العدد 1087 - السبت 27 أغسطس 2005م الموافق 22 رجب 1426هـ

روايات التسامح معتقلة في زنزانات انفرادية في التاريخ

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تحدثت في ندوة أصيلة في المغرب بكل شفافية وخرجت أيضا عن النص الذي كتبته وأغمست الاصبع في جرح التاريخ والحاضر وقلت ان الأزمة أزمة قراءة للنص. والتراث الإسلامي يحتاج إلى إعادة نظر في بعض مواقعه... هناك روايات كتبت في مطابخ السلاطين... هناك روايات مفخخة وأحاديث ملغمة تصطاد السنة والشيعة. والدول لعبت دورا في ذلك وهناك اشتركت البراغماتية الرسمية و البراغماتية الدينية في عملية خلط أوراق الروايات وتدليس أخرى لتبقى أفخاخا تنفجر في كل لحظة تاريخية للمسلمين. واسمحوا لي ان أقول وانا لست مسكونا بنظرية المؤامرة ان المصالح الشخصانية أسست لهذه الثقافة المتورمة... عندما نقرأ التاريخ ونقوم بعمليات حفر لمئات الروايات نجد روايات تعمل على المنطقة المشتركة بين البشر... تبحث عن المشتركات... عن الوسطية في الحياة... عن التسامح بين المسيحيين وأهل الكتاب... عن التسامح بين الطوائف لكنها مغيبة... هناك زنزانات انفرادية في التاريخ سجنت فيها روايات التسامح لتبقى دائما رهن الاعتقال ليبقى فساد التطرف والاقصاء والشطب والإلغاء هو الباقي والمسيطر على عقولنا وعلى عقول شبابنا... روايات تركز على أهمية العقل لكنها أيضا مصادرة. وبعض روايات العقل صلبت على أعواد المشانق بحجة أن الفلسفة زندقة وان العقل يقود إلى التشكيك فيجب ان يختزل الإنسان في الفرد - عليه ان يسلم عقله للحزب أو الدولة أو الوجيه... الخ، ماذا فعلت محاكم التفتيش أيام الدولة الأموية ولماذا تم تكسير كل روايات التسامح بفؤوس بعد الدينيين العاملين في الدولة العباسية... وماذا فعلت الدولة الفاطمية؟ وماذا فعل المماليك وماذا فعل المغول؟... الدولة العثمانية والدولة الصفوية ساهمتا على مصادرة جزء من الحب بين الطوائف وذلك لصالح البراغماتية الرسمية. ان خطاب التنائيات من الأسود والأبيض كرسته المصالح الخاصة، إذ عمل البعض لجعل الدين يخدم مصالحه ليكون موظفا وبلا ضمان اجتماعي... فلنقرأ التاريخ جيدا ما الأخطاء التي حدثت لتربك العلاقة بين المسلمين أنفسهم وبين المسلمين والآخرين... ولماذا أبعد خطاب الاشتراك... عشرات الروايات تتلكم عن أهمية التواصل الإنساني مع المسيحيين كديانة وكأمة ونحن مازلنا نردد في الخطب "لعن الله اليهود والنصارى" إذا، كيف تريد حوارا مع من تلعنهم ليلا ونهارا؟ هناك خطباء في لبنان قروسطيون يرددون هذه العبائر بكل غباء فهل ذلك يخدم الوحدة الوطنية وهكذا. وهذا يقودني إلى الحديث عن العراق... لا نريد عراقا مقسما ولا طائفيا نريد عراقا تعدديا ديمقراطيا يحترم فيه الشعب العراقي لتكون الدولة للجميع... لا مستقبل لعراق يعيش على تقوية الشيعة على حساب السنة أو يعيش السنة على حساب الشيعة نريد عراقا يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص بعيدا عن المذهب والانتماء العرقي.

للأسف عقول شبابنا العربي مثلجة في ثلاجات الانتماءات الحزبية كعلب السردين... نحن لا نعلم شبابنا كيف يفكر، كيف ينتقد... كيف يقرأ الحياة بعيدا عن الأحلام... نحن لا نختلف كنخب وأحزاب عن الأنظمة العربية... نريد شبابا يعبدنا في الإيجابيات والأخطاء... نريد شبابا يمنحنا عقله لنقول له: نم قرير العين فنحن نفكر بالنيابة عنك... نريده ان يجعل منا أبطالا ولو من تمر وتلك كارثة لأنه ربما يأكلنا ساعة الجوع... واسمحوا لي ان أقول ان هناك حضرا للتجول لأي خطاب وسطي في أوساطنا وساحاتنا العربية... في مساجد وجامعات ومراكز... أحزاب ودول لا أحد يقبل بولاء 70 في المئة ولا أحد يقبل بولاء 100 في المئة الكل يريد ولاء 500 في المئة... من رجل الدين إلى المثقف... إلى الجامعة... إلى الوزارات... الخ. لا أقول الجميع لأني لا أؤمن بالتعميم كمفهوم ولكن الكثرة... يجب ألا نلقي الحجارة على النظام العربي و نصفه بالدكتاتورية ونحن نمارس السلوك ذاته مع بعضنا كطوائف... كديانات... كأحزاب حتى في الأسرة، أزواج يقمعون زوجاتهم أو العكس. الوسطيون لا بواكي لهم. المشكلة لا يوجد نقد ذاتي. دائما نبحث عن ضحية لبعض سلوكاتنا... لقد بلغت هرمونات نظرية المؤامرة إلى مستوى لو أن إنسانا طلق زوجته سيفتش ليتهم جاره أو الغرب... الغرب له مصالحه ولا نبرر له ذلك لكن الغرب لم يأمر أية دولة عربية ان يكون المستشفى نظيفا أو الشوارع بلا أوساخ. بعض الأخطاء منا في الوقت الذي يوجد أخطاء في الآخرين

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1087 - السبت 27 أغسطس 2005م الموافق 22 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً