إن تغير وعي المرأة شرط أساسي في تغيير وضعيتها الاجتماعية والثقافية وكذلك في تغيير قابليتها على الرفض والمقاومة. فتحرر المرأة ووعيها بمكانتها لا يكفيان من دون تغيير وعي الرجل وتحرره من قيود غطرسته التي جاءت نتيجة تنشئته الاجتماعية وثقافته وتكوينه النفسي وتربيته على قيم الرجولة التي اكتسبها من المجتمع الأبوي وترسخت مع مرور الزمن في عقليته منذ الصغر.
فهو الرجل الذي لا يتقبل فكرة تفوق المرأة عليه ولا أن تحصل على حقوقها وحريتها التي سلبها من دون مساواتها بالرجل حتى لو اقتنع بذلك نظريا وادعى انه من دعاة التحرر والمساواة.
فالتنشئة الاجتماعية أسهمت في تعزيز مفاهيم وممارسات الفكر الأبوي التقليدي الذي ظل ومازال يؤكد، بل ويدعم تفوق الرجل على المرأة منذ اللحظة التي يعي فيها أنه ذكر وأنها أنثى.
وفي مجتمعنا البحريني الذي لا نجده بعيدا عن تلك الممارسات وعن تلك المفاهيم، يغرق واقعنا بالممارسات الطاغية عليها الخرافات التي تسيء في جميع الأحوال إلى المرأة وإنسانيتها. فإن كنا نبحث عن تطوير إمكانات المرأة فكرا وعملا، فإن التغيير الحقيقي والجذري لهيمنة الفكر الأبوي التقليدي لا تتم عبر تغيير العلاقة التسلطية بين الرجل والمرأة، بل على مستوى الممارسة العملية من خلال تربية جديدة تنبني على المساواة التامة بين الذكر والأنثى أي منذ الولادة مرورا بالتنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم والعمل وما يترتب ذلك فيما بعد من واجبات وحقوق.
أيضا، التغير لابد أن يشمل داخل البيت والمدرسة وعلى جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلى تعديل القوانين المدنية والأعراف الاجتماعية بما يخدم وينسجم في هذا السياق، وبالتالي فإن هذا التغيير سيترك أثره جليا على بنية العائلة وأعرافها التي ستغير تدريجيا بنية المجتمع الأبوية التي هيمنت على فكر مجتمعاتنا العربية عموما والمجتمع البحريني خصوصا. وعلى رغم ذلك، فإن ما نشهده اليوم داخل مجتمعنا البحريني ما هو إلا تغيير مازال ينقصه الكثير، فقد تم تغير في جوانب أدت إلى تقدمها بينما تخلفت جوانب أخرى وهو ما يعبر عن أن المرحلة التي تعيشها المرأة البحرينية اليوم هو تناقض في الأفكار والسلوكيات تجاه دورها وما عليها من حقوق وواجبات وهو ما أدى إلى بروز بعض المشكلات الاجتماعية التي أثرت على فئة دون أخرى بسبب حال المد والجزر التي تعيشها المرأة العربية عموما والبحرينية خصوصا
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1086 - الجمعة 26 أغسطس 2005م الموافق 21 رجب 1426هـ