يقف الجميع حال دخوله، يقبلون الرأس مرة والكف ثلاثا. .. يقدسون الأرض التي تطؤها قدماه، ويلعقون الجدران التي تلامسها كفاه علهم ينالون رضا الأشراف. يتساءل بعضهم بدهشة واستنكار عما قد يجبر جاحدي فضله على تكبد نفقات العلاج في الداخل أو الخارج في حين يملك هو مفاتيح خلاصهم و... بلمسة يد.
هو صاحب الكرامات، وأبو المعاجز، شافي المرضى، وفاك الأزمات، وغير ذلك كثير من الأوصاف التي تنطبق على الحاج أو من يطلق عليه اتباعه "السيدة"، تيمنا وتبركا بسلطانة من سلاطين الجان يزعم أنها تعتمر رأسه وتوجهه لفعل الخير وتمنحه قوة شفاء المرضى وحل معضلاتهم، خصوصا إن كن نساء يائسات من أية قدرة للطب على رسم السعادة على شفاههن.
أتباعه والمؤمنون به ليسوا بحاجة الى قدم خروف أعرج، أو ريشة من جناح حمامة بيضاء عاقر، أو"فخذ" جرادة عمياء. ولن يطلب الحاج قطعة من شعر المصاب أو أظافره، أو ملابسه. لا أحد مجبر كذلك على دفع أي مبلغ من المال، وإن دفع فإنه يذهب لصالح ضريح عالم جليل، وكل "يمد رجليه على قدر لحافه". المطلوب فقط أن تسمح بكشف بعض أجزاء جسدك ان كنت رجلا، أو جميعها ان كنت امرأة، لتنال مسحة أو مسحات من كف الحاج المباركة والسيدة أو خاتون أو جنية ثالثة ما حالفنا الحظ لمعرفة اسمها.
الحاج "س. أ. أ" ليس شخصا عاديا، هو رجل يدعي الاتصال بالجن والقدرة على علاج أصعب الأمراض والآفات. لا يشغله أي كسب مادي ولا يريد سوى المسح بيده "المباركة" وتدليك الأجساد بمياه يزعم انها نقعت بتربة حسينية وقرأت عليها آيات قرآنية.
حاولت "الوسط" الدخول الى عالم الحاج أو السيدة في محاولة لمعرفة حقيقة ما يجري، وإن كان الحاج يملك فعلا أية قدرة خارقة كما يدعي كثر من اتباعه. هي زيارة إذن يجب القيام بها الى منزل الحاج لمعرفة الحقيقة، وهي رحلة اخذتنا بعد مشقة البحث والسؤال إلى منزل متهالك يقبع في حي قديم باحدى قرى المنطقة الغربية. لم يكن الوصول اليه سهلا، إذ إنه وعلى رغم معرفة جميع أبناء القرية به فإن أيا منهم لم يتمكن من تحديد موقع استقباله لمرضاه وزبائنه واتباعه، فهو كما يقول أحدهم "يغير موقعه باستمرار".
رحلة شاقة واجابات باردة
هكذا وفي أقدم "فريق" في هذه القرية وفي واحد من أقدم منازلها، وصلنا الى منزل الحاج الذي كان محشورا في زاوية تقع بين ما بدا مسجدا صغيرا، وآخر أثري كبير مهجور. بوابته تقع في نهاية زقاق ضيق يغلق المسجد أحد جانبيه بينما يتكفل الآخر باغلاق الجهة اليسرى منه.
دخلنا المنزل المتهالك وهناك كان واجبا أن ننتظر الحاج في صالة صغيرة تجلس في وسطها ثلاث نساء بدين في منتصف العقد الرابع من أعمارهن، حسبنا انهن قريباته لكن اتضح فيما بعد انهن لسن سوى بعض من تابعاته والمؤمنات به وان احداهن ترافقه على الدوام وتزوره يوميا قاضية جل وقتها في خدمته ورعاية أموره.
عشر من الدقائق مرت حاولنا خلالها التحدث مع تابعات الحاج علهن يطلعننا على بعض الحكايات والأسرار، لكنهن رفضن الحديث بل حتى الافصاح عما إذا كان الحاج قادرا على الاتصال مع الجن واخراجهم، وبلهجة باردة أجابت احداهن ممن بدت المسيطرة في الحلقة الثلاثية "ستعرفين كل شيء حين تقابلينه، سيخبرك هو بنفسه".
بركات منالأشراف، وإذن من التابعين
بعد دقائق فتح باب غرفة مجاورة لتخرج منه امرأة أحنت السنون ظهرها، ثم ليخرج الحاج من غرفته، وكانت المفاجأة. لم يكن مشعث الشعر، أسود الوجه، رث الملابس، كان رجلا عاديا بدا في نهايات عقده السابع، يحتفظ بنشاطه وبقامة مستقيمة، يرتدي ثوبا أبيض اللون نظيفا. دخل الى الغرفة، لم يلق التحية، بل وقف أمامنا وبدأ في التحديق في وجوهنا. للحظات اعتقدت اكتشاف أمرنا حين وجه الينا نظرة حادة ثاقبة، ربما أراد من خلالها اخافتنا وترويعنا، وأراهن ان تلك النظرة روعت كثيرا من زبائنه.
بادرته بالحديث قائلة:
أنت الحاج...
- رد بايماءة من رأسه ثم وجه النظرة ذاتها، قلت له: أريد أن أحدثك في أمر مهم.
مرة أخرى لم أتلق أية اجابة بل النظرة ذاتها، فسألته مرة أخرى:
هل يمكنني ان أجلس معك؟
- هنا استدار للمرأة المسيطرة في الحلقة الثلاثية واجاب "لا أدري" ثم سألها طالبا الاذن "ندخلهم؟"
وافقت المرأة ولا أعرف هل جاءت موافقتها تلك بناء على معرفتها بجدول مواعيده أم تفضلا منها علينا ورأفة بحالنا. هكذا من الحاج علينا بشيء من وقته، واقتادنا او اقتدناه الى غرفة العلاج. فضل ان يسير وراءنا والا يعطينا اية اشارات واضطررنا لسؤاله قبل أية خطوة نخطوها، "أي باب نطرق، والى أين نتجه".
وجهنا بكلمات مقتضبة الى غرفة صغيرة الحجم خانقة، لا منفذ فيها سوى باب يتيم. لا تحوي في أثاثها سوى فراش صغير ووسائد للجلوس "مساند" وثلاثة كراسي تملؤها الصفرة وتنبئ عن آثار بياض أخفته ايادي الزمن وزبائن الحاج وربما الجنيات و"الضر" الذين يغادرون الأجساد والأرواح عبر هذه الغرفة المظلمة الخانقة.
لقاء مقتضب ودعوة لنيل البركات
جلس الحاج على كرسي مجاور لطاولة وضع عليها اناء يمتلئ بماء ممزوج بالطين وزجاجات زيوت وفازلين وأشياء أخرى ما استطعت التعرف على ماهيتها. جلست على الأرض ومرة أخرى بادرني الحاج بالنظرة ذاتها، وسألني عما أريد، ادعيت ان لي قريبة تعاني من آلام في الرأس وتراودها كوابيس تجعلها تصرخ ليلا، كما نسمعها تحدث أحدهم في الحمام، وتساءلت ان كان ذلك يعني انها مسكونة بالجن.
منذ البداية لم يدع القدرة على اخراج الجن، بل انه رفض فكرة دخولهم في أجسادنا، لكنه أكد مهارته في كف أذاهم وشرهم عن بني البشر. والجن بحسب الحاج، أو كما يطلق عليهم الضر، لا يمكنهم اختراق اجسادنا كما قد يتوهم البعض، لكنهم يستطيعون احداث الضرر بنا بطريقة أو بأخرى.
يقول الحاج "حين نسقط على الأرض لا نعرف ما نقع عليه. اننا نقع على "الضر" الذين تتوقف طبيعة آذاهم على موقع سقوطنا فإن وقعنا على وجوهنا آذانا الضر في الجزء الأمامي من أجسادنا"... وبعبارة الحاج "حينها يضيع الضر حواسش، ويسلب رايش، ويشغل فكرش وقلبش"... أما إذا وقعنا على ظهورنا "فانه يكسر ضلوعش ويفكك ركبش ويفصم ظهرش".
وسألته هل يجب ان نتعرض للسقوط كي يؤذينا الجان؟!
فأجاب كلا الجان يؤذنونا في جميع الأحوال ويجب أن نقي أنفسنا من آذاهم.
وكيف يكون ذلك يا حاج؟
- بهذا "مشيرا إلى إناء يحوي ما بدا ماء ممزوجا بالطين"، أخبرني الحاج بعدها أنه ماء قد أذيبت فيه تربة حسينية وقرأت عليه آيات قرآنية...
وماذا عن قريبتي الآن يا حاج؟
- انت بحاجة لاحضارها ، يجب أن أراها لكي أقرر، فلربما كان ألم الرأس بسبب ضر أو بسبب دم متخثر يتجمع في أسفل رأسها
وهل تستطيع مساعدتها في كلتا الحالتين؟
- اذا كان دما متخثرا سنعمل لها حجامة، أما اذا كان ذلك ضرا فسنخلصها منه بمسح جميع أجزاء جسدها بهذا الماء.
توقفت عند كلامه ذاك وسألته "تقصد أنك ستقوم بالمسح على رأسها وقدميها"
- بل جسدها بالكامل، وحينها يجب ان أحصل على إذن زوجها إن كانت متزوجة أو ولي أمرها إن لم تكن كذلك ويضيف "ليست هي فقط من يجب ان تتمسح بهذا الماء بل جميع الناس يجب أن يفعلوا ذلك.
وماذا لو رغبنا في أن نأخذ قليلا من هذا الماء المبارك ونمسح به جسدها.
- يمكنك ذلك لكنك ستعودين مرة ثانية إلي. كثيرات أردن ذلك ثم عدن إلي مرة أخرى... جميعهن يردن يدي، جميعهن يردن أن أمسح على أجسادهن.
دليل ملموس في نهاية اللقاء
عشر دقائق أخرى كانت هي ما من الحاج بها علينا، بعدها وقف فجأة معلنا انتهاء الزيارة. خرجنا على أمل أن نعود إليه بقريبتنا في زيارة مقبلة وفي الأوقات التي تحضر فيها الجنيات في كل مساء. اقتادنا الى خارج الغرفة، هذه المرة سار أمامنا ثم أخذنا الى الصالة الأولى وهناك عرض علينا رشفة من شايه أو قهوته، وحين رفضنا ألح في عرضه زاعما أن مشروباته مباركة وانها تشفي من الضر والسقم لأنه قرأ عليها وباركها بنفسه.
وفي محاولاته لاقناعنا بقدراته الخارقة قدم لنا دليلا ملموسا على ذلك يتمثل في طفل صغير انطقه الحاج بعد ان كان الضر قد أخرسوه لسنوات وبعد أن عجز الطب الحديث عن علاجه.
كل العلاجات الا الجراحة
في اليوم التالي كان لا بد أن نعود مرة أخرى ، هذه المرة الى المعسكر الرجالي لنرى كيف يختلف تعامل الحاج مع الضر الذي يصيب الذكور وكيف يعالج أمراضهم. فعلا كان الحاج مختلفا لطيف المعشر ذا نكتة، تجاذب أطراف الحديث مع جميع الحاضرين، ومسح بيده على رؤوسهم ووجوههم وبطونهم وظهورهم وأقدامهم فقط. أما الزبائن فقد بدا عليهم التأثر الشديد بلمساته وكلماته، أحدهم كان قد احضر صغيرته لتنال بركات الحاج بعد أن لسعتها بعض الحشرات ليلا فسببت لها تورما واحمرارا على ظهرها، يقول والدها "لا حاجة لي للجوء إلى أي اختصاصي أمراض جلدية ما دامت يد الحاج المباركة موجودة".
