العدد 1088 - الأحد 28 أغسطس 2005م الموافق 23 رجب 1426هـ

الشنق بغصن زيتون

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

في منتدى أصيلة بدأ السجال يحتدم وهناك راح كل مثقف يدلو بدلوه لما جرى على واقعنا السياسي والثقافي، إذ أصبحنا في عالم مفخخ، تحدث عبدالوهاب الأفندي "مفكر سوداني" عن تداعيات العنف الذي حدث في لندن وكان الأفندي يركز كثيرا على عدم تبرير هذه السلوكات، بعده تحدث أحمد الربعي "مفكر كويتي" عن أزمة العقل الشعبوي العربي إذ وصفه بأنه عقل مثلج في ثلاجات الأحزاب، وقال: للأسف جماهيرنا اعتقلت إلى خطابات التفخيخ، إذ تم التلاعب بها على تناقضات الواقع والبعض يسيل لعابه لأية حوادث دامية، لكن من دون النظر إلى الأبعاد. وراح يقول: "نجلس كالبلهاء تحت وقع خطب بعض الجمع... وماذا يقدم؟ كلام مكرور رتيب بسيط ولا جديد فيه... لو أن هذا الخطيب وامام ملايين المسلمين يتكلم عن أهمية النظافة أو أهمية التنمية الإنسانية والمعرفية لتغير حال المسلمين"... ثم تكلم غسان تويني "الصحافي اللبناني المعروف" قائلا: "لا داعي إلى مسرحة الأمور... يجب ألا نصنع عقلا تبريريا للناس... يجب أن يتم انتقاد الأخطاء... أنا رجل مسيحي ولو تأملتم لوجدتم أن في كل مسيحي عربي شيئا من الإسلام... هناك من يشنقك بغصن زيتون". ثم تحدث عن نظرية صراع الحضارات وخالفها في ذلك. أما الطيب تزيني "أستاذ الفلسفة في سورية" فقد تحدث عن أهمية الوسطية وتكلم عن أرسطو إذ قال: "الفضيلة وسطية بين الإفراط والتفريط". وقال علينا كمسلمين أن نفتش عن المرض، فالطبيب، ليكشف المرض، يمر بالأشعة والتحاليل ويستخدم العلوم الانثروبولوجية في ذلك... أولا، نحن كمسلمين إلى الآن لم نقر بوجود مرض، فلذلك لا داعي للكشف والفحوصات... لهذا نحن متأخرون. أما الباحث الليبي محمد الهوني فقد فتح النار على بعض الشيعة وبعض السنة، وقال: "بعض الشيعة والسنة مثلا يأكلون ذبائح أهل الكتاب ولا يأكل بعضهم ذبائح بعض، ويتزوج ذكورهم من أتباع الديانات الأخرى ولا يجيزون الزواج فيما بينهم، ولا يصلي أحدهم وراء الآخر". فعن أي تسامح يتحدثون؟ وكذلك الحال عند الديانات الأخرى كما فعلت إلى حد ما الكاثوليكية في المجمع الكنيسي الثاني، فهي تتحاور مع الديانة الإسلامية وترفض الحوار مع الديانة البروتستانتية.

وأضاف "يجب على رجال الدين والقائمين على شئون المقدس أن يكفوا عن عقد المؤتمرات وإجراء الحوارات التي تفوح منها رائحة النفاق والرياء. فكثير من الشيوخ المسلمين يذهبون كل يوم إلى هذه اللقاءات، ويخرجون من عمائمهم حمائم السلام والمحبة، بتوظيف أجمل ما في القرآن من آيات التسامح، ثم ينقلبون إلى بلدانهم ويخرجون من العمائم نفسها صقورا جارحة، بتأويل آيات أخرجوها من سياقها التاريخي المخصوص وأطلقوها لتلتهم حمائم مؤتمرات التسامح"، وحدثت تداخلات من الحضور ومن الجمهور، البعض تحفظ على الأطروحات وبعض وافق سواء مداخلة الهوني أو غيرها.

في هذا اليوم أيضا كانت لي مداخلة، فقلت - ولكن باختصار - لابد من أن ننتقل من عملية جلد الذات كي لا نحول الحوار إلى حوار جنائزي يبكي على جرير العرب... نحن في البحرين انتقلنا إلى الفعل... اقترحت على بعض شبابنا الشيعي كتابة نشيدة نرسلها في الذكرى السنوية لرحيل البابا يوحنا يشاركنا فيها شبابنا السني نهدف بها إلى إرسال رسالة حب وسلام للعالم، للأديان الأخرى، وفعلا تم ذلك... بذلك نعلم الناس على التسامح والابتعاد عن كراهية الأديان... الكنيسة عندنا في البحرين قريبة من المسجد والمأتم في العاصمة، ولا نحمل عقدة في ذلك، وفي يوم من الأيام غاب رئيس مجلس الشورى ونائبه فخلفتهما امرأة بحرينية مسيحية، أدارت الجلسة... نحن نعمل على إذابة الشحوم المتراكمة المفخخة مع مفاصل ثقافتنا... لكل ديانة خصوصيتها، ودعونا ننفتح على قواسمنا المشتركة... كيف نؤنسن علاقاتنا... كل صاحب دين أو ديانة يحترم الآخر... وفي البحرين أيضا عندنا شباب مسلم من جمعية الإسكافي لتجميل البحرين... مازال يلون جداريات البحرين بألوان تدعم المحبة والسلام والوطنية ويشارك في مهرجاناتهم فنانون من كل الطوائف، وفي يوم ما، ذهبت إلى المرسم الحسيني ووجدت طفلا يرسم لوحة ترمز إلى فاطمة الزهراء "ع" ومريم العذراء "ع"... أنا لا أقول لا يوجد متعصبون ومن كل الأطراف، لكن الحل هو أن نطبع اجتماعيا العلائق وإن رمينا بالحجارة، لأن هذه الحجارة هي التي ستجعل من عمل الخير تمثالا على جبهة تاريخ الوسطية والتسامح ليحتذى به... الطريق ملغم ولكن يجب أن نفكر في مبادرات جريئة وجادة لا تلغي الأديان ولكن تدعو إلى الاحترام". وفعلا التقيت يوم أمس سفير الفاتيكان في الخليج وأعطيته نسخة من شريط إنشادي لحبر الأعظم رسالة الشباب المسلم إلى أهل الكتاب في العالم بذكرى مرور عام على وفاة البابا يوحنا" وقدم شكره وإعجابه بهذه الرسالة وقلت له النشيد باللغة العربية، لكنا نعدك بإرسال آخر باللغة الإنجليزية وستعجبك موسيقى الحزن فيه، فهي من إنتاج شبابنا من الطائفة السنية الكريمة. وقال: أنا سعيد لهذه الرسائل المعبرة... يتبع غدا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1088 - الأحد 28 أغسطس 2005م الموافق 23 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً