ولد المسرح العبثي في القرن العشرين، وراكم فيه عباقرة المسرح رصيدا أدبيا إنسانيا كبيرا. هذه المقالة عبارة عن دعوة عامة لمتابعة إحدى مسرحيات هذا القرن العبثية، هذه المسرحية تحمل اسم "ثلاثة يستخفون بمصير أمة".

تعرض المسرحية - التي تعد تجربة جديدة على الشعب المصري - على التلفزيونات المصرية في إطار الحملات الانتخابية الرئاسية. أبطالها عشرة "مبشرين بالرئاسة"، إلا أن المصريين على الأكثر يعرفون الثلاثة الأشهر: رئيس "حزب الغد" أيمن نور، ورئيس "حزب الوفد" نعمان جمعة، والرئيس حسني مبارك. فالأول عرفه المصريون عندما زادت طموحاته فـ "انسلخ" من ضلع الحزب الحاكم الذي يتزعمه مبارك، وأسس حزبا مستقلا، فاعتقلته السلطات ومازالت محاكمته مستمرة. والثاني يعرفونه من رنين اسم حزبه العالق في أذهان الناس بصورة مؤسسهة الرئيس السابق سعد زغلول. أما الثالث فيعرفه جيل الخمسينات كما سيعرفه جيل الـ "2006"، أي أنهم عرفوه منذ نعومة أظافرهم، صوره موجودة في كل مكان حتى على أوراق لف اللحم الذي قد يشتريه المصري مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، ليذكر المواطن فقط "بأن مبارك له الفضل في تحسن وضعك المعيشي".

المسرحية لم تهمل السبعة الآخرين إلا أن أدوارهم جاءت مثل "الكومبارس"، إذ تكاد أفواههم تنشطر فرحا بنعمة الظهور على شاشة التلفزيون، أي أنهم مثل أي طفل يلوح بيديه إذا حضر عرضا تلفزيونيا ومرت الكاميرا عليه.

حبكة المسرحية تتحدث عن مصر، ما يقارب 75 مليار نسمة في السنوات الست المقبلة. أما مادتها الرئيسية فهي البرنامج الانتخابي للمبشرين الثلاثة، فمبارك الذي ظهر على شاشات التلفزيون خلفه تشكيله من شباب مصر وخلف الجميع لافتة كتب عليها "القيادة والعبور للمستقبل". يدهشك موقف الرئيس وهو يلوح بيديه "سأقضي على الفساد... سأوفر نصف مليون سكن... سنخلق فرص عمل للشباب"، غريبة عجيبة تلك الوعود وكأن شخصا آخر قبع على صدور المصريين في الأربعة وعشرين عاما الماضية. أما نور فلا نعتقد أنه سيحقق اختلافا فهو عضو سابق في "نظام اتسم بالخلود". وبشأن الأخير فربي إني لا أعرف الخير في ظاهره ولا أعلم من باطنه شيئا