زبون آخر تحدث باسهاب عن الحاج وقال "انه يستطيع معالجة كل الأمراض، الشيء الوحيد الذي لا يستطيع القيام به هو الجراحة، لكن من المهم أن يكون لديك يقين بقدراته والا فلن تستفيد من بركاته".
يداه تزيلان الهم والغم
تحدث هذا الشخص وهو موظف حكومي، عن تجربته الشخصية مع الحاج قائلا "أواظب على زيارة الحاج منذ 25 عاما وقد حدثت لي معه حادثة غريبة ففي احد الأيام تشاجرت مع زميل لي في العمل فأصبت بحال شديدة من الضيق والكآبة. ولذلك قررت أن أتجه مباشرة من مقر عملي بعد انتهاء الدوام الى منزل الحاج على رغم علمي بعدم نزول السادة الأشراف في ذلك الوقت ما يعني ان الحاج لن يكون قادرا على مباركتي".
ويضيف "على رغم ذلك قررت الذهاب وألححت عليه في أن يمسح وجهي بمياهه المباركة، وحين فعل زال عني الهم والغم في الحال".
زبائن الحاج يحضرون مصطحبين أسرهم بالكامل صغارا وكبارا، وبينما تتجه الزوجة وصغيراتها للغرف المخصصة للنساء، يتجه الرجال الى المأتم. وعلاج الرجال ومباركتهم تختلف عن تلك المقدمة للنساء، إذ إن الأول يتم في المأتم وعلى مرأى من الجميع، أما علاج النساء فيتم بشكل فردي وفي الغرفة الصغيرة الخانقة، وبحسب كلام أحدهم "تطفأ الأنوار في حال تطبيق أي علاج على أية مريضة".
عالج والدتي... ثم ماتت
أحد الأشخاص ممن كانوا موجودين حال حضور "الوسط" وهو شخص قارب الـ 60 من عمره، يقول إنه يواظب على زيارة الحاج منذ زمن طويل ومنذ أن وقعت والدته في أحد الأيام على أرض الحمام، ليخبره الأطباء أن "مخها افتر وحوضها انكسر" ولتنصحه احدى الممرضات بأخذها الى "مطوع" ليقرأ عليها.
يقول "نصحوني بالاتجاه الى الحاج، فقام بمسح جسدها بيده الطاهرة وطلب مني أن أتركها في غرفة منفصلة لمدة عشرة أيام، وان أترك لها الطعام فقط ولا أفتح لها الباب".
ويواصل "كانت والدتي تصرخ بشدة أثناء الليل، لكنني وبناء على نصيحة الحاج لم أفتح لها الباب، وفعلا تحسنت والدتي بعد فترة" ثم يختم حديثه بعبارة مقتضبة "وان كانت قد توفيت بعد ذلك بقليل".
ويتدخل الموظف الحكومي وهو في العقد الخامس من عمره، معلقا بالقول "يجب أن تسلم أمرك للحاج، وألا تسأله عن أي امر، فقط ثق به وكن على درجة كافية من اليقين به".
ويستشهد ببعض من خوارق الحاج قائلا: "في أحد الأيام وبينما كنت في زيارة للحاج نطق فجأة بلسان الأشراف وقال لي "سنزورك الليلة في منزلك". سعدت لذلك وليلا فوجئت بنور غريب يقتحم منزلي، فأصبت بالخوف وبدأت أرتعش بشدة ، ثم طلبت من الأشراف التوقف وفعلا عادوا من حيث أتوا".
