العدد 1090 - الثلثاء 30 أغسطس 2005م الموافق 25 رجب 1426هـ

"أعمدة" النفاق السياسي

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

هناك نفاق وتمجيد سياسي رخيص ومبتذل يقوم به كتاب الأعمدة، والذي مع الأسف صار اليوم "النفاق" من الموجبات الطردية للعلاقات الاجتماعية الحاضرة، ووسيلة للترقي، والأكثر أن يستخدم الكاتب "المثقف" قلمه الراقي لتخريب الوعي الوطني بدلا من بناء الإنسان والمساهمة في التربية المواطنية التي هي جزء من واجبات الكتاب والمثقفين عموما.

مسح الجوخ تفشى بصورة مذهلة في صحافتنا المحلية عبر كتاب الأعمدة. هذا يكتب بـ "الريموت كونترول" وذاك يكتب دغدغة لمشاعر الناس الغرض منها بالدرجة الأساس ممارسة النفاق السياسي الرخيص... والأدهى من ذلك حينما يكتب المثقف متوسلا المساحة المعطاة له في نفاق رخيص ساقط يؤدي به إلى الدرك الأسفل... مديرا ظهره لمعاناة الناس وأوجاعهم... وكأنه يخاطب مجتمع حكام أصحاب فلسفة حكم الفلاسفة!

الأخ الكاتب هشام الزياني ألمح، في عدد من موضوعاته الأخيرة، إلى وجود هذه الطائفة من الكتاب الذين لا هم لهم إلا مسح الجوخ "عمال على بطال" كما هو تعبير اخوة العروبة والإسلام في مصر العزيزة... وابناء أرض الكنانة من أكثر الشعوب التي عانت من النفاق الرخيص. في هذا الوقت، يتغنى هؤلاء بحسنات الحكومة وكأننا نعيش دولة الرفاهية! أي لا وجود للفقر ولا معاناة للعاطلين عن العمل ولا وجود للمشكلات الإسكانية والمرتبات تضاهي الدول القريبة منا! وحتى الزيادات التي طرأت على المرتبات فإنها لا تساوي نقطة في بحر التدفقات النفطية واسعارها المرتفعة! سبحان الله لا أحد يريد منا ان نكتب عن هذه المشكلات والمطلوب فقط تجنيد الأقلام لتزييف الوعي وتمييع المشكلات الاساسية للمواطنين والتيه في بحر النفاق الرخيص والمماحكات السياسية مع الآخر المختلف معنا مذهبيا!

الطائفية مرفوضة، وهي تستنزف القدرات وتنهك القوى..القوى المتعبة أصلا من كدح النهار وتوفير قوت الأسرة والعيال... أما أن يتم تسخير كل أمر للمز الطائفيين فذلك ترف فكري لم نصل إليه بعد، إذ مازلنا نعاني من عملية إفقار - وكأنه تعمدي - لشرائح كبيرة في المجتمع... ونعاني من إفقار فكري لشرائح عريضة من الشباب البحريني يتم تلهيتها بأمور بعيدة كل البعد عن هموم معايشها وشجون بناء قدرات الإنسان. لن نستفرغ ما تبقى لنا من قوة من أجل عيون الطائفيين، بل لدينا مشكلات أساسية ورئيسة ينبغي أولا وضع الحلول المناسبة لها لكي يتسنى لنا بعد ذلك الترويج للمواطنية بصورة سليمة مدعمة بالحقائق المادية على أرض الواقع "حينما يتم تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية بين المواطنين" وبالتالي نقطع الطريق على أبطال الطوائف... هكذا يتم ترتيب الأولويات، أما القفز على واقع الناس البائس الفقير والترويج للصراع والصراع الطائفي تحديدا لا ينتج مجتمعا منفتحا ولا يخلق وعيا وطنيا، بل تزداد حينها طأفنة القطاعات التي مازالت تحافظ على نوع من الاستقلالية في خضم أمواج الطائفية العاتية... المجتمع بحاجه إلى حقنه بكميات كبيرة من مصل المواطنية ونزع فتيل الصراع الجانبي "الطائفي" وتثقيف المجتمع بالصراع الاساس وهو صراع اللقمة والحياة الكريمة... وهكذا فإن واقع المواطن البحريني يئن بين مطرقة النفاق والتمجيد السياسي الذي يمارسه كتاب الأعمدة وبين سندان الحياة المعيشية الضاغطة.

عطني إذنك...

هؤلاء الذين يريدون ان يحولوا واقعنا إلى مماحكات وصدامات طائفية نسألهم سؤلا واحدا: هل هناك مجتمع واحد نجح من جراء هذه الاطروحات؟ حتما سيجف حبر اقلامهم عن الكتابة والتدليل على نجاح أي نظام طائفي إقصائي أو تهميشي في العالم كله... ولن يجدوا ضالتهم إلا في أحلام السفهاء من التبع أو المستفيدين من تأجيج الوضع الطائفي..ألا تعسا لكتاب الطائفية ومروجيها

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1090 - الثلثاء 30 أغسطس 2005م الموافق 25 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً