فاجأ قرار نيابة أمن الدولة العليا في مصر أمس الأول إطلاق سراح أمين عام جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة محمود عزت وتسعة آخرين من أعضاء الجماعة المراقبين، ما جعل السياسيين يتحدثون عن "صفقة ما" بين الحكومة المصرية وحزبها الحاكم من جهة و"الإخوان" من جهة أخرى.
"الصفقة" مفادها أن تلتزم جماعة "الأخوان" بالتهدئة خلال الفترة الراهنة التي تسبق إجراء الانتخابات الرئاسية، وأن تدعو في بيانها الرسمي صراحة إلى المشاركة في الانتخابات، ولا تتبنى موقف المقاطعة الذي تبنته قوى وأحزاب أخرى، وهو ما حدث بالفعل، إذ دعا مرشد الجماعة مهدي عاكف إلى المشاركة في الانتخابات - وإن لم يعلن تأييده لأي من مرشحي الرئاسة - وهو ما كان يريده الحزب الوطني "الحاكم" بحسب "حديث الصفقة"، الذي أكد المحللون السياسيون أنه سيترتب عليه الإفراج قريبا عن قيادي الإخوان عصام العريان. كما سيمتد الأمر إلى مكاسب للجماعة في الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إذ سيزداد عدد النواب المحسوبين على الجماعة في مجلس الشعب وفق ترتيبات سيجري تداولها مع الحزب الوطني بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية.
اتضحت "حقيقة الصفقة" عندما تناقلت وسائل الإعلام بيان لـ "الإخوان" طالبوا فيه الشعب المصري أن "يدقق الاختيار وأن يعلم أن الشهادة مسئولية أمام الله فلنقدرها جميعا ونؤديها بحقها ولا نعطيها إلا لمن يستحقها". كما دعت الحركة أعضاءها إلى عدم تأييد "ظالم أو فاسد أو مستبد"، ولكن من دون أن تعلن تأييد أو معارضة صريحة للرئيس المصري حسني مبارك، أو أي من المرشحين التسعة الذين ينافسونه على الرئاسة.
بيان الجماعة أثار جدلا واسعا في الأوساط المصرية، وتعرض لانتقادات حادة، إذ وصفته المعارضة بـ "الغموض والمراوغة". غريبة هي الدنيا ففي أحيان كثيرة نرى أناسا يطالبون بـ "الإصلاح" وينكرون أنظمتهم، ولكن عندما تلتفت لهم الحكومات وتسكتهم بصفقة أو "صفقتين" وربما أكثر، يغير هؤلاء المنادين بـ "الإصلاح" دفة سفينتهم. هذا بالطبع ما حدث لـ "الإخوان". يبقى أن نسألهم أكانت "الصفقة" من أجل مصر وشعبها؟
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1089 - الإثنين 29 أغسطس 2005م الموافق 24 رجب 1426هـ