ويواصل "في اليوم التالي أخبرت الحاج بما حدث فضحك طويلا ثم قال إن الأشراف أخبروني أنه لم يتحمل زيارتنا".
وجلسات عديمة الخصوصية للرجال
بعد الأحاديث المطولة مع زبائن الحاج حضر الى المأتم فوقف له الجميع احتراما ليصافحهم باليد واحدا بعد الآخر وليتلقى منهم قبلات الاحترام على رأسه وكفيه، ثم ليجلس الجميع ويبدأ في مسح رؤوسهم وأقدامهم وبطونهم وظهوروهم بمائه المبارك واحدا بعد الآخر، وليعرضوا عليه ما يعتريهم من آلام ومتاعب.
يقول أحد زبائن الحاج الذي يحتفظ بولائه له وللأشراف، ولذلك يواظب على حضور مجلسه باستمرار "ليس من اللياقة أن تنقطع عن زيارة الحاج والتبرك به بعد أن تحصل على فائدتك منه".
لذلك فإن مجلس الحاج الذي يبدو عامرا على الدوام يمتلئ في واقع الأمر بالمخلصين له والمؤمنين بقدراته، ممن غلبت عليهم الآلام واقنعتهم بركات الحاج وقدراته الخارقة. زبائن الحاج هؤلاء يأتون من مناطق مختلفة، بعيدا عن القرية التي يقطنها، أما سكان القرية فلا يطرق باب الحاج منهم أحد.
وللأهالي موقف آخر
بعض هؤلاء السكان يجدونه رجلا بسيطا بينما يرى آخرون انه يعرف جيدا ما يفعل وينقلون قصصا مروعة عن نساء تعرضن لاعتداءات جنسية من الحاج، يقول أحد أهالي القرية "حاولنا بقدر الامكان ايقاف الحاج عن ممارسة نشاطاته، لكننا لم نستطع، فالحاج على ما يبدو مدعوم من قبل بعض الأفراد ذوي الوجاهة، وما يثبت هذا الكلام زيارة بعض النساء اللواتي يبدو عليهن الثراء سواء من خلال مظاهرهن أو بسبب السيارات الفارهة التي تقلهن إلى مقره له"
ويضيف "الحاج ليس شخصا سيئا بل انه مغلوب على أمره، البطانة المحيطة به هي مصدر الفساد، كما ان جميع الأموال التي تؤخذ من الناس بدواعي التصدق للضريح تذهب الى جيوب بعض المحيطين به".
آخرون من أهالي القرية يزعمون ان نفقات الحاج أكبر بكثير مما تحتمله موازنته، إذ إنه متقاعد منذ سنوات طويلة وليس له مصدر دخل آخر سوى راتب التقاعد، بينما يرى آخرون أنه لا يفعل ما يفعله لأغراض مادية، بل انه يعتقد فعلا بقدرته على الاتصال بالجنيات الثلاث، ويؤمن بأنه شخص يحمل رسالة.
خوف كبير ومحاولات كثيرة تبوء بالفشل
على رغم كل اعتراضات الأهالي ورفضهم واستيائهم مما يحدث في منزل الحاج فإن أحدا منهم لا يجرأ على البوح بما تعتلج به نفوسهم خصوصا بعد ما حدث لأحد رجالات القرية الذي حاول منذ سنوات التصدي للحاج واتهامه باستغفال الناس واللعب بعقولهم، لتتصدى له في المقابل مجموعة من محبي الحاج واتباعه بل وحتى من اقاربه ومن غير المؤمنين به.
وصل الأمر الى التهديد بالقتل وحين لجأ صاحبنا للأمن، طلب منه احضار شهود على ما يقول، ولأن ذلك كان أمرا من المستحيلات توقف مشروع هذا الرجل الغيور، وبقي الحاج يواصل اضفاء بركاته على المغلوبين على أمرهم.
