في مقال من تأليف جون مكوي نشر في 8 يوليو/ تموز الماضي يفيد بأن التعليم وخصوصا تعليم الأطفال في الهواء الطلق بعيدا عن الجدران الأربعة للبيت والمدرسة يحقق نتائج باهرة على مستوى التعلم.
المقال يبدأ بالقول: إذا كان هناك ثمة لغز فإنه قد حل. واللغز المشار إليه هنا هو "لماذا قلة من شباب اليوم لا يختار من أجل عطلته رحلة يتمتع فيها بالصيد أو صيد السمك؟" الجواب عن ذلك اللغز ليس بحاجة إلى عقل جبار فقد حله مراهق صغير من "كاليفورنيا" إذ قال: "لأنهم يقضون معظم أوقاتهم في الداخل بين أربعة جدران صماء حيث المقابس الكهربائية". وهو بهذا يعني حيث الألعاب الإلكترونية الساحرة ذات الصناديق ذات التسميات المتعددة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: "الإكس بوكس" و"الغيم بويز" و"البلاي ستيشنز". وهؤلاء الشباب المتسمرون داخل الجدران الأربعة والمأخوذون بما تقدم لهم التكنولوجيا من متعة بصرية وسمعية يؤكدون كما ورد في المقال على أن هذه "الألعاب التي يلعبونها هي ألعاب تربوية" ذات فوائد جمة منها على سبيل المثال قدرتها على رفع "مهارات التناسق بين أداة البصر واليد" حيث تعمل هاتان الأداتان بشكل جد سليم وتتعاونان لا شعوريا كما تساهم هذه الألعاب بشكل فعال في "بناء مهارات الكمبيوتر". والكمبيوتر كما يعلم الجميع هو أداة العصر التي لا ينافسها منافس أبدا.
من جانب آخر تجادل هذه الآراء وتدحض جل ما جاء فيها دراسة أجريت في الآونة الأخيرة قامت "بقياس تأثير التعليم في الهواء الطلق على طلبة موضوعين تحت المراقبة لسبب تقصيرهم الدراسي من المرحلة السادسة الإبتدائية". حين أرسل القائمون على هذه الدراسة ما قدره "مئتان وخمسة وخمسون طالبا من أربع مدارس متوسطة إلى مدارس علوم خارجية لمدة أسبوع" خلاله "انخرط الأطفال في تدريب فعلي مكثف في علوم البيئة وعلوم التربة"، وقد كان جميع الأطفال الذين شملتهم الدراسة ينخرطون في مثل هذه المدارس للمرة الأولى وبلغت نسبة الذين لم يقضوا أي وقت خارج مدينتهم 56 في المئة من مجموع الطلبة المشاركين في الدراسة.
تذكر الدراسة ان "تحرير الأطفال من حبالهم السرية الإلكترونية" وجعلهم ينخرطون بأعمال تكون يدهم هي الأداة الوحيدة التي بمقدورهم استخدامها وجعلها تتسخ من دون أن يحصلوا على عقاب نتيجة اتساخ اياديهم قد أثمر عن نتائج باهرة وبدا هذا العمل صالحا جدا وليست له أي أثار جانبية أو أذى سوى اتساخ اليدين. نتيجة لهذا الانخراط اليدوي تقول الدراسة إنه قد "تحسنت العلوم والرياضيات عند الطلاب بنسبة كبيرة تساوي 27 في المئة"، كما لاحظ الباحثون "تحسينات قابلة للقياس" من ضمنها "احترام الذات، التعاون، قرار النزاع، ومهارات اجتماعية وشخصية أخرى". وتقول الدراسة إن "النجاح كان باهرا" وفوق ما كان متصورا. إنه اسبوع واحد لا غير "غوص في أحضان الطبيعة" أعطى نتائج مذهلة.
