دشنت الكاتبة منيرة سوار روايتها الأولى «نساء المتعة» بالملتقى الأهلي الثقافي وسط حضور من الأصدقاء والمثقفين المهتمين وجمهور الملتقى، خلال التدشين قدمت سوار شهادتها في السرد، بعدها وقعت نسخا من الرواية مهدية إياها للأصدقاء ورواد الملتقى.
وخلال شهادتها عبرت سوار عن علاقتها بالكتابة فأشارت إلى أن الكتابة كانت بالنسبة لها فلكا، تتوه فيه، بلا جاذبية تستحثها للاستكانة إلى أحد كواكبه. «فلا أنا أحببت كتابة المقال الصحافي يوما، ولا شدتني كتابة الشعر أو القصة القصيرة، وبالتأكيد لم يخطر ببالي أنني سأغلق دائرة دوراني اللانهائية بولوج عالم الرواية الجميل، الطويل، المضني والممتع في آن واحد!».
وتساءلت سوار «هل تولد القدرة على الكتابة فجأة؟! سألت نفسي. بعد أن وقفت حائرة أمام أسئلة الكثير من المقربين، حينما سمعوا بخبر كتابتي لروايتي الأولى... لا، لا أعتقد بأن القدرة على الكتابة تولد فجأة. ربما كانت نزعة الكتابة موجودة منذ سنوات بعيدة في داخلي، وأنا لا أدري عنها شيئا. لم يكن الدافع الذي جعلها تكشف عن نفسها من خلال الكتابة الروائية سوى «نساء المتعة» عنوان الرواية، وعنوان هاجسي.
وأشارت سوار إلى أنه قد يتبادر إلى الأذهان أن عنوان الرواية يرمز لمتعة الجسد فقط!. «إلا أنه ليس كذلك... فالمرأة في روايتي كانت متعة للنظر... ومتعة للامتلاك... ومتعة للابتزاز قبل أن تكون متعة للجسد!. كانت هذه هي الفكرة الرئيسية التي اقتحمتني، ومنها تناسلت أفكار وهواجس كثيرة تتعلق بوضع المرأة ومكانتها الحقيقية في المجتمع».
وبينت سوار أنها حاولت من خلال هذه الرواية مقاربة بعضٍ من هموم كثيرة للمرأة... وتسليط الضوء على معاناتها النفسية، التي تبدو لي في كثير من الأحيان، معاناة مستترة... غير مرئية للمجتمع، لفرط التجاهل واللامبالاة التي تُقابل بها فعليا. فلا كل هذه الندوات... ولا المحاضرات أو المؤتمرات... ولا الأقلام أو المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بقادرة على التغيير الجاد في وضع المرأة، والتخفيف من الضغوطات التي تحيط بها من كل جانب. فحتى حصولها على بعض حقوقها المسلوبة منذ زمن بعيد، دفعت ثمنه بالتنازل عن حقوق أخرى، وكأنه قُدر لها أن تعيش دائما وأبدا بنصف حقوق. لأنها وكما يُنظر إليها في الواقع، نصف إنسان، لا يجدر له التمتع، سوى بنصف الصفات والحقوق الإنسانية.
وأضافت سوار أننا لا نزال ندور في ذات الدوامة منذ قرون... ولا يزال تاريخنا متحكما في حاضرنا... مصرا على أن يورثنا مستقبلا لا يختلف كثيرا عن ماضينا. ومع هذا، فنحن لا نملك إلا أن نسعى... ونسعى... كلٌ بمنهجه... وبأسلوبه... فلربما استطعنا يوما أن نخلق رؤية جديدة وميزانا أكثر عدلا... ينصف المرأة ويمنحها الفرصة لتفعيل حقوقها التي لا تزال- حتى الآن- حبراُ على ورق!.
وتساءلت سوار كيف كانت تجربتي الأولى في الكتابة؟ مجيبة «في البداية رسمت الخطوط العريضة لأحداث الرواية في مخيلتي، ومن ثم خلقت شخصياتها من العدم، بحسب مفهومي المبكر للرواية آنذاك... وكتبت الصفحة الأولى. ثم توقفت لأعيد قراءة ما كتبت مرة بعد مرة. أهكذا تكون بداية كتابة الرواية؟! سألت نفسي. ثم توالت الصفحات بعد ذلك تِباعا وأنا غير مصدقه بأنني أكتب رواية؟! حتى وصلت في كتابتي للصفحة الثلاثين، لأترك كل الصفحات معلقة بمشنقة ترددي.. وقلقي... وخوفي، معلنة لنفسي أن هذه ليست رواية؟!
وأضافت سوار عدت لكلماتي ولصفحاتي الثلاثين بعد أسبوعين من الزمان، لأكمل ما بدأت. فكنت كلما انتهيت من كتابة مشهد بنجاح، شعرت بغبطة لأني قد خرجت من ورطة!. فلا ألبث أن أواجه حقيقة أنه يتعين علي البدء في كتابة المشهد التالي!. ودخولي في ورطتي الجديدة.
ووصفت سوار تجربتها «كانت تجربة مليئة بكمٍّ من المشاعر المتناقضة وبكثير من القلق والتوتر. أما السعادة الحقيقية، فلم أشعر بها إلا بعد أن سطرت السطر الأخير من الرواية».
وعن مشاعرها أثناء كتابة الرواية قالت سوار: «لقد كتبت هذه الرواية بكل عقلي وبجميع مشاعري ووضعت فيها من عصارة روحي ونفسي... فلا أتمنى شيئا إلا أن تلامس كلماتي أرواحكم من الداخل. فإن هي فعلت، أستطيع حينها أن أعلن لنفسي عن خبر نجاحي... أما، إذا بقيت أسئلتي المطروحة في الرواية معلقة أمام أعينكم بعد انتهائكم من قراءتها، فإنني بالتأكيد سأعلن - حينها- وبكل فخر عن النسبة المئوية لهذا النجاح.
وختمت سوار شهادتها قائلة: «الآن... وبعد هذه التجربة، أنحني تقديرا وإجلالا لكل مبدع التجأ إلى هذه اللغة... لغة الكتابة، ليخاطب بها العالم، وليضيف إليه رقيا وجمالا إنسانيا، لم نكن لنستشعره حقا، إلا من خلال بوح هؤلاء المبدعين بمشاعرهم وأفكارهم وأسئلتهم عبر هذه اللغة الجميلة».
العدد 2421 - الأربعاء 22 أبريل 2009م الموافق 26 ربيع الثاني 1430هـ