العدد 1084 - الأربعاء 24 أغسطس 2005م الموافق 19 رجب 1426هـ

تصاعد وتيرة الجريمة... لماذا؟

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

إن المراقب للساحة المحلية في المملكة، يدرك تماما بأن تغييرا جذريا حدث في تركيب الحياة اليومية، وباتت الجريمة شيئا مألوفا ولم يعد القارئ يستغرب حين تقع جريمة في إحدى المناطق، بل ولا نبالغ حين نقول إن القارئ قد تعود أيضا على رؤية أخبار جرائم القتل وتشكلت لديه صورة ذهنية تراكمية عن الجرائم بشتى أنواعها.

ويرى محللون أن بداية بعض المجتمعات، التي باتت مجتمعات منحطة خلقيا ومشهورة بوقوع جرائم تحدث بمعدل الدقيقة، كانت كبدايات الجريمة لدينا. فقد كان القراء في تلك البلدان يستغربون حين تقع جريمة قتل، ويظل المرء يتابع الصحف والتلفاز ليعرف آخر أخبار هذه الجريمة، ومع مرور الوقت تشبعت أفكار الشعوب ولم تعد الجريمة سوى صورة يومية مستقرة في الذاكرة، وحدوثها ورؤيتها في الصحافة وسائر وسائل الإعلام ليس إلا أمرا روتينيا وطبيعيا.

نحن لا نقول إن مجتمعاتنا ستصل إلى ما وصلت إليه تلك البلدان، ولكن الوضع الراهن يحتم علينا الخوض في حديث تطول مدته، فهل ننكر بأن مجموعة كبيرة من شبابنا انخرطوا في سلك عصابات المخدرات، تلك العصابات التي تعودنا على رؤيتها في نهاية الثمانينات وامتلأت بها الطرقات والأزقة، وكان المرء يخشى المرور على طابور من المنحطين الذين تدلت رؤوسهم على بعضهم بعضا، بل وشاهدنا أمام أعيننا شبابا يستخدمون الإبر ويشمون المخدرات بل وحدثت جرائم وسط الأحياء السكنية كان أبطالها عصابات مخدرات القرى والمدن التي باتت تشكل حكومات منفردة لها أحكامها ومحيطها ومناطقها وأسلوبها الخاص في تسويق بضاعتها ونشر أفرادها. ففي قرى المحافظة الشمالية حدثت ما يقارب من الجرائم الخمس لأفراد عصابات المخدرات طعن الضحايا بسكاكين مختلفة حتى الموت ما يدلل على أن أفراد العصابة شاركوا كلهم في الجريمة.

ونعود للسؤال؛ لماذا ازداد معدل الجريمة بشكل جنوني في المملكة؟ هناك من يرى أن البطالة هي اللاعب الرئيسي في المشكلة، فالبطالة تولد الفراغ، والفراغ هو عدو الشباب. وهناك آخرون يرون أن وفود أشخاص غرباء عن عادات وتقاليد المجتمع سبب أساسي في تفاقم الجريمة، وهذا الرأي مدعوم بأمثلة حية مثل انتشار مصانع الخمر المحلي في مناطق الآسيويين، وارتفاع معدل الجريمة في الأماكن التي تسكنها هذه الجماعات. وهناك من يرى أن ابتعاد المجتمع عن الوازع الديني وتعاليم الدين سبب رئيسي في تفاقم المشكلة، فالمساجد باتت بقاعا خالية، ومؤسسات الإرشاد لم تعد تعج بالوفود كما في السابق.

السؤال الآخر في هذا السياق هو؛ منذ متى تخاف النساء من حمل حقائبهن في أيديهن؟ منذ متى تحدث السرقات على رؤوس الأشهاد ولا رقيب ولا حسيب؟ منذ متى انتشرت سرقة بيوت الرحمن بهذا الشكل، ولم تسلم أبوابها ولا نوافذها ولا المكيفات ولا حتى السجاد. منذ متى تسرق بيوت الناس في وضح النهار؟ وأغرب قضية سمعنا بها حدثت في الأيام القليلة الماضية حين أقدم اللصوص على اقتلاع أطقم الحمامات من أحد المنازل حين لم يجدوا أي شيء يستحق السرقة! منذ متى يستيقظ الشخص صباحا ليجد سيارته هيكلا خاليا من أية "اكسسوارات"؟

نحن نتحدث عن ظاهرة خطيرة جدا بدأت تجتاح مجتمعاتنا، والأخطر من ذلك هو أن بعض الجماعات بات يستهدف فئات الشباب ليشكل منهم عصابات وتعود إليها الأيام الخوالي.

والغريب أن بعض مؤسسات المجتمع المدني لايزال يغض الطرف عما يجري في محيطه، فأين الصناديق الخيرية، وأين مراكز الشباب والمراكز الثقافية والأندية من كل ما يجري؟ هل سنظل نراقب الساحة حتى يفلت الوضع، وكما يقال إن إخماد النار حين تنشب وتشتعل أسهل بكثير من إخمادها حين تنتشر وتتوهج نيرانها أكثر فأكثر

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1084 - الأربعاء 24 أغسطس 2005م الموافق 19 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً