العدد 1083 - الثلثاء 23 أغسطس 2005م الموافق 18 رجب 1426هـ

فرصة النفط الأخيرة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

نشرت "الوسط" في 17 أغسطس/ آب الجاري "الحساب الختامي الموحد للدولة للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2004 وتقريرا بشأن نتائج تنفيذ الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2004"، وهذه ربما المرة الأولى التي تنشر فيها البيانات المالية الختامية بهذا الشكل المتكامل منذ الاستقلال، ما يدعم الشفافية التي أصبحت "ضرورة" لأي بلد ينتقل نحو أجواء من الديمقراطية.

النواب كانوا حققوا عددا من الانجازات نحو تصحيح عدد من بنود الموازنة التي أقرت حديثا للعامين 2005 و.2006 وقد كانت احدى النواقص التي صاحبت مناقشة الموازنة انها كانت ضمن دائرة محدودة. ولذلك، فإن ما قامت به "الوسط" الأسبوع الماضي كان من أجل توسيع الدائرة لتصبح المعلومات متوافرة للجميع. فحاليا، يمكن مثلا للمواطن الأميركي ان يحصل على معلومات عن الموازنة على شبكة الانترنت، ويشارك المواطن العادي أعضاء الكونغرس والاختصاصيين في مناقشة بنود الموازنة.

البيان الختامي أوضح أن الإيرادات الفعلية للحكومة ازدادت في الفترة الماضية بنسبة 61 في المئة على ما كان مخططا له في الموازنة. ولكن البيان يشير الى أن النفط مثل نحو 73 في المئة من دخل الحكومة، وهو أكثر مما توقعته الحكومة بسبب ازدياد سعر النفط.

التقرير سيعرض على مجلس النواب خلال دور الانعقاد المقبل، ويأمل الكثيرون من النواب ان يمارسوا صلاحياتهم لمراجعة ما نفذته الحكومة من خلال الموازنة العامة وكيف التزمت أو خالفت الأرقام المعتمدة والأنظمة المالية.

إن الخشية من ازدياد موارد النفط تكمن في ان انعدام الانتاجية سيزداد بسبب الضغط الذي يوفره النفط. ففي الدول التي يزداد فيها الدخل الريعي "مثل ريع النفط" تجد الاستثمارات الرأسمالية في المشروعات الاستراتيجية تزداد، فيما يتم تقليل الصرف المتكرر. ولكن التقرير الختامي أشار الى أن المصروفات قلت في جانب المشروعات، ما يعني أن التوجه معكوس.

ان ازدياد الدخل النفطي يغري كثيرا، لأنه "بقرة حلوب" تغذي الممارسات البيروقراطية وغير المنتجة، وتغطي على العيوب التي تعشش في الإدارة العامة.

التقرير يشير الى ما حققته الحكومة في مجال التخطيط المتوسط المدى للمصروفات والاستراتيجية المتبعة لخفض النفقات من خلال التخصيص ومنح القطاع الخاص عقود امتياز في إدارة بعض الأنشطة والخدمات الحكومية ومبدأ استرداد الكلفة في تقديم الخدمات الحكومية ومراجعة مصروفات البرامج الحكومية، بالاضافة الى إدخال مفاهيم إدارة الأداء، وكل هذه الأسس جديرة بالاحترام.

هناك من يشير إلى ان تقليل الصرف الرأسمالي على المشروعات قد يكون بسبب عدم القدرة على الصرف، وقد يكون السبب ان كفاءة المنفذين ضمنت خفض الصرف مع تنفيذ المشروعات. لا نعلم الأسباب الحقيقية، ونأمل من النواب ان يستوضحوا الأمر ويخبروا الجميع من خلال حواراتهم ونقاشاتهم في الدورة المقبلة. ولكن هذا يشير الى اختلال التوازن في أبواب الموازنة. فالبحرين كانت أول دولة خليجية تنشر تقارير مالية في النصف الأول من القرن الماضي. ومناقشة البرلمانيين بنود الموازنة في مطلع السبعينات كانت التجربة الأولى بعد الاستقلال، ولكن سرعان ما انتهت بعد حل المجلس الوطني في 26 أغسطس .1975 وعليه، فإن أمامنا جميعا تحديات تتطلب منا ان نثبت لأنفسنا أن بلادنا تتحمل النقاشات الديمقراطية، وأن الحكومة تتحمل المساءلة... ذلك لأن الوفرة النفطية الحالية ربما تكون هي آخر فرصة لتصحيح أخطاء الماضي، وليس الى تكرارها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1083 - الثلثاء 23 أغسطس 2005م الموافق 18 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً