لم يعد ما يجري في العراق من صراعات مذهبية وعرقية حصرا على أهله، بل صار كل ما يجري فيه له انعكاسات على معظم الدول التي تحمل بعضا من تنوع تركيبة الشعب العراقي الدينية والقومية والمذهبية المختلفة.

المشكلة أن ما يجري في العراق بدأ يثير الفتن "النائمة"، ويذكي نار المشكلات والاحتقانات القومية والطائفية في دول المنطقة، فما كان يجري في لبنان من تجاذبات مذهبية بين السنة والشيعة طوال الأربعين سنة الماضية بدأت ملامحه تظهر من جديد لتعيد الاحتقان الطائفي الذي قد بدأ من اختلاف وتناحر بعض المتعصبين طائفيا في العراق.

وما يجري في لبنان من بداية خلافات مذهبية لا يقل خطورة عما يجري من صراع قومي "كردي - عربي" في سورية بدأ يحمل آمال الانفصال لدى الأكراد هناك، بالضبط كما يحصل الآن من صراع قومي متزايد في تركيا وإيران يحمل معه بذور الانفصال.

إن ما حصل في العراق من انهيار وطني سببه الاحتلال بدأت نتائج صراعاته تظهر على دول المنطقة بشكل تطبيقات غير واقعية ستؤدي بالتأكيد إلى انهيار المنظومة الوطنية في الكثير من الدول العربية والإسلامية التي مازالت تعيش صراعات مذهبية عاشها وتجاوزها المسيحيون منذ مئات السنين عبر حروب ونزاعات طويلة.

لقد غاب عن بال الذين يحاولون نقل التجربة العراقية إلى بلدانهم، من دون النظر إلى خصوصياتهم الوطنية والتاريخية، ان العراق عاش ثلاثة قرون حملت معها عشرات الآلاف من الجثث، ومئات الآلاف من المشردين واللاجئين، والملايين من الحالات المأسوية التي تحاول بعض الأحزاب الاعتياش عليها ونكء جراحاتها التي يبدو أنها لن تندمل مادامت قوات الاحتلال ترفض الانسحاب من العراق