بعد ذلك جرت محاولات أخرى لكنها باءت جميعها بالفشل، بعض تلك المحاولات حاولت ايصال الأمر لقوات الأمن لكنها فشلت بسبب عدم وجود دليل ملموس يثبت صحة الاتهامات الموجهة للحاج. محاولات أخرى للجوء إلى القضاء فشلت أيضا بسبب عدم رغبة الأهالي في الشهادة على الحاج واثبات ما يحدث بين جدران ذلك المسجد وكذا التأكيد على اساءة استغلاله لبيت من بيوت الله.
يقول أحد الأشخاص "ما يمنع أهالي القرية من التحرك على الموضوع هو خوفهم من بطش بعض اتباعه والمؤمنين به كما يعتقد بعضهم بوجود من يدعمه من المتنفذين".
كمين يكشف الحقيقة ويثبت الاتهامات
يقول أحد الأهالي "في إحدى المرات، واستجابة من قوات الأمن للشكوى التي قدمها الأهالي، تم عمل كمين للحاج إذ أرسلت له احدى الفتيات التي ادعت حاجتها لمباركة الحاج، وعندما اختلى بها طلب منها نزع ملابسها وحين رفضت حاول فعل ذلك بالقوة".
ويضيف "زعمت الفتاة أيضا أنها شاهدته يقوم بتجريد الزبونة التي سبقتها من ملابسها ثم يدلك جسدها بالكامل بمياهه".
وعلى رغم ثبوت التهمة على الحاج فإنه لم يتم اتخاذ أي اجراء ضده سوى انه تم توقيفه لعدة أيام ثم اطلق سراحه، ليعود لممارساته بعد فترة توقف قصيرة.
تساهل من الأمن... ولوم لرجال الدين
أهالي القرية الذين بدوا مغلوبين على أمرهم حيال ممارسات الحاج وبطانته، اشتكوا من تجاهل رجال الأمن وتساهلهم مع هذه القضية، كما ألقوا باللوم على وجهاء القرية وعلى المؤسسات الدينية ورجال الدين في القرية. من جانبهم عبر بعض مسئولي المؤسسات الدينية عن عدم قدرتهم على فعل أي شيء حيال هذا الأمر ما لم تكن هناك بينة على أن الحاج يقوم فعلا بهذه الممارسات خصوصا فيما يتعلق بقضية ملامسته للنساء.
وتحرك المبارك استجابة لاتصال "الوسط"
الشيخ حميد المبارك أكد في اتصال هاتفي مع "الوسط" انه تحدث مسبقا مع بعض رجال الدين في القرية ليتحركوا ضد هذا الموضوع لكن لم يصدر منهم أي شيء واكتفوا بالتزام الصمت إزاء ما يجري من انتهاكات.
أما بخصوص موقف الدين من هذه الممارسات فيقول المبارك: "للدين موقف سلبي من الشعوذة، هذا عدا عن الموقف من انتهاكات الأعراض واستغلال عقول الناس وخداعهم".
وأضاف "هذه حال غير مرضية لا دينيا ولا عقليا، وأنا أتعجب من قبول أهالي المنطقة لهذا الوضع الاستغلالي الدنيء المخالف للدين".
أخيرا أكد المبارك انه استجابة منه لاتصال "الوسط" قرر التحرك من جديد ضد هذا الأمر والاجتماع مع وجهاء القرية لإيقاف الحاج عن تلك الممارسات.
والداخلية ترد
في محاولة لكشف حقيقة ما يحدث ومعرفة موقف رجال الأمن من هذه القضية حاولنا الاتصال بالمسئولين في وزارة الداخلية، تحدثنا مع محمد القوني من قسم العلاقات العامة بالوزارة، وقد أبدى انزعاجه الشديد مما سمع وتوعد بالتحقيق في الموضوع والعودة الى "الوسط" بالنتائج. كما أكد القوني عدم تساهل الوزارة في أية قضية "تمس أعراض المواطنين وشرفهم"
العدد 1083 - الثلثاء 23 أغسطس 2005م الموافق 18 رجب 1426هـ