ما أكثر الذين يحللون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا، حتى ان القرآن الكريم نهى عن هكذا أفعال وأمر المؤمنين بالابتعاد عن هذه الصفة الذميمة.

إن التعامل بطريقة "حلال علي حرام على غيري" لا تفرض عموما إلا ممن يملكون القوة، مثل أميركا التي هي "رمز فرض سياساتها بالقوة" في زمننا الجاري هي الوحيدة القادرة على فرض آرائها بالطريقة التي تراها صحيحة وهي لا تتوانى عن أن تعلن استنكارها لبعض الأعمال وهي في الوقت نفسه تمارسها في مكان آخر.

الخميس الماضي أعلن مساعد لوزير الخارجية الأميركية أن "على تركيا ألا تحارب حزب العمال الكردستاني الذي جعل من الأراضي العراقية منطلقا لعملياته العسكرية لأن هذا الإجراء سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في شمال العراق"!

الغريب أن أميركا التي تحتل العراق وترفض الانسحاب منه أو وضع جدولة لانسحابها منه لأنها تعتقد أنه قد يمثل خطرا في المستقبل، الآن تنصح تركيا بألا تتدخل لمطاردة حزب العمال الكردستاني الذي يشن عمليات إرهابية في المحافظات التركية وطالت الأبرياء من الشعب التركي في جنوب وجنوب شرق الأناضول منذ العام ،1984 وهو العام الذي أعلن فيه هذا الحزب تأسيس الجناح العسكري، وكانت آخر عملياته تفجير عدد من الأحياء والمناطق في مدينتي اسطنبول وأنطاليا وراح ضحيتها المدنيون ومن بينهم غربيون، لكن ليسوا من الولايات المتحدة الأميركية. والغريب أيضا أن أميركا كانت أعلنت قبل سنين، حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية لكنها ترفض مطاردتها بل أنها تأويها، باعتبار أن العراق يقع الآن بعهدتها، مثلما هي الآن تتستر على منظمة "مجاهدي خلق" في العراق التي اعتبرتها واشنطن منظمة إرهابية منذ سنين أيضا.

هكذا هو العيش في الزمن الأميركي، حلال عليها ما تفعله بالآخرين بحجة مصالحها القومية، حرام على الآخرين فعله لمصلحة بلدانهم