجأوا إلى السلطة التشريعية الحقيقية، لأنهم هم الذين يختارونهم وهم المسئولون أمامهم.
معنى كلامك أن البرلمان البحريني لا يمكن أن يلبي مطالب الشارع البحريني لأنه مسلوب الإرادة؟
- هذا جزء مهم فعلا من فهمنا، لأن هذا أصبح واضحا. يعني وجود سلطة معينة تتمثل في الشورى، فالشورى سلطة معينة، لأنهم أعضاء مختارون معينون، وهؤلاء للأسف يحملون صلاحيات المجلس المنتخب نفسها وهذا الشيء الغريب في العملية, ثانيا أن الدستور نفسه أعاق حركة الأعضاء، يعني كثير من البنود التي غُيّرت من دستور 73 للأسف أجهضت صلاحيات الأعضاء وبالتالي أصبحوا يتحركون لكن لا سلطة لهم ولا نفوذ لهم ولا قدرة لهم يتحركون بها، وهذا واضح. فقد مضى على الحياة البرلمانية 7 سنوات ولم يستطع هذا البرلمان أن يحقق شيئا.
ممثل الشعب يفترض أن يناضل ويكافح من أجل الشعب الذي اختاره، وهذا متى؟ حين يشعر هذا الممثل بأنه محاسب أمام الناس وحين يشعر أنه يملك صلاحيات لتحقيق مطالب الناس، بطبيعة الحال هذا هو البرلمان الذي نحن نريده.
إذا، نحن نتهم دائما بمقاطعة البرلمان، نحن لا ندعو إلى المقاطعة من أجل المقاطعة، نحن بالعكس ندعو إلى المشاركة وبقوة، ولكن المشاركة الفاعلة، المشاركة بحيث يستطيع الإنسان أن يلبي طموح الشارع والشعب.
ألا تعتقد أن قليلا من التنازل من الجانبين؛ جانب المعارضة وجانب الحكومة، قد يحلّ المشكلة في البحرين؟
- نعم، هذا الكلام هو الذي أقوله لكل المسئولين حين ألتقيهم، قيمة اللقاءات وقيمة التواصل وقيمة الحوار أنها تفضي إلى هذه النتيجة حتما في كل العالم، الحوار يعني أن أتنازل أنا خطوة وأن يتنازل الطرف الآخر خطوة في سبيل أن نصل إلى ما فيه المصلحة المشتركة للجميع. لكن حين يتشبث هذا الطرف برأيه ويتشبث الطرف الآخر برأيه لن نصل إلى نتيجة سواء بين المعارضة أو بين المعارضة والحكومة أو النظام بشكل عام، وهذا الذي دائما نؤكده؛ ندعو إلى الحوار لأن الحوار هو الذي سيؤدي إلى نتائج إيجابية والمساهمة في بناء هذا الوطن.
لكنكم في وضع الاتهام، دائما بإثارة بإثارة الشغب، والقلاقل في الدولة، ما تعليقك على ذلك؟
- أنا أعتقد أن الأنظمة العربية بشكل عام دائما تلجأ إلى هذا الاتهام، وأنك مرتبط بدولة ثانية ومرتبط كذا، هذه الاسطوانة سمعناها وأصبحت اسطوانة (مشروخة)، الآن مثلا لو أردت أن أدخل في قضايا خاصة فهناك قضايا كثيرة للأسف واتهامات، فمثلا أن تدبّر لي مسرحية الحجيرة وأتهم بأنني مرتبط ومُشكّل خلية، فهذا اتهام وتلبيس ولا يعني الحقيقة، لذلك أنا أعتقد أن هذه التهم ليست حقيقية بقدر ما أنها منع، يعني حين أريد أن أضيّق الخناق على المعارضة ألجأ إلى اتهام المعارضة بتهم غير صحيحة من أجل إعاقة حركة المعارضة، لكنها لا تعكس الواقع.
هل أنتم متفائلون بعد مرحلة العفو الملكي؟
- أنا في داخل السجن كان كلامي مؤكد أنني لا أتحاور. الحوار ليس في داخل السجن، الحوار خارج السجن، فعندما يكون الإنسان طليقا يستطيع أن يختار الوقت المناسب وأن يكون حرّا أيضا في أن يحدد مواعيده وحرّا في أن يستطيع أن يتابع الأخبار، ثانيا أنا لست الوحيد المعني بهذا الحوار، هناك أطراف أخرى أيضا معنية, وبالتالي الحوار داخل السجن لن يتحقق.
إذاَ، أنا كل الذي تكلمت به في الداخل وأكدته أننا نحتاج إلى خلق ظرف وأرضية لحوار جاد حقيقي في المستقبل القريب بحيث تكون هناك نوايا صادقة وجدية فعلا في أن ننقذ هذا البلد، وأن نعمل نقلة للبلد بحيث يتحول البلد من بلد به مشاكل وصراعات إلى بلد فيه تفاهم وحب. أنا أعتقد أن شعب البحرين شعب طيب وفعلا ممكن أن نصل إلى استقرار دائم إذا استطعنا أن نستوعب بعضنا بعضا.
العدد 2421 - الأربعاء 22 أبريل 2009م الموافق 26 ربيع الثاني 1430هـ