في الولايات المتحدة فقط "نادي سيرا" لديهم سيناريو مشابه لهذه الدراسة، فهم يقولون على لسان مدير "المنظمة داخل برنامج الهواء الطلق" إن "التعليم في العراء هو استثمار" ويأملون في "تبني جيل من الأطفال الذين تتضمن فكرتهم عن المرح شمس مشرقة ونسائم باردة بدلا من بيب بيب بيبنغ ذلك الصوت المستمر لبعض الأدوات الإلكترونية الحديثة".
يذكر المقال في النهاية أن المعلمين هناك وخصوصا أساتذة العلوم "يحاولون بشكل دوري أن يكون الأطفال على اتصال بمحيط بيئتهم الطبيعية" كما يحاول "معلمو التربية البدنية" أن يبدأوا "بالترويج لمثل هذه المهارات في الهواء الطلق المختلفة كالرماية وصيد السمك وركوب الجبال بالدراجات".
ويختم المقال بالقول "إن دراسة كاليفورنيا لا تعدو عن كونها إشارة، مثل استراتيجيات التعليم التقدمية التفكير هذه قد تأتي بنتائج ذات فائدة كبيرة في النهاية على شكل درجات أفضل. على أقل تقدير، ستسمح للأطفال لفصل أنفسهم من حين لآخر من رتابة تخدير عقل مهدئاتهم الإلكترونية ويجربون العالم غير المتوقع والمبهج للعالم الطبيعي".
هناك على الإنترنت ما يقارب من 18 مليون موقع له صلة بالتعليم الخارجي "التعليم على الطبيعة" وهناك ما يقارب من ثمانية ملايين موقع ذات صلة بالبحوث الخاصة بالموضوع وهناك تسعة ملايين موقع لها صلة بالتعلم عن طريق الصيد البحري وهناك مليون موقع عن التعلم والجبال وهناك مليون موقع عن الأحياء والتعلم الخارجي وهناك مليون موقع عن الكيمياء والتعليم الخارجي وهناك خمسة ملايين موقع عن التعلم الخارجي والفن وهناك ما يزيد على المليون موقع عن العمارة والتعليم الخارجي وغالبية هذه المواقع أميركية وأوروبية وشرقية ولا يوجد بينها أي موقع ذي صلة بالموضوع عربي، وأعي انه لا يسعني أن ألم بكل ما جاء فيها حتى ولو حددت بحثي في الموضوع إلى أضيق نقطة فيه ولكن لا يمنع من أن أعطي صورة ولو موجزة عن الموضوعات التي تتطرق لها هذه المواقع، هناك مواقع لجامعات عريقة متخصصة في برامج التعليم الخارجي في جميع فروع المعرفة إلى جانب علوم الجبال والوديان وكل ما يتصل بها. هناك أيضا جامعات أخرى متخصصة بالغابات وأمراض حيوانات الغابات وكل ما يتصل بهذا الموضوع. هناك ايضا مراكز دراسات خارجية معظمها يتصل بعلوم البيئة وطرق المحافظة عليها. هناك كتب ومقالات ودراسات ذات صلة وثيقة بالموضوع ويتطرق بعضها إلى التعلم عن طريق المغامرات الخارجية. هناك مراكز أبحاث كثيرة مهمتها البحث في التعلم في الهواء الطلق.
بما اننا قادمون على بداية العودة إلى المدارس والخروج من الجدران الأربعة التي قضى فيها معظم أبنائنا أوقات فراغهم مع تلك الأجهزة المذكورة أعلاه دعونا نتمنى أن يلاقي أطفالنا الاهتمام من قبل المدرسة ويلحقونهم بفصول دراسية على الطبيعة الخضراء الساحرة وفي الصحراء والبحر والمزارع والمروج الخضراء كي يعرفوا ما تحمله لهم الأرض من كنز كبير لا نهاية له ولا ينضب إذا ما تمت المحافظة عليه بمعرفة القوانين التي يقوم عليها
العدد 1085 - الخميس 25 أغسطس 2005م الموافق 20 رجب 1426هـ