قال مصرفيون ومنظمون، إن التوجه نحو العمل بالصيرفة الإسلامية زاد بقوة في الآونة الأخيرة بسبب إخفاق المصارف التقليدية وإفلاس العديد منها في الدول الغربية نتيجة الأزمة المالية العالمية، وبدأ البحث عن خيار آخر لإعادة الثقة إلى الأسواق الدولية.
إذ أفاد منظمون أن مؤتمرا عن الصناعة المالية الإسلامية يعقد في هولندا اليوم (الخميس) سيبحث دور المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في ظل الأزمة المالية العالمية، وإمكانية تقديم هذه المؤسسات خيارا آخر بعد الهزة المالية التي أدت إلى اختفاء مصارف تقليدية عالمية وتضرر الأسواق.
كما تستضيف البحرين الشهر المقبل مؤتمرا للهيئات الشرعية الإسلامية لمناقشة الأحكام والمتطلبات الرقابية وأثر الأزمة المالية على المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، ضمن سلسلة متواصلة من المؤتمرات والندوات عن الصيرفة الإسلامية في تركيز عالمي على هذه الصناعة الحديثة نسبيا.
إذ ذكرت شركة نورتن روز (Norton Rose)، أن المؤتمر الذي تنظمه الشركة العالمية ويدوم يومين سيبدأ الخميس في فندق أمستل (Amstel) الدولي بأمستردام، ويحمل عنوان «هل المصارف الإسلامية تعرض خيارا آخر في السوق الحالية؟».
وأوضحت الشركة التي تعد قائدة في الصيرفة الإسلامية، في بيان، أن المحاضرات والمناقشات خلال المؤتمر الذي يستمر يوما واحدا ستتركز على الاحتمالات التي توفرها المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية خلال أزمة الائتمان العالمية، بالإضافة إلى تطور الصيرفة الإسلامية في هولندا وكذلك الضرائب والأمور القانونية.
أما مؤتمر الهيئات الشرعية الذي يعقد في البحرين في 20 مايو/ أيار المقبل فتنظمه هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، ومقرها البحرين. وسيبحث ضمن أمور أخرى الأزمة العالمية، وأثرها على المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية.
وسيعقد المؤتمر الذي يدوم يومين في فندق الشيراتون، وستتبعه دورات تدريبية للمراقب والمدقق الشرعي، وكذلك المحاسب القانوني الإسلامي، وخصوصا أن كل مصرف ومؤسسة مالية إسلامية لديها هيئة شرعية خاصة تقوم بمراقبة تطبيق المبادئ الشرعية على الاستثمارات.
ومن ضمن الأمور التي سيتم البحث فيها خلال المؤتمر الحكم الشرعي في التحاكم إلى القوانين الدولية، والتورق المنظم والمرابحة العكسية، والأزمة المالية وأثرها على المصارف، وخصوصية ومتطلبات رقابة المصرف المركزي على المصارف الإسلامية.
كما سيتم التطرق إلى ضوابط تطوير المشتقات المالية في العمل الإسلامي، وتفعيل التدقيق والرقابة الشرعية الداخلية وتطويرها، بالإضافة إلى أساليب نقل المخاطر في المعاملات المالية الإسلامية.
والمتحدثون الرئيسيون هم الشيخ محمد تقي العثماني، ومحمد سعيد البوطي، والشيخ أحمد عبدالعزيز الحداد، والشيخ نظام يعقوبي، وعبدالستار أبوغدة، وعلي محيي الدين القره داغي، وحسين حامد حسان، ومحمد علي القري، وعجيل جاسم النشمي، ومحمد داوود بكر، وعصام العنزي، ومحمد عبدالرحيم سلطان العلماء، والشيخ صالح بن عبدالله اللحيدان، والشيخ أسيد كيلاني، والشيخ محمد يونس البيرقدار، وعبدالباري مشعل، والشيخ عبدالستار القطان، ومحمد أمين القطان.
وقد نمت الرغبة في مختلف دول العالم في الصيرفة الإسلامية التي تعد حديثة مقارنة بالصيرفة التقليدية بعد تفجر الأزمة المالية في الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر/ أيلول العام الماضي والتي أدت إلى اندثار مصارف كبيرة وخسائر قدرت بمليارات الدولارات لمؤسسات في مختلف دول العالم.
غير أن المصارف والمؤسسات المالية ظلت إلى حد ما بعيدة عن التأثيرات المباشرة للأزمة نتيجة أسلوب العمل الذي تسير عليه. وتعمل المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية وفقا للشريعة التي تحرم الفائدة باعتبارها ربا، بعكس المصارف التقليدية التي تطبق النظام الغربي ويرتكز نشاطها على الفائدة.
وتفتخر المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية باستمرارها تحقيق أرباح صافية في ظل بيئة غير صحية تعيشها المصارف التقليدية والتي أدت إلى انهيار العشرات من المصارف خلال أقل من عام على بدء الأزمة.
ويقول مصرفيون، إن السبب الرئيسي وراء نجاح هذه الصناعة التي بدأت قبل نحو عقدين يرجع إلى ابتعادها عن المضاربات في أسواق المال أو الاستثمار في أصول غير موجودة وكذلك عدم المتاجرة في الديون والمنتجات ذات الهياكل المعقدة.
وللتأكيد على نجاح هذه المصارف فإن مؤسسات إسلامية ومستثمرين يعتزمون إنشاء مصرف إسلامي ضخم مقره البحرين، والمنتظر أن يبدأ نشاطه قبل نهاية العام. وسيكون المصرف قادرا على تقديم التمويلات الكبيرة اللازمة للمشروعات الحيوية التي يتم تنفيذها في المنطقة، لكن لن يقدم خدمات التجزئة كما تفعل بعض المصارف.
ويقدر أن المصارف الإسلامية تدير نحو 700 مليار دولار، ويتوقع أن ينمو الرقم إلى 1.2 تريليون دولار بحلول العام 2012.
مصرفي إسلامي يعمل في البحرين أعرب عن اعتقاده بأن المصارف الإسلامية بصفة عامة آمنة أكثر من المصارف التقليدية، لأن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية لم تنخرط في الأدوات المالية ذات الأخطار العالية، التي أدت إلى أضرار كثيرة للمصارف التقليدية، لكنه قال إنه «بما أننا نعيش في عصر العولمة فلا أحد سيكون بعيدا كليا عما يجري في العالم».
وتضررت معظم المصارف والمؤسسات التقليدية نتيجة للتعامل مع الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية.
وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية هي واحدة من أربع مؤسسات إسلامية تتخذ من البحرين مقرا لها وتعمل على تطوير الصيرفة الإسلامية. والمؤسسات الثلاث الأخرى هي الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف، ومركز السيولة المالية، والمجلس العام للبنوك والمؤسسات الإسلامية.
ويعمل في البحرين نحو 26 مصرفا ومؤسسة مالية إسلامية في أكبر تجمع لهذه المصارف في المنطقة، إلى جانب 25 مصرفا تجارية وأكثر من 50 مصرفة جملة يبلغ مجموع الموجودات فيها نحو 250 مليار دولار.
العدد 2421 - الأربعاء 22 أبريل 2009م الموافق 26 ربيع الثاني 1